الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للسينما و الذاكرة المشتركة بالناظور .. أفلام مغربية تتنافس على جائزة إضافية خاصة بحقوق الإنسان

تتميز الدورة الثامنة من المهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور بتنظيم مسابقة سينمائية أخرى، بالإضافة إلى المسابقات الدولية الثلاث في الفيلم القصير و الوثائقي و الروائي، التي تعرف إقبالا جد محترم عليها من عشاق الفن السابع بدار الثقافة بالناظور، ويتعلق الأمر بمسابقة خاصة تتنافس فيها أفلام سينمائية مغربية خالصة تتناول في جوانب مختلفة من قضايا حقوق الإنسان أمام لجنة تحكيم يترأسها الأستاذ و الباحث عبد الرزاق الزاهر بعضوية العراقي عبد الحسين شعبان و اللبنانية سلامه، و الفرنسية إيستير ريجينا والمصري خالد شوكت و عبد المنعم الفقير، و المغاربيين أحمد زاهيد و عبد الحليم . والأفلام المعنية هي «ذاكرة معتقلة (2004) للمخرج الجيلالي فرحاتي، « منى صابر» ( 2001) للمخرج عبد الحي العراقي، «علي، ربيعة و الآخرون» ( 2000) للمخرج أحمد بولان، « طيف نزار» (2001) للمخرج كمال كمال، «درب مولاي الشريف» (2004) للمخرج حسن بنجلون، « ضربة في الراس» (2017) للمخرج هشام العسري، « الريف 58/59» (2014) للمخرج طارق الإدريسي.
كما تتميز الدورة بعرض أفلام خارج المسابقة، تعرف بدورها إقبالا ومناقشات مع الطلبة بفضاءات مختلفة بمدينة الناظور ويهم الأمر في هذا الإطار أشرطة سينمائية تتناول قضايا حقوقية كالفيلم العراقي « LA LAREME «، الذي كان موضوع عرض أمام طلبة جامعة محمد الأول بالناظور، و يقارب فلسفة المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام.
خلال هذا اللقاء قدم المخرج العراقي المقيم في باريس ليث عبد الأمير، شرحا لفيلمه الذي عرضه على جمهور الطلبة ونخبة من الأساتذة، و استعرض فيه مقابلات مع أربعة أشخاص من المحكومين بالإعدام، وشخص قام لحد الآن بتنفيذ 624 حكما بالإعدام خلال عمله.
وأعقب عرض الفيلم نقاش واسع في جانبه الفني والحقوقي والفقهي الخاص برسائل المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، شارك فيه الحقوقي، المغربي الدكتور محمد النشناش، الرئيس السابق، للمنظمة المغربية لحقوق والمفكر العربي عبد الحسين شعبان، نائب رئيس جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان ببيروت، أشار فيه إلى خطورة اتخاذ قرار بالإعدام، وعرض حالات تعرض فيها أبرياء إلى تنفيذ حكم الإعدام، وتناولا تطور المطالب الحقوقية بإلغاء هذه العقوبة القاسية، إذ لا يمكن للعقل القانوني والموت بموجب حكم قضائي، أن يكون تعويضا لما ارتكب القاتل الأول، فليس من حق أي إنسان، أن يلغي حياة إنسان وهبها له الله.
مشيرين في هذا الصدد إلى أن 142 دولة في العالم من مجموع 193 ألغت عقوبة الإعدام أو جمدت تنفيذها، وأن المدونة القانونية التي اقترحها وزير العدل السابق محمد اوجار قلصت المواد التي تخص عقوبة الإعدام ، وللأسف فإن السجل العربي في هذا المجال ما يزال يحفل بالعديد من أحكام الإعدام التي تطبق بصورة نمطية ..، وتزداد- يبرز اللقاء – المطالبة الحقوقية لإلغاء هذه العقوبة ووضع حد لإلغائها، الأمر الذي يحتاج إلى معالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية والتربوية وغيرها التي تسبب ارتكاب جرائم القتل والاغتصاب وغيرها.
على مستوى الأنشطة السينمائية الأخرى التي تحفل بها الدورة الثامنة من المهرجان الدولي للسينما و الذاكرة المشتركة بالناظور، التي ستختتم فعالياتها مساء يومه السبت 16 نونبر الجاري، كانت هناك ورشة عمل همت مسألة « الإنتاج السمعي البصري بمنطقة الريف» التي أبرزت أنه في سنة 2009 تم تصوير أول فيلم ناطق بأمازيغية بالريف يحمل «ميغيس» (الشاطر). قبل ذلك بسنة تقريبا- تضيف الورشة –سيصور أول فيلم تلفزي تحت عنوان «ثامنت أريري» ( العسل المر)، ومنذ الحين و الإنتاجات السينمائية و التلفزية تشق طريقها نحو الوجود بهاته المنطقة.. وحسب مهنيي المنطقة، فإن هذا الطريق تتخلله كثير من الشوائب و المعيقات بدءا من كتابة السيناريو، مرورا بتشخيص الأعمال الدرامية.. ووصولا على عملية التصوير و الإنتاج دون إغفال غياب قاعات السينما بالمدينة.
كما كانت هناك أنشطة موازية تتجلى في ورشات تكوينية أشرف عليها خبراء و مهنيون مغاربة و أجانب في مجالات متعلقة بمهن السينما كالإخراج، كتابة السيناريو، المونتاج و الصوت.. لفائدة طلاب الجامعات و المعاهد المتخصصة المهتمين بالفن السابع.. ، وتتجلى أيضا في معرض للوحات التشكيلية و أنشطة خيرية وأمسية شعرية ..
هذا، وعرف اليومان الأخيران من المهرجان ( الخميس والجمعة) عرض مجموعة من الأفلام المنخرطة في المسابقة الرسمية للدورة بحضور مخرجيها أو بعض المشاركين فيها.. و التي تركت جميعها انطباعا طيبا لدى كل المتتبعين بفضل معالجتها الفنية الراقية للكثير من المواضيع الإنسانية، الاجتماعية و النفسية و الحقوقية.. ، والتي لا شك، ستجعل لجن تحكيم الدورة بفئاتها الثلاث في «وضع حرج» للفصل في من منها يستحق التتويج بجوائز الدورة.. ولعل من أبرز الأفلام التي تم عرضها هذين اليوم الفيلمين المغربيين وحظيت بمتابعة جماهيرية كبيرة « la guerisseuse» ( امباركة) للمخرج محمد زين الدين، الذي حصل العديد من الجوائز بالمهرجان الوطني للفيلم الأخير بطنجة وكذا على جوائز دولية وفيلم «khamiss « (خميس) للمخرج محمد بوازكو . الفيلم المغربي الأول يروي قصة ضاحية من ضواحي إحدى المدن المنجمية، حيث يحاول الفتى عبدو ذو 16 سنة الخروج من وضع الهشاشة الذي يعيش فيه بتعلم القراءة و الكتابة. وهو وضع أسهمت فيه أمه بالتبني امباركة مداوية الحي التقليدية التي يهابها الناس و يقدرونها. وفي يوم من الأيام سيقنع عبدو اشعيبة الثلاثيني اللص المشاغب بزيارة امباركة للتداوي من القوباء(الإكزيما) ، وهنا ستنشا بين الثلاثة علاقة متينة.
الفيلم الثاني « خميس» يرصد فيه المخرج بوزاكو حكاية الشخص «خميس» في ليلة الخميس 19 يناير 1984، حيث كان منشرحا رفقة زوجته إذا بأصوات طلقات الرصاص تعم الأرجاء لتخمد فيه تلك الرغبة التي كان ينتظرها منذ مدة طويلة. في تلك اللحظة بالذات سيدق بابه عباس و نعيمة، تلميذين يحبان بعضهما. بعد ذلك بلحظات سيحضر ثلاثة عساكر..


الكاتب : جمال الملحاني

  

بتاريخ : 16/11/2019