63 سنة من تاريخ اتحاد كتاب المغرب» 11- المؤتمر العاشر للاتحاد .. أسئلة الواقع وتحولاته

الاستقلالية ضمنت تفرد الاتحاد داخل محيطه الإقليمي

 

احتضنت مدينة الرباط خلال أيام 20-21-22 يناير ، وقائع المؤتمر العاشر لاتحاد كتاب المغرب الذي انعقد في سياق مرحلة ثقافية صعبة تميزت ببروز العديد من العناصر التحول داخل النسق الثقافي ببلادنا من جهة، وداخل بنية المجتمع بكامله من جهة أخرى وقد أخذت مسألة الاستقلالية، حيزا هاما من أشغاله إلى جانب مناقشة الوضع الثقافي بالبلاد، والإجابة عن الكثير من الأسئلة ورهانات المرحلة،

بفعل التحولات التي طرأت نهاية الثمانينات، ليس على نسيج الاتحاد فحسب، ولكن أيضا في النسيج الثقافي بصفة عامة وهو ما استدعى حسب افتتاحية الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي ليوم 15 يناير 1989 «صياغة تحليل دقيق الملامح للوضع الثقافي بالمغرب، ووضع خطة عمل تستجيب لمستجدات المرحلة دون أن تدير ظهرها للرصيد النضالي الهائل الذي شكل حتى الآن جوهر مصداقية الاتحاد واستمراره منظمة وطنية ديمقراطية ومستقلة.
لقد عرف اتحاد كتاب المغرب ­ بعد مضي أكثر من ربع قرن على تأسيسه توسعا مهما في عدد المنتمين وفي نوعية إنتاجهم الثقافي وكان لهذا التوسع تأثير مباشر على صيغ العمل داخل الاتحاد، إذ لم يعد مفهوم الممارسة الثقافية مقتصرا على اعتبار الاتحاد منبرا لإبداء الرأي والجهر بالمواقف، بل أصبح يعني بشكل خاص محاولة خلق علاقة حقيقية مع الانتاج الثقافي المغربي، متابعة وتحليلا وتوسيع إمكانيات تداوله وتأثيره».
هذه التحولات التي مست طبيعة الممارسة تقتضي شروطا جديدة للنضال الثقافي داخل الاتحاد، لهذا كان لزاما على الاتحاد وقتها البحث عن» وسائل العمل الضرورية لتوسيع حقل تدخله الثقافي، قد يبدو هذا الشرط بعيد التحقق في الظروف الحالية، خصوصا وأن الجهات الرسمية مشغولة بإغداق العطايا والمساعدات على الجمعيات الذيلية التي لا وجود لها خارج المواسم والمقرات الفاخرة، ومع ذلك فإن الوضعية لا تمنعنا من تجديد المطالبة بوضع جزء من الإمكانيات العمومية تحت تصرف جمعية تضم في صفوفها كل الفعاليات الثقافية المغربية».

1 – مؤتمر ضد الاحتواء

شكلت مسألة الاستقلالية داخل الاتحاد، منذ تأسيسه، هاجسا لجميع قيادته ومكاتبه المركزية، جعله ينأى عن كل تعصب أو شوفينية ترتهن لهيئات أخرى خارجه أيا كانت مرجعياتها، سياسية أو ثقافية أو رسمية، وبهذا حافظ الاتحاد على تجربته التي أنصتت لكل الحساسيات، تشبعا بروح الاختلاف وانتصار للكتابة أساس وجوده. وقد أخذت هذه المسألة حيزا مهما من نقاشات المؤتمر العاشر، ولو أنها كما جاء في عدد الخميس 26يناير 1989 في عمود «كل خميس»: «طرحت وتدوولت على هامشه ولم تطرح في لجانه وجلساته العامة، في حين أن قضية من هذا الحجم وهذا المستوى كان ينبغي أن يقع التأكيد عليها ضمن مقررات المؤتمر وتوصياته، لتكون ضابطا للعلاقة ما بين الكتاب المغاربة، وبينهم وبين أية جهة ثقافية أو سياسية كيفما کانت.»
العمود توقف أيضا عن تفرد اتحاد كتاب المغرب عن كثير من الاتحادات العربية المماثلة، وهو التفرد النابع من هذه الاستقلالية في قراره، الشيء الذي جعله، حينها، مستهدفا من طرف أكثر من جهة،» السلطة الرسمية السياسية والثقافية، وهذا الاستهداف يمكن فهمه في إطار الصراع الطبقي الدائر بالمغرب، وباعتباره جزءا من الاستهداف العام الذي يتوجه للأحزاب والنقابات والجمعيات الديمقراطية والتقدمية.» هذا الاستهداف يوازيه استهداف «أيضا من جهات عربية ترى في اتحاد كتاب المغرب نوعا من النشاز في الساحة الثقافية العربية، وبالتالي فإن هذا الاتحاد ينبغي استقطابه ودمجه في منظومة الاتحادات الموالية».
المؤتمر العاشر كان واعيا بهذه المحاولات الاختراقية التي سعت الى تدجينه وتطويعه، إلا أنه استطاع وأثبت قدرته على تدبير الاختلاف واحتواء كل الحساسيات، والتكتل دفاعا عن هذا المبدأ السامي.

2 – الرهان على المستقبل

ولأن «الملحق لثقافي» لجريدة الاتحاد الاشتراكي، واكب مسيرة الاتحاد منذ تأسيسه، وعايش مخاضاتها وقلق أسئلتها، فقد واكب أيضا المؤتمر،بطرح تصوره عن القضايا والانشغالات التي اعتبرها ملحة ويجب الخوض فيها. ففي عدد 27 يناير1989 طرح عددا من الأسئلة المتعلقة بمستقبل الاتحاد بعد مؤتمره العاشر منها : كيف سيستمر اتحاد كتاب المغرب كمنظمة ثقافية وطنية في المحافظة على استقلالية توجهاته بدون لأن يرهن مصيره بمؤسسات أو جهات مختلفة؟
2 – كيف يستطيع اتحاد كتاب المغرب أن يمثل جدلية التعدد والتنوع التي تبلورها الساحة الثقافية من خلال فعالياتها المختلفة؟
-كيف يستطيع الاتحاد أن يكون مبادرا في طرح القضايا الحيوية وفي توجيهها، سيما وأن الحقل الثقافي قد بدأ يعرف ­ في الآونة الاخيرة ­ ظهور العديد من الجمعيات،التي صارت تستعير شعارات التفتح والليبرالية، لتخفي مظهرها الثقافي الظلامي.
واعتبرت الجريدة أن هذه الأسئلة شكلت رهانات الفعل الثقافي الجاد، وهي نفسها الأسئلة التي استقطبت نقاشات المؤتمرين، سواء داخل لجنة الثقافة والمطالب أو لجنة القانون او لجنة البيان العام أو داخل الجلسات العامة والتي تمحورت حول ضرورة تعميق استراتيجية التحرر الثقافي ببلادنا من خلال تأكيد وجود صراع حاد بين ثقافتين متناقضتين، بالإضافة إلى ضرورة أن يمنح اتحاد كتاب المغرب صفة جمعية ذات نفع عام، وتعديل القانون بما يمكن من استيعاب شروط العمل الثقافي الجديدة، ويمكنه بالتالي التجاوب مع التوسع الفعلي الذي عرفه الاتحاد في السنوات الأخيرة.

3 – المؤتمر وأسئلة الواقع

المؤتمر العاشر لم يحد عن خطه الملتحم بنضالات المجتمع في الواجهات المدنية والسياسية، مؤكدا في بيانه العام:
إدانته لتدهور الاوضاع الثقافية العامة الناتجة عن الاختيارات الرسمية المتبعة.
التمسك بمبادئ الدفاع عن الوحدة الترابية وتعزيز الاستقلال بتحرير ما بقى من أراضينا تحت نير الاستعمار الإسباني، مؤكدا على ضرورة تعبئة ديمقراطية شاملة
موقفه المبدئي الداعم لانتفاضة الشعب الفلسطيني
ارتياحه العميق لوقف الحرب العراقية الايرانية
اعتزازه بتطور العلاقات المغاربية
المؤتمر أصدر ­ من جهة ثانية ­ ملتمسين واحد للتضامن مع الشعب الليبي ضدا على العدوان الامريكي، وثان للتضامن مع نضالات عمال مناجم جرادة وكانت آخر محطات المؤتمر انتخاب المكتب المركزي الجديد مكونا من الاخوة محمد الأشعري رئيسامحمد العياشي الدغمومي، عبد الغني أبو العزم، سعيد يقطين، عبد الجبار السحيمي، عبد الحميد عقار، محمد الهرادي، محمد عنيبة الحمري، عبد العلي الودغيري.


بتاريخ : 04/04/2023