الفنانة المغربية سميرة خلاد تفتح باب «صندوقها الأسود» لمعجبيها

عارضة أزياء ورئيسة جمعية، لكن قبل هذا وذاك فهي فنانة في دواخلها، إنها سميرة خلاد الممثلة المغربية الشابة، ذات الإبتسامة العريضة والوجه الملائكي الذي لا يوحي بسنها الحقيقي، حيث تبدو في العشرينيات من عمرها. عرفها المغاربة من خلال عدة أعمال، سواء على المسرح أو التلفزيون، منها التي أدت خلالها أدوارا بطولية.
جمعت سميرة بين اهتمامات متنوعة كشفت عنها بشكل تدريجي، أثناء لقاء مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، على إثر استعداداتها لتظاهرة تساهم فيها ضمن الطاقم المنظم. وقد أبت سميرة إلا أن تميط اللثام عن «صندوقها الأسود» من خلال حوار شيق، تم التطرق فيه إلى بداياتها وسبب ولوجها عالم التمثيل مرورا بعملها «الرسمي» .
إليكم نص الحوار
p من هي سميرة خلاد وكيف ولجت التمثيل ؟
n أنا خريجة المعهد البلدي بالدار البيضاء (الكونسيرفاتوار ) منذ 10 سنوات، بدأت العمل كممثلة مسرحية
ولم يكن في اعتقادي بأنني سأصعد يوما ما لخشبة المسرح أو أن أصبح كذلك، حيث، و للإشارة ، درست أول الأمر وتكونت لأكون تقنية في مجال الإلكترونيك. حصلت على ديبلومي إرضاء لأهلي، لكنني لم أرغب في الاشتغال بهذا المجال.

p من أين أتت ، إذن، فكرة الولوج للمعهد؟
n دخلت الكونسيرفاتوار، رغبة مني في الانتقال إلى مرحلة أخرى من حياتي، بعد أن أصبحت شابة. فقبل وأنا طفلة مارست المسرح ضمن الأنشطة التي كانت تنظمها دار الشباب التي كنت أتردد عليها، والجمعيات التي كنت منخرطة فيها مع ثلة من أقراني. فمنذ الصغر، وبحكم أن إخوتي من قبلي كانوا ينشطون في إطار الجمعيات ودور الشباب ولجت هذا العالم، إلا أنني بعد ذلك فكرت في دراسة المسرح لأسباب مختلفة، أهمها أنه يعكس فكرة متبلورة لدي منذ القدم ومازالت إلى الأن، وهي كونه يمثل نوعا من العلاج النفسي، فحينما تقف على الخشبة كما لو أنك، كما يقال في علم «التنمية الذاتية»، تخرج «الصندوق الأسود الذي بداخلك» . فهناك من يخرجه وتبقى حياته سليمة وهناك من يحتفظ به لنفسه فيعيش طيلة حياته اضطرابات نفسية. وبالتالي فبالنسبة لي المسرح هو اسم على مسمى: يتكون من كلمتين تم دمجهما في كلمة واحدة : مس و روح. فهو يلامس الروح. هو علاج ، لكن عوض أن تؤدي ثمنا باهظا على كل حصة مع الطبيب النفسي، تلج المعهد بثمن رمزي كقيمة تسجيلك لسنة دراسية بأكملها.هكذا فكرت حينها، (تقول ضاحكة).
وإذن بدأت دراستي بشعبة الفن الدرامي التي تدرس مدة 7 سنوات ونجحت في سنتي الأولى، لكن تم نقلي مباشرة للسنة الثالثة، وبالتالي، لم أدرس شخصيا سوى 6 سنوات. غير أن الغريب في الأمر أنني لم أكن أرغب في التخرج لكي أستمر في متابعة الدروس وقمت بعد التخرج، بالفعل، بمداومة الذهاب للمعهد، حتى يتسنى لي التواصل مع ميدان المسرح.

p وكيف ولجت عالم الفن بشكل رسمي إذا صح التعبير؟
n كان خلال فترة الدراسة، حيث حضرت مرة فرقة هولندية إلى المغرب باحثة عن مجموعة من الممثلين ليشخصوا أدوارا في مسرحية بعنوان «كوشمار»، الفرقة من هولندا والمخرجة مغربية، فتم اختياري بمعية طالبة أخرى . وقد نال العرض إعجاب الناس. فضلا عن ذلك، وأثناء نفس العرض، حضر ميلود الحبشي وهو معروف كممثل مغربي، ولكنه قرر في تلك الفترة خوض مغامرة الإخراج من خلال فيلم «فراشة تحترق»، الذي اختارني فيه لأداء دور البطولة، ومن هنا دخلت عالم التمثيل من بابه الواسع وتعرف علي الجمهور أيضا من خلال التلفزة.
وقد عملت ب «ولكم واسع النظر» وهو فيلم تم بثه في رمضان الماضي، لكن سلسلة «دموع الرجال» هي التي اشتهرت خلالها أكثر، في اعتقادي، من جهة لأن الجمهور تجاوب كثيرا مع «زهرة» الشخصية الذي أديت دورها في المسلسل، ومن جهة أخرى لأنها مكنتني من الظهور على امتداد 30 حلقة.

p وإذن التمثيل هو مهنتك الآن؟
n (مبتسمة) أنا مدربة في التنمية الذاتية، أمارسها منذ أربع سنوات بعد أن حصلت على دبلوم يخول لي ذلك. ليس لدي عيادة شخصية ولكني أشتغل في المركز الذي تعلمت به أصول هاته المهنة. لأنه من قوانين هاته المؤسسة بعد منحها للشهادة، أن تعمل معهم مدة زمنية معينة وهي فرصة كذلك لتكسب التجربة من خلال الممارسة.

p أنت من عائلة ليست بغريبة عن ميدان الفن والتنشيط، تحدثي لنا عن مدى تأثرك بوسطك هذا؟
n بالفعل، لدي أخان هما عبد الوهاب خلاد وهو مدير شركة «إبداع»، وأخي الأكبر عبد اللطيف خلاد وهو الفنان الشهير ب «عمي بسيسو»، وهو كاتب ومسرحي. هما اللذان أثرا في مسار حياتي كثيرا، بحيث كانا يصحباني، وأنا في سن السابعة إلى دار الشباب وبعدها داومت على الذهاب للمخيمات الصيفية .
وكنت ألاحظ مع توالي السنوات بأنني أصبت بفيروس تأثيره مزمن، وبأن بدمي شيء ما يسمى «الفن»، وليس فقط فن المسرح، فصراحة عندما أريد أن أعرف بنفسي أعرفها بكوني «فنانة» ولست «ممثلة». ففي اعتقادي أن الفرق بين الفنان والممثل، أن هذا الأخير إنسان يجسد شخصية ما، بينما الفنان فهو يحاول أن يترك بصمته الإبداعية فيها، وهذا ما يجمعه مع مختلف المهن، بحيث أن النجار يمكن أن يكون فنانا مثلا. الفنان في نظري، بإمكانه أن يبدع في أي شيء منحته إياه، لا يعيده كما هو بل يضع بصمته الابتكارية فيه. الفنان يتميز بشيء ما بداخله يجعل منه يتصف بهاته الصفة.

p من خلال تعريفك، ماهي المجالات التي يمكن أن تبدع فيها سميرة خلاد مستقبلا؟
n بإمكاني أن أكتب مسرحية أو سيناريو فيلم، أو أن أرسم لوحة فنية ولو أنني لست برسامة.

p وما هي وسائلك الشخصية الحالية التي تقومين بها للتعبير عما بدواخلك ؟
n بدأت الكتابة، فقد كنت أكتب بشكل مستمر منذ فترة دراستي الإعدادية، بحيث لدي كتاب استهليته منذ سنة 1997 أسميته «الكتاب الأخضر»، كما أن لدي حديقة شخصية بالمنزل أتسلى بتلقيح النباتات في ما بينها ولو أن هذا ليس ميداني .

p ما هي برامجك المستقبلية؟
n سأشارك في مهرجان من تنظيم أخي الأكبر عبد الوهاب خلاد، وللتذكير، فعبد الوهاب سبق ونظم مهرجانات أخرى مثل مهرجان «الابتسامة للجميع» الذي أطفأ السنة الماضية شمعته ال11. إلا أنه ارتأى ألا يبقى في إطار الفن والموسيقى والفكاهة فقط، ففكر في تنظيم مهرجان يهتم بالعاملين من وراء الكاميرا.
التظاهرة تحمل عنوان» مهرجان الشباب لمهن الخشبة»، من تنظيم جمعية إبداع للثقافة والتواصل وشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال، وستحل دورته الأولى قريبا حيث سيمتد من 2 إلى 9 دجنبر المقبل. نبعت فكرته من كون أن الصورة الشائعة للتظاهرات الجماهيرية أو أي تظاهرة استعراضية، تكون محصورة في مشهد الخشبة ومن يعتليها والحال أن الخشبة هي منتوج الكثير من المهن المتكاملة والمتداخلة في إطار مجموعة من العمليات ذات البعد التدبيري الفني، التقني والفكري. من هنا انطلقت فكرة المهرجان .

p وهل سميرة ضمن اللجنة المنظمة؟ وبأي دور ستقومين به؟
n أنا أقوم بالتواصل مع وسائل الإعلام ومع المستشهرين ..، وكذا بمصممي الأزياء، خاصة وأن لدي علاقة واهتمام بعروض الأزياء، بحكم كوني سبق و اشتغلت، في وقت من الأوقات، في هذا الميدان كعارضة، وسبق وعرضت بعض الملابس لمجلة نسمة.

p من خلال ما سبق، يفهم أنك ممثلة وعارضة أزياء…
n (مقاطعة) وناشطة جمعوية في إطار جمعية «هبة للإبداع الثقافي» التي أسستها.

p إذن كيف تعرفين بنفسك؟
n فنانة ومدربة في مجال التنمية الذاتية وهو عملي الرسمي الآن، ورئيسة جمعية «هبة للإبداع الثقافي»،وهي جمعية ثقافية تحت اسم هبة للتواصل الثقافي تأسست منذ سنة، تتضمن كل ما له علاقة بالتواصل والثقافة.

 


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 23/09/2019