63 سنة من تاريخ اتحاد كتاب المغرب 14– تدبيرالاختلاف داخل المؤتمر العاشر

كتاب ومثقفون يقرأون رهانات المرحلة ثقافيا 3/3

لم يكن الاختلاف يوما معطلا لمسيرة الاتحاد بقدر ما كان عنصر إغناء وتخصيب للتجربة وتقويمها أحيانا بالنقد والتحليل، وهو ما يستشف من ارتسامات الكتاب بعد انعقاد المؤتمر العاشر لاتحاد كتاب المغرب، التي نشرتها جريدة «الاتحاد الاشتراكي» في الصفحة الأخيرة من عدد 27 يناير 1989، والتي استقاها الصحفي الراحل المهدي الودغيري، حول المؤتمر وحول المرحلة الثقافية والمكانة التي يحتلها الاتحاد:

محمد زهير: أسباب التعثر 

هناك إدراك عام بأن ثمة خللا في واقع اتحاد كتاب المغرب، وهو خلل يعزى إلى شروط ذاتي،وأخرى موضوعية. فالواقع أن رؤية الاتحاد للعمل الثقافي وممارسته له لم تتطور بما يستجيب لمستجدات الراهن، ولذلك تضيع منه المبادرةعوض الإمساك بها.
إن المعتاد اليوم بين مثقفي الاتحاد استحضار لحظات من تاريخ الاتحاد بنوع من الحنين، ولربما الحسرة، وهو أمر إذا كان يؤكد على الوضع غير المريح للاتحاد باعتبار أن الإلحاح على استحضار الماضي، ويعكس تأزما في الحاضر، فإنه يفرض بشكل مهم دراسة المتغيرات في شروط اللحظة ثقافيا، بعقد مناظرة مثلا ورهن عمل الاتحاد بما يمكن أن تتيحه من خلاصات وهذا أمر يقتضي الاستعجال جدا في نظري لأهميته بخصوص وعي الاتحاد بشروط عمله ووظيفته، وفاعليته قدرما هو أكيد تشبته باستقلاليته وحرصه على ديمقراطيته.
إن أسباب التعثر الذاتية لا تقع تبعاتها مع المكتب المركزي ومنفردا وإنما هي شراكة بينه وبين الفروع، وكل أعضاء الاتحاد.
لقد جسدت المناقشات التي دارت خلال المؤتمر الكثير من المشكلات المتفاوتة في حجم الضغط والتأثير، وطرحت مقترحات لإعلان تجاوز بعض السلبيات نأمل أن تجد سبيلها الى الانجاز مما يتيح للاتحاد ان يكون في مستوى مسؤوليته وألا يؤثَّر على مصداقيته.
محمد دراعو: مشروع ثقافي وطني 

شكل المؤتمر العاشر لاتحاد كتاب المغرب نقطة تحول تنسجم مع المتطلبات المرحلية والمستقبلية لصيرورة الاتحاد، خاصة وأن المسألة الثقافية في إطارها الوطني الديمقراطي ­ وخلال الآونة الأخيرة ­ باتت من الرهانات المركزية سواء في المشروع الرسمي أو شبه الرسمي أو في مشروع الجمعيات التقدمية المستقلة كاتحاد كتاب المغرب مثلا: لذا كان من المفروض صياغة مشروع ثقافي وطني قادر على المجابهة من جهة ويحمل في طياته آليات إنجاز من جهة ثانية، ويبدو أن أوراق العمل المقترحة على المؤتمر العاشر والتي صودق عليها بالإجماع تعكس هذا التحول وهذه الاستراتيجية. كما أن أعضاء المكتب المركزي للاتحاد ­الجدد منهم على الخصوص ­ واعون بمهامهم المستقبلية، حتى يبقى اتحاد كتاب المغرب مؤسسة ثقافية وطنية ديمقراطية مستقلة.

محمد الرحماني: تعميق
 الاستقلالية والديمقراطية 

بالرجوع إلى بعض مؤتمرات الاتحاد السابقة، والتي اعتبرها محطات نوعية ودالة في مسيرة اتحادنا المؤتمران الرابع والخامس مثلا، أرى أن المؤتمر العاشر افتقر لذلك الحضور الكيفي والكمي للأعضاء، وبالتالي غياب ذلك الشغب الصادق والجميل في مناقشات الجلسات العامة.
صحيح أن لجان المؤتمر اشتغلت في جو من الفاعلية والجدية، واستدركت ­ نسبيا ­ صدمة الإحباط التي سادت قاعة المؤتمر عقب الاستماع للتقرير الأدبي الذي جاء فقيرا من حيث تقييم تجربة الاتحاد فروعا ومركزا للفترة مابين المؤمرين التاسع والعاشر، ومن حيث استشراف آفاق العمل استقبالا.
إن وضعية اتحاد كتاب المغرب، وقد استكمل العقد الثالث من تأسيسه، تطرح على الجميع ­ مكتبا وفروعا واعضاء­ الاسراع بالعمل على:
أولا: استرجاع الأعضاء الذين جمدوا عضويتهم، وضيعهم الاتحاد من بين صفوفه.
ثانيا: الدفع بالاعضاء الجدد للمزيد من الحضور الثقافي الفاعل.
ثالثا: تشريك جميع الفاعليات من أعضاء الاتحاد في التقرير، تعميقا لاستقلالية وديمقراطية الاتحاد.
رابعا: الإسراع بعقد ندوة مرور ثلاثين سنة على تأسيس الاتحاد، والتي أوصت بها اللجنة الثقافية، يحسن أن تكون مناسبة لتجميع سائر الطاقات، وتدارك ما يكون قد ضاع في المؤتمر الأخير.

بطبيعة المرح والسخرية المعروفة فيه، قال لي الصديق الشاعر أحمد المسيح ونحن ننظر الى السبورة إشفاقا منا على الزميل بوحسن الذي تعب في رسم المربعات لكل مرشح،إن أهم ما ميز يوم انتخاب المكتب المركزي هذه الدورة، هو أن التصويت جرى في الضوء أي في واضحة النهار، بينما جل الدورات السابقة كانت تختم أشغالها مساء، وخلال ليلتين فقط، عوض ثلاث التي عرفها المؤتمر العاشر . ومن جهتنا وبعد عملية حسابية متواضعة وجدنا أن كل يوم يساوي سنة، وثلاثة أيام تساوي ثلاث سنوات، وهي المدة التي ربما أصبحت تفصل بين مؤتمرين، ثم بعملية حسابية أخرى نجد أن سنة تساوي 10 سنوات، وثلاث تساوي 30 سنة، وهي العقود الثلاثة التي مرت على تأسيس منظمة اتحاد كتاب المغرب.

الراحل المهدي الودغيري متابعا لفعاليات المؤتمر

مؤامرة مسرحية !

أول المتدخلين في المناقشة المغلقة للمؤتمر كان عبد القادر البدوي الذي أثار مسألة حماية أعضاء اتحاد الكتاب من هجومات الآخرين عليهم، ولكي يوضح هذه الإثارة، أكد البدوي على ماجاء في برنامج تلفزيوني من قذف في شخصه أثناء بث حلقة خاصة بالمسرح المغربي سجلها معه البرنامج لوحده، معتبرا الطريقة بل المونتاج الذي اعتمد فيه على رد بعض المسرحيين المغاربة على تصريحاته للبرنامج، مؤامرة مدبرة ضده.
وهنا تقدم عبد الحق الزروالي باعتباره أحد المتهمين الذين تآمروا على البدوي – على حد تعبير هذا الأخير – الى المنصة موضحا وجهة نظره. وقد عقبت رئاسة المؤتمر بأن الاتحاد لا دخل له في مثل هذه الجزئيات.

لغة السوق !؟

أشار الدكتور محمد عزيز لحبابي في تدخله الوحيد أمام المؤتمر إلى ضرورة
إبعاد الدارجة من الكتابة – سواء كانت أغنية أو مسرحية أو غيرهما لأن الدارجة في رأي الدكتور – لغة السوق!
وقد علق أحدهم قائلا : إن مثل هذا الكلام يكرره الاستاذ منذ زمان، في وقت نجد أن هناك مبدعين يكتبون قصائد زجلية رائعة وآخرين يؤلفون مسرحيات بالدارجة هم الآن من أنجح المبدعين بالمغرب ؟!

تشبيب الاتحاد

لوحظ أن بعض الأعضاء الجدد في اتحاد كتاب المغرب هم الذين كانوا يتحركون ينشطون أكثر من سواهم، سواء داخل اللجن المشكلة لصياغة المقررات والتوصيات، أو أثناء المناقشات العامة التي عقدها المؤتمر. وهذا يدل على أن الاتحاد عازم على تشبيب صفوفه. فإذا عمل الإخوة في المكتب المركزي الحالي على استعادة الاعضاء القدامى الذين غابوا عن المؤتمرات في دوراتها الأخيرة معناه أننا سنجابه المرحلة القادمة بما تتطلبه منا من حزم وجدية.

قبل الترشيح

اسم واحد من المرشحين الى المكتب المركزي الجديد سجل تدخله أثناء المناقشات العامة، وهو الأستاذ عبد العالي الودغيري، الذي وقف عند فقرة وردت في ورقة البيان العام حول التمسك بلغتنا القومية وأخذ الحذر من الغزو الثقافي والفرنكفونية على الخصوص.
ومن ثم أعقبه كثير من المتدخلين حول هذه القضية الثقافية التي تستحق ندوة
خاصة لاشك أن اتحاد كتاب المغرب سيفكر في تنظيمها.

تحيات مطرية

من الصدف المستحسنة، أنه في يوم انتخاب الاخ محمد الأشعري رئيسا لاتحاد كتاب المغرب، حصلت منه على توقيع لديوانه «سيرة المطر» الذي اقتنيت نسخة ثانية منه في بهو قاعة علال الفاسي محتفظا بالنسخة الأولى – دون توقيع طبعا- في رفوف مكتبتي.
في التوقيع: الأخ العزيز المهدي… مع تحياتي المطرية الصادقة – وإلى الرئيس
أقول : لولا المطر لما أزهر الربيع…

 


بتاريخ : 07/04/2023