الثوابت البنيوية في خطاب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي 5/1

عبد السلام المساوي

الإصلاح السياسي والانتخابي

 

في برنامج  «لحظة قرار» على قناة «ميدي 1 تيفي» يوم الخميس 27 فبراير ؛ دعا ذ ادريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، دعا إلى مراجعة سياسية وإصلاح سياسي، الذي يجب أن يمس بعض القواعد الدستورية الذي ثبت أنه لا بد من تقنينها وتطويرها، بالإضافة إلى بعض القوانين المرتبطة بالمؤسسات وخاصة المتعلقة لمدونة الانتخابات …مذكرا بأن الاتحاد دعا في بلاغاته إلى فتح حوار سياسي في هذه المواضيع مع المعارضة والأغلبية، بما فيها الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة، التي يجب ألا يقتصر عملها على محاربة الرشوة داخل الإدارة، بل إن أخطر رشوة، هي الرشوة الانتخابية، وبالتالي يجب أن تساهم الهيئة في هذا الحوار إلى جانب إشراك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي صدرت عنه عدة توصيات تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة تهم العملية الانتخابية ، موجها الدعوة من أجل أن يساهم الكل في نزاهة العملية الانتخابية ومحاربة الفساد الانتخابي، سواء بالاستغلال الديني أو استعمال المال.

ويوم السبت 29 فبراير 2020 بالمقر المركزي للحزب بالرباط، وفي كلمة افتتاحية للملتقى الوطني للنساء الاتحاديات، أكد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي «أن تعديل القوانين المتعلقة بالانتخابات ، أضحى يشكل ضرورة ملحة لكي تمر الاستحقاقات القادمة في جو ديموقراطي تسوده النزاهة التامة والشفافية الكاملة ومحاربة كل أشكال التزييف لإرادة الناخبين، ولتفعيل كل ما نصت عليه المقتضيات الدستورية.
إن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يقول ذ ادريس لشكر، مطالبة بالقيام بدورها في مجال محاربة الفساد المالي الانتخابي والرشوة التي تسود العمليات الانتخابية ولا شيء يمنعها من تحمل مسؤوليتها في هذا الباب، مبرزا في نفس الوقت أن هذا النوع من الرشوة، رشوة المواطن، له خطورة كبيرة وتداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية وخيمة على مستقبل البلاد، وطنيا ودوليا ..أن المجلس الوطني باعتباره هيئة من هيئات الحكامة بالبلاد ومؤسسة دستورية حقوقية بإمكانه هو الآخر أن يلعب دورا أساسيا في نزاهة الانتخابات وشفافيتها…..
إن الاتحاد الاشتراكي يعطي أهمية كبرى لورش مراجعة الانتخابات منذ مدة وضمن ذلك في عدد من الاقتراحات، سواء في مذكرته التي تقدم بها للجهات المختصة أو من خلال بياناته السياسية لأجهزته التنفيذية والتقريرية، وطالب الكاتب الأول بعدالة الحساب في كيفية احتساب المقاعد، لأن هناك خللا كبيرا في هذا الإطار، وبجعل عملية الحساب في توزيع المقاعد غير منصفة، وبالتالي ضرورة مراجعة القوانين الانتخابية، كما يؤكد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على تغيير يوم الاقتراع، الذي تتم فيه العملية الانتخابية يوم الجمعة، بيوم آخر في أواسط الأسبوع…»
في احتفالية الذكرى الـ 60 لتأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وفي تجمع جماهيري عظيم ، بالعرائش يوم الجمعة 24 فبراير  2020، دعا الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ذ ادريس لشكر «إلى حوار جدي ومسؤول، حوار لكل النزهاء، حوار تكون منطلقاته قوية …إن الاتحاد يريد أن يذهب إلى المشهد الحزبي منطلقا من أن الديموقراطية تبدأ باللوائح الانتخابية وبحق التصويت. لذا طالبنا بالتصويت بالبطاقة الوطنية على اعتبار أن كل إصلاح ينطلق من إصلاح الكتلة الناخبة وتغيير يوم الاقتراع، وفي هذا الصدد نقترح يوم الأربعاء كيوم للتصويت …ودعونا كحزب إلى إعادة النظر في نمط الاقتراع الحالي إذ أن بلادنا لا تزال محتاجة إلى الوسيط الحقيقي، أي الفاعل السياسي الميداني».
«اخترت من العرائش، ومن هذه الجهة، أن أعلن، بكل مسؤولية، أننا سنتوجه إلى كل الأحزاب من أجل فتح حوار حقيقي، وأملنا هو استجابة الحكومة، وإن لم تستجب فيجب علينا أن نضغط ونحمل كل طرف مسؤوليته. نحن منفتحون على كل الاقتراحات التي تطور العملية الانتخابية وتجعلها عملية نظيفة، وأن كل نموذج تنموي جديد لن يستقيم ما لم نجلس الآن للحديث حول من يتحمل مسؤولية تنفيذه بواسطة صناديق الاقتراع لتجديد النخب والكفاءات…»

في الملتقى الجهوي للشبيبة الاتحادية بجهة طنجة تطوان الحسيمة – شفشاون 29 نوفمبر 2019- سبق للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ذ ادريس لشكر أن عبر ؛ عبر عن عدم اطمئنان الاتحاد الاشتراكي للوضع الحالي ؛ لأن المشهد السياسي ، إذا ما ظل بهذه الرتابة وبهذه الطريقة دون أن نحضر جميعا لمرحلة 2021، فإن الوضع سيعرف انتكاسة كبيرة ، محذرا من تكرار نفس الأخطاء التي ارتكبت في المرحلة السابقة ؛ من هنا وجب على الحكومة الإسراع بفتح ملف القوانين المتعلقة بالانتخابات واتخاذ الإجراءات والتدابير لتحفيز المواطنين على المشاركة السياسية وعدم العزوف منها ؛ فالمغرب ما لم يقدم المثال والنموذج للتصدي لمجموعة الكائنات الانتخابية التي تفسد الانتخابات في ربوع الوطن، فإنه يتعذر الحديث عن انتخابات نزيهة ؛ حيث إن المفسدين لهم قدرات كبيرة على الإفساد والتلاعب ….

وإذا كان المغرب يقدم نموذجا واضحا لمحاربة الإرهاب والمخدرات والجريمة والسؤال المطروح بإلحاح : متى ستظل جريمة إفساد المؤسسات مستمرة ؟! من هنا فالضرورة تفرض على الحكومة جعل الورش المتعلق بالقوانين الانتخابية ورشا  إصلاحيا حقيقيا ؛ وهذا مفروض أن يفتح اليوم ؛ فليس مقبولا ولا معقولا أن ننتظر ليلة الانتخابات لتتم الدعوة إلى التوافق ….
إن الإصلاح لا يمكن أن يتوافق مع الفساد و استمرار هذا الوضع لا يستقيم مع المشروع التنموي الجديد الذي تتوخاه البلاد….
وهذا تذكير وتأكيد لما قاله الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ذ ادريس لشكر امام المجلس الوطني -29 شتنبر 2018-:(اننا متيقنون أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تترجم في أرض الواقع ، إلا بتمثيلية سياسية حقيقية ، في كل الهيئات المنتخبة ، الوطنية والجهوية والمحلية ، لأن بلادنا اختارت طريق الديموقراطية ، في تدبير شؤونها العامة ، غير أن التجربة بينت ان المغرب محتاج الى مراجعة المنظومة الانتخابية ، برمتها ، من أجل معالجة الاختلالات التي طالما نادينا بتجاوزها في الاستحقاقات الأخيرة ، ونعتبر انه حان الوقت للتقييم والمراجعة والإصلاح .
وقد سبق أن قدمنا اقتراحات في هذا الصدد ، وسنعمل على تجديدها ، لأننا نسعى إلى تعميق الممارسة الديموقراطية في المغرب ، وإفراز تمثيليات ذات مصداقية ونخب كفأة ونزيهة . وهنا نريد أن نؤكد أننا مقتنعون بأن هذه الإصلاحات سترفع من نوعية الأداء في مختلف الهيئات المنتخبة ، الشيء الذي من شأنه أن ينعكس بشكل واضح ، على حسن التدبير والنجاعة في التسيير ، وهي المعضلات التي تعاني منها بلادنا في العديد من المجالات ، ناهيك عن أن الانتخابات ، وما تسفر عنه من مؤسسات ، أصبحت بالنسبة للبعض سوقا للربح والكسب ، المادي والايديولوجي .
إننا لا نعتقد أن تغيير الواقع الحالي ، من أجل بناء نموذج تنموي جديد ، يمكن أن يتم دون إصلاح نظام الحكامة والمنظومة الانتخابية ، لأن هذا المدخل السياسي ، هو الذي يسمح بإنجاح أي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي .
وفي نفس  هذا السياق ، فإن نجاح ورش الجهوية واللاتمركز الإداري ، رهين ايضا بنظام حكامة جديد وبنخب إدارية ومنتخبة قادرة على القيام بأدوارها .)
وقد  أكد البيان الصادر عن المجلس الوطني -29 شتنبر  2018 – على ضرورة التفعيل الجدي والديموقراطي لمقتضيات دستور 2011 , خاصة ما يتعلق بالحكامة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة ، وتطوير آليات وخدمات المرفق العام .وأكد البيان على موقف الاتحاد الاشتراكي الداعي إلى المراجعة الجذرية للمنظومة الانتخابية ، ونهج إصلاحات سياسية حقيقية ، للقطع مع الفساد الانتخابي ، الذي لم يعمل سوى على تشويه صورة مؤسساتنا التمثيلية ، والحكم عليها بالضعف والوهن والشلل ، بسبب تفشي مظاهر الرشوة والمحسوبية والتسيب وإقصاء الكفاءات .
وبنفس الرؤية والقناعة ؛ جاء في التقرير السياسي للكاتب الأول أمام المجلس الوطني -29 يونيو 2019 – ” … وإذا كنا قد ساهمنا قبيل كل محطة انتخابية في تقديم المقترحات اللازمة بخصوص مختلف الجوانب المرتبطة بالعملية الانتخابية ، فإننا نؤكد أننا سنستمر في نفس النهج حتى الوصول إلى منظومة متجانسة ومتكاملة انطلاقا من عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية إلى غاية الإعلان عن النتائج وما يترتب عن الاستحقاقات من منازعات انتخابية .
إننا نعتبر أنه ينبغي معالجة العديد من المظاهر السلبية التي تمس بسلامة المسلسل الانتخابي ، وذلك من خلال إيجاد حل قانوني لمعضلتين اثنتين ؛ ضرورة تدعيم الأحزاب السياسية بما يمكنها من القيام بالأدوار المنوطة بها وفق الفصل السابع من الدستور ، والعمل على محاربة استعمال المال والدين في الخطابات والممارسات السياسية .”
وفي نفس السياق ، وبنفس الرؤية والإرادة ، أكد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، في الملتقى الوطني للرؤساء الاتحاديين بالجماعات الترابية ، يوم السبت 13 يوليوز  2019 بالرباط : ” هذه مناسبة لكي نؤكد أن بعض رجال السلطة عليهم أن ” يدخلوا سوق راسهم ” ، وأن كل محاولة إغواء أو ترغيب من طرفهم مدعين أن مشروعا هنا أو مشروعا هناك ، أقول لهم ، بكل مسؤولية ، ليس للدولة أي مشروع غير إصلاح مقومات هذه الدولة ، ولذلك اطمئنوا !
أريد أن أقول ، بكل مسؤولية ، إن كل استغلال سياسوي ، سواء للدين أو للمال ، أو حتى لبعض المشاريع التي ينجزها البعض ، مصرحين بأنهم غير مهتمين بالانتخابات ، نحن عكسهم ، نقول مهتمون بالاستحقاقات القادمة ، ويجب فتح حوار جدي وحقيقي بشأنها في الدخول السياسي والاجتماعي القادم .”
يقول الكاتب الأول ، في ذات الملتقى ” نقول للحكومة بشكل مسؤول ، لا تتركينا حتى ليلة الانتخابات للحديث معنا حول المنظومة الانتخابية وكيفية إصلاحها ، وندعوها من اليوم لمباشرة حوار حول الإصلاحات مع كافة الطيف السياسي لمقاومة هاتين الآفتين ، لنعمل بشكل مشترك متوجهين إلى المستقبل ، ونحمل الإدارة الترابية مسؤوليتها في تدبير هذا الأمر بحوار حقيقي ابتداء من شتنبر ، في قضية المنظومة الانتخابية وفي التمويل العمومي للأحزاب السياسية . ”

 

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 08/03/2020