المعارضة الاتحادية: الحكومة لم تقدم شيئا ملموسا لهذه المقاولات لتحتفظ بنشاطها
أدت الصدمات المتتالية التي عاشها الاقتصاد الوطني خلال السنتين الأخيرتين، لاسيما جراء مخلفات الجائحة الوبائية والحرب الأوكرانية الروسية وموجة التضخم غير المسبوقة التي خيمت على المغرب طوال العام الماضي إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الإفلاس المعلنة من قبل الشركات المغربية سنة 2022، حيث اضطر آلاف المقاولين إلى وضع المفتاح تحت الباب إعلانا عن فشل مشاريعهم جراء انسداد آفاق مناخ الأعمال.
وكان الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية قد حذر الحكومة في أكثر من مناسبة من خطورة الأزمة الخانقة المنتشرة في صفوف المقاولات المغربية التي تتأرجح بين صعوبات الامداد وغلاء كلفة الانتاج وشبح الافلاس، الذي ضرب زهاء 10 آلاف مقاولة سنة 2022 ويرتقب أن تواجهه 12.200 مقاولة في سنة 2023.
ويعتبر الفريق الاشتراكي أن الحكومة لم تقدم شيئا ملموسا لهذه المقاولات لتحتفظ بنشاطها وتدبر الأزمة عوض تسريح عمالها وتعريض عدد كبير من الأسر للفقر والهشاشة بل فضلت اتخاذ تدابير كلاسيكية، لا تنسجم لا مع طموح الشعب المغربي في العيش الكريم، ولا مع تطلع المقاولات لمرحلة جديدة تمكنها من انقاذ أنشتطها واسترجاع عافيتها المالية والتجارية.
وقد كشف تقرير جديد أنجزه المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة(OMTPME) أن 9740 شركة أعلنت إفلاسها في المغرب في عام 2022، بزيادة معدلها 18 في المائة مقارنة مع العام السابق.
وعزا التقرير السنوي للمرصد هذا الارتفاع الكبير في عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها سنة 2022 إلى الوضعية الاقتصادية الصعبة، موضحا أن ظاهرة الإفلاس في صفوف المقاولات تفاقمت بين 2021 و2022، و أن الجهات الجنوبية شهدت أبرز ارتفاع بنسبة 91,2%، تليها جهة مراكش-آسفي (80,4%) وجهة بني ملال-خنيفرة (40,5%). وأشار التقرير، إلى أن جهة طنجة تطوان الحسيمة هي المنطقة الوحيدة التي انخفض فيها عدد الشركات المفلسة بنسبة 22,1%.
وبعد الانكماش الاقتصادي بنسبة 6.3% في عام 2020 وانتعاش بنسبة 8% في عام 2021، تباطأ النمو في المغرب إلى 1.3% في عام 2022، وذلك بسبب آثار هذه الوضعية التي تفاقمت بسبب الجفاف الشديد للغاية. وفي هذا السياق، وحسب معطيات المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، فإن خلق المقاولات، بعد ارتفاعه بنسبة 23,4% سنة 2021، تراجع بنسبة 11% سنة 2022. أما في ما يتعلق بإفلاس الشركات، فقد سجلت ارتفاعا بنسبة 18% تقريبا سنة 2022 بعد أن بلغت 52,4% سنة 2021. .
في المقابل، تظهر قاعدة بيانات الشركات الاعتبارية التي أنشأها المرصد، لعام 2021، والتي بلغ عددها 369,635، أن 17,233 شركة تغير حجمها بين عامي 2020 و2021. وبذلك، أصبحت 7,360 شركة متناهية الصغر شركات صغيرة الحجم، و2563 شركة صغيرة ومتوسطة الحجم، و229 شركة صغيرة ومتوسطة. أصبحت الشركات الصغيرة والمتوسطة شركات عامة. ومن ناحية أخرى، أصبحت 51 شركة تابعة لشركة جنرال إلكتريك شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، و1,505 شركات صغيرة ومتوسطة أصبحت شركات صغيرة ومتناهية الصغر، و3,266 شركة صغيرة الحجم أصبحت شركات صغيرة.
ووفقا لهذه البيانات، لا يزال نسيج الأعمال، كما في السنوات السابقة، تهيمن عليه إلى حد كبير المؤسسات متناهية الصغر على الرغم من انخفاض حصتها في السنوات الأخيرة لتبلغ 88% في عام 2021. وبذلك، فإن 87.1% من الشركات توظف أقل من 10 أجراء، بينما لاتتعدى حصة الشركات التي توظف أكثر من 100 نسبة 1.6 ٪.
ويظهر توزيع نسيج هذه الشركات، على المستوى الجهوي، أن محور طنجة الجديدة، الذي حقق سنة 2021 حصة قدرها 58,8% من الناتج المحلي الإجمالي على المستوى الوطني، يحتضن حوالي 63,3% من إجمالي قوتها العاملة.
وعلى المستوى القطاعي، كشف التقرير أن القوى العاملة للشركات المشتغلة في القطاع الثالثي مثلت حصة قدرها 67.5%، بزيادة 0.6 نقطة مقارنة بعام 2020، حيث ساهم هذا القطاع بنسبة 52% في الناتج المحلي الإجمالي. أما قطاع الصناعات التحويلية، الذي خلق 15% من الناتج المحلي الإجمالي، فقد بلغ 6.3%.
أما بالنسبة للوظائف المصرح بها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن فحصها يظهر ارتفاعا سنويا ملحوظا بنسبة 8,9% سنة 2022 مقابل 5,4% سنة 2021 ومتوسط زيادة سنوية بنسبة 4,7% خلال الفترة 2017-2019. ويأتي هذا التطور، بالإضافة إلى تأثيرات الوضعية الاقتصادية، نتيجة للجهود التحسيسية التي تقوم بها هذه المؤسسة في أوساط الشركات من أجل تقديم تصريحاتها وفقا للضوابط القانونية الجديدة.
وتمثل الوظائف التي تشغلها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 76.4% من إجمالي القوى العاملة المعلنة مقارنة بـ 73.1% عام 2021. ويفسر هذا التطور بمساهمة المؤسسات متناهية الصغر التي ارتفعت حصتها إلى 29.7% بعد 23.3% عام 2021.