أصحاب السعادة

أقبض رأسي بكلتا يدي
لتنطلق ذكرياتي الكاسفة ؛
تسائلني
وقد أفلت الزمن مني :
لماذا أتأمل الأحلام ؟
أستوي على كرسي خشبي
أمام منضدتي ؛
فأنصت لريح البلى الرميم
ثم أزيد ،
هل وحدي من تجثم علي الأوهام ؟
تسائلني نفسي،
كأنني في الحين خرجت من ظلمة
القبور:
ماذا جرى ؟
فأرد :
أنا لست من أصحاب السعادة
والعظمة .
ولا من ذوي النياشين .
أنا صديق
البلهاء
والمغفلين .
لست صاحبا لأهل الكرامات ،
والجاه ،
والمسرات ،
بل صديق أغياري
من قومي البسطاء ،
وأصحاب التعاسة
الكديحين ،
من الخبز والشاي
وحبات زيتون أحيانا
مقتاتين ،
ومن أصحاب السعادة
على مر الأزمان
منبوذين .
أنا صاحب عاهة .
وعاهاتي لو تعلمون يا أصحاب السعادة
جسيمة؛
أليمة .
عاهاتي بألوان شتى
تتبدى .
فهي مرة
قرمزية ،
وتارة بنية .
مرة أقحوانية ،
وطورا تتخذ أطيافا
قزحية .
عاهاتي هي هكذا
كثيرة ،
لذلك لن أسأل عن عاهات أغياري
من أصحاب الكآبة
المغبونين ،
المفقرين ،
وإن أشيع عنهم أنهم نعامات
واجلين ،
وعلى بعضهم أسد
جائرين ،
وللجميل
ناكرين ،
وللخير
جاحدين ،
وفي جموعهم
نمامين ،
أفاكين ،
وبغيرهم
شامتين ..


الكاتب : شعر :ناصر السوسي

  

بتاريخ : 26/09/2019