الحي المحمدي الدار البيضاء … الأسواق النموذجية بين الرواج التجاري والركود

عرفت مقاطعة الحي المحمدي إحداث أسواق نموذجية كلفت الملايين من الدراهم، وهي سوق البركة بدار لمان و سوق الفضل بشارع عقبة و سوق الأصيل بشارع علي يعته وسوق الفتح بدرب مولاي الشريف، وقد تم تخصيص هذه الأسواق لاحتواء ظاهرة الباعة بالتجوال وكذلك لتحرير الملك العام الذي كانت تشغله هذه الفئة من الباعة، غير أن جل هذه الأسواق المحدثة لم تستوعب العدد الكبير من ممتهني التجارة بالطريق عام، مما خلق تذمرا في صفوف غير المستفيدين.

وتكفي زيارة قصيرة لهذه الأسواق ليقف المرء على ما تعانيه من ركود تجاري، جعل بعض المستفيدين يهجرونها ويعودون لممارسة تجارتهم بالطريق العام، وترك المربعات المخصصة لهم فارغة، وكمثال على ذلك سوق البركة بدار لمان الذي أصبح شبه مهجور، رغم صمود البعض، إلا أن هذا الصمود قد لا يعمر طويلا، فرغم الترخيص للمستفيدين بإقامة شبه محلات تجارية، فضل البعض بيع بقعته و الخروج للبحثعن مصدر للعيش خارجه، و يعزو المستفيدون ظاهرة ركود هذه الأسواق إلى بقاء الأسواق العشوائية وأصحاب العربات والدراجات ثلاثية العجلات لبيع الخضر والفواكه والملابس، في الأماكن التي تم إخلاؤهم منها، مما لم يساعد على خلق رواج تجاري بالأسواق المحدثة، مما أدى إلى تحملهم للخسائر في الشهور الأولى نتيجة هذا الركود و المتمثل في فساد بضائعهم بالنسبة لباعة الخضر والفواكه، والمصاريف اليومية لإعالة أسرهم، وجعلهم يخوضون سلسلة من الوقفات الاحتجاجية، لتنبيه السلطات إلى حجم معاناتهم.
وفي خضم هذه الاحتجاجات من أجل تحرير الطريق العام بمحيط قيسارية الحي المحمدي، وخاصة بعد إحداث الخط الثاني للترامواي، تحركت السلطات في الآونة الأخيرة، وفرضت على الباعة الترحال إلى ساحة فارغة بالقرب من سوق البركة بدار لمان، هذا الساحة التي تفتقر لأدنى الشروط التي تعرفها الأسواق النموذجية المنجزة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية، فهي عبارة عن بقعة أرضية مقتطعة كسابقاتها من كاريان سنطرال، تمت تسوية تربتها بواسطة الجرافات، لكن دون تبليطها، وتم تقسيمها إلى مربعات، لأجل توزيعها على المستفيدين، الذين تضاعف عددهم، حسب تصريحات أحد مستفيدين، الذي تساءل «كيف يعقل أن يتم ترحيلنا من السيء إلى الأسوأ، فالذين تم إقصائهم من السوق المجاور «أي سوق البركة» كانوا حوالي ستين رغم إحصائهم، إضافة إلى حوالي خمسمئة تم إحصاؤهم من الباعة بالقيسارة، ليرتفع العدد إلى حوالي ألف ومئتي شخص، وهذا راجع إلى استقدام باعة آخرين من مناطق أخرى لا علاقة لهم بباعة القيسارية، كما أن هناك أسرا بأكملها تم إقحام أفرادها في السوق « و الفاهم يفهم» وهو ما لن تستوعبه هذه البقعة، والدليل هو تواجد العديد من الباعة بالشوارع والأزقة بالحي المحمدي، بل أكثر من ذلك فقد اضطررنا إلى تبليط المربعات الخاصة لعرض بضاعتنا من جيوبنا، وهناك من لم يجد ثمن شراء الإسمنت والرمال و»الكاياس» و أداء واجب البنائين، من أجل تسوية مربعاتهم، وهذا راجع إلى توقيف نشاطهم التجاري منذ مدة بجوار القيسارية، وقد تم رفض نموذج لعرض السلع اقترحه بعض الباعة من قبل السلطات معللة ذلك بكون هذا السوق ليس سوى سوق مؤقت».
وبخصوص سوق الفضل بشارع عقبة فقد هجره بعض الباعة ولم يبق فيه إلا الصامدون، حسب قول أحد المستفيدين، الذي عزا هذه الهجرة إلى تفشي ظاهرة الباعة بالتجوال بالقرب من السوق وخاصة أصحاب العربات والشاحنات الصغيرة لبيع الخضر و الفواكه، وتكفي جولة بمحاذاة المسجد في أوقات الصلاة لتعرف حجم الباعة هناك، بالإضافة إلى انعدام الإنارة، حتى المرحاض الوحيد مازال مغلقا، وهو ما يسبب لنا كسادا في بضاعتنا.
كما أن الباعة بسوق «لافيليت» يشتكون من قلة الرواج، بعد تنظيمهم في هذا السوق، ويقول أحد الباعة:» لقد كنا في العشوائية وكنا نروج بضاعتنا والآن وبعد أن أصبحنا منظمين قل الإقبال «واش الناس عزيز عليه العشوائية»، بالإضافة إلى أن بعض الباعة يضطرون إلى تخفيض ثمن بضاعتهم حتى لا يصيبها الكساد، فهو السوق الوحيد الموجود بتراب عمالة عين السبع الحي المحمدي الذي يغلق أبوابه بعد الزوال، الشيء الذي يستغله بعض الباعة الجائلين لعرض بضاعتهم قرب المجمع السكني القريب من السوق، وهو ما يفوت علينا الزبائن».
سوق الفتح للخضر والفواكه والمتلاشيات المجاور لمقاطعة درب مولاي الشريف، هو كباقي الأسواق النموذجية الأخرى، ركود وقلة إقبال، أسواق مفتوحة ومحلات مغلقة، وعودة الباعة إلى الأزقة والشوارع، رغم صرف الملايين من أجل احتوائهم.


الكاتب : عبد النبي المساوي

  

بتاريخ : 29/02/2020

أخبار مرتبطة

يحمل معرض «نسيج الهوية.. أزياء تقليدية من المغرب ورومانيا»، الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 15 دجنبر المقبل بالمتحف الوطني للحلي

من المنتظر أن يدخل الخطان الجديدان للترامواي3 T و4T حيز الخدمة الرسمية، يوم الاثنين القادم 23 شتنبر 2024، بعد تجارب

الشريط الساحلي بسلا يتحول إلى مطرح للنفايات المنزلية وبقايا مواد البناء ع. النبسي تحول الشريط الساحلي على مستوى سيدي موسى،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *