أنهى المؤتمر الخامس عشر أشغاله بالمصادقة على نتائج انتخابات هياكله الإدارية الجديدة،
وبتجديد الثقة في الشاعر حسن نجمي رئيسا للاتحاد
وكان نجمي قد اعتبر في كلمته الافتتاحية للمؤتمر 15الذي افتتحت أشغاله بمسرح محمد الخامس بالرباط، يوم الجمعة9نونبر 2001، أن
أربعين سنة من عمر الاتحاد ومن تاريخ الثقافة المغربية الحديثة والمعاصرة كانت ثرية من حيث التراكم الفكري والأدبي والرمزي ومن الحضور الثقافي الذي ملأ الفراغ والمساحات، بل وعوض في بدايات الستينات والى حد ما الوظيفة الثقافية للدولة. اذ في الوقت الذي كان يتهيأ فيه الاتحاد لينتخب ثاني رئيس له سنة 1968، فكرت الدولة لأول مرة في تاريخها في أن تخصص لتدبير الشأن الثقافي وزارة خاصة.
وأكد نجمي في نفس السياق أن تجديد الممارسة الثقافية والتفكير في التجاوز وبناء الإبدالات والتصورات المختلفة، لا يعني بأي حال من الأحوال «قتلا للأب» أو قطعا للجذور لأن التجديد غير ممكن بدون حرص على مقتضيات الاستمرارية وتكامل الحلقات،وذلك بالوعي التاريخي المطلوب والضروري، وبروح التنسيب والتواضع والتتلمذ وحسن الإنصات وممارسة النقد والنقد الذاتي، مؤكدا أننا «نتجه نحو المستقبل ونحن نجدد علائقنا بمرجعياتنا وأصولنا ومعالمنا التاريخية. ونظل في اتحاد كتاب المغرب وفي الثقافة والادب ببلادنا مطوقين بدين وازن تجاه أساتذتنا الكبار وزملائنا في الكتابة والتفكير، وبالاخص منهم أعضاء الاتحاد الذين رحلوا عنا خلال هذه العقود الأربعة المنصرمة».
نجمي طرح أيضا أسئلة من قبيل الحاجة الى اتحاد كتاب المغرب، ولاتحادات الكتاب بشكل عام؟ بالاضافة الى التضييق والقمع الذي يقابل به الكتاب والإبداع، ومحاولات
اختراق هذه الاتحادات أو ابتلاعها أو تدجينها، مشيدا في نفس الآن بمواقف الكتاب تجاه هذه المحاولات التي تهدد كيانهم ومختبرهم الروحي وتمس كرامتهم ومساحاتهم الحرة.
ولفت نجمي الى أن سؤال الحاجة تبرره أن «الاتحادات الأدبية والثقافية، وجدت لتمنح أحجاما تلمس بالأيدي، ولتجعل الأفكار كائنات حية تتجسد وتتمظهر. وبهذا المعنى، ظل اتحادنا،اتحاد كتاب المغرب – منذ أربعة عقود خلت – إطارا حرا مضيئا يوشج العروق والأهداف ويرص الصفوف يوحد المواقف. ينتج القيم النبيلة، يبتكر الأسئلة الجديدة. يختبر الأفكار الجريئة. يدشن الخط المختلف ويعطي للممارسة الثقافية معنى وفاعلية، ويوفر فضاء حرا للحوار الثقافي المنتصر للحداثة والوعي بالتاريخ، والمنخرط في جبهة الفكر النقدي والحريص على إثراء المتخيل وشغب التفكير والكتابة»، مذكرا بما عاشه اتحاد كتاب المغرب عبر امتدادات السنوات والعقود الماضية، من صور الاضطهاد والمصادرة حين
اقتيد إلى غياهب السجون والمعتقلات المجهولة والمعلومة أدباء ومثقفون وباحثون، كان أغلبهم من أعضاء اتحاد كتاب المغرب وكان أغلبهم شعراء : محمد الحبيب الفرقاني، محمد الوديع الاسفي، عبد اللطيف اللعبي، عبد القادر الشاوي، علال الأزهر، محمد الاشعري، عبد الله زريقة، صلاح الوديع، علي الادريسي القيطوني، ابراهيم الانصاري، توفيقي بلعيد وآخرون.
واضطهدت كتب مغربية خلال السنوات العصيبة: رواية «أكادير» لمحمد خير الدين، رواية سيرة «الخبز الحافي» لمحمد شكري، رواية «كان وأخواتها» لعبد القادر الشاوي، «أغلال الماضي» لمحمد البريني، كتاب «الحريم السياسي» لفاطمة المرنيسي، كما اضطهدت العديد من القصائد والكتابات الأدبية والفكرية والإعلامية نذكر منها قصائد وكتابات الشاعر أحمد بلبداوي والشاعر المرحوم عبد الله راجع، وصولا الى قصيدة مناضلة حقوقية اختارت ان تجرب صوتها الشعري دفاعا عن عراء الروح وعزلة الجسد الأنثوي المراقب.
وصودرت مجلات فكرية وثقافية وأدبية أبرزها مجلات «الثقافة الجديدة»، «البديل»، «الجسور» ، «الزمان المغربي»، واختفت مجلات أخرى جادة بفعل فاعل معلوم من أبرزها مجلة «كلمة» و «لاماليف» وحوكمت صحف وطنية ومنع بعض رسامي الكاريكاتور من ممارسة سوادهم على البياض. اضطهدت الفكاهة والسخرية الفنية الجادة.
وأكثر من ذلك، صودرت أصوات حرة لعلماء أحرار ولفقهاء أجلاء. وأقيمت أسيجة الحصار على كان له رأي في أمور الله وأمور الوطن، وصودرت الجنسية المغربية من مناضل تقدمي مغربي، فقط لأنه كان مختلفا وله أفكار وعناد وإرادة عصية.