لماذا تم نزع صفة «الوطني عن مسرح محمد الخامس بالرباط، والذي فعّل عمليا منذ أول أمس الاربعاء 11 مارس الجاري؟
سؤال لم تقدم له إجابة من طرف الوزارة الوصية رغم مصادقة مجلس الحكومة على إعادة تنظيم هذه المؤسسة لما يقارب السنة (ماي 2019).
هل يدخل هذا الإجراء في سياق إنشاء مجموعة من المسارح بعدة مدن كالمسرح الكبير بالرباط والمسرح الكبير بالبيضاء ومن ثم إنشاء مؤسسة مسارح المغرب على غرار مؤسسة متاحف المغرب؟
نطرح هذه الأسئلة المرتبطة بهذه المؤسسة العمومية بالنظر الى سياقات إنشائها، والوضعية الادارية للعاملين بها وآثار هذه التعديلات عليهم وكون هذا المسرح ليس فقط قاعة لعرض الأعمال الفنية وإقامة المهرجانات ، بل هو مؤسسة وطنية للابداع وواجهة تعكس التنوع الثقافي للمغرب.
يعد المسرح الوطني محمد الخامس أو مسرح محمد الخامس هو أول مبنى مسرحي أنشئ منذ الاستقلال. تأسس عام 1962 من طرف وزارة الأحباس التي مولت بنائه المتمم عام 1961، ودشنه الملك الحسن الثاني في 14 مارس 1962 تحت اسم «مسرح محمد الخامس» تكريما لوالده الراحل محمد الخامس. صار وفقا لظهير صدر 22 فبراير 1973 «مؤسسة عمومية ذات طابعة قانونية واستقلالية مالية تخضع للإدارة المكلفة بالشؤون الثقافية» والتي كانت آنذاك وزارة الأحباس للشؤون الإسلامية والثقافة، قبل أن تتحول اليوم الى وزارة الثقافة والاتصال ويطلق عليه اسم «مسرح محمد الخامس الوطني».
اليوم وبعد أن تمت المصادقة في ماي 2019 من طرف مجلس الحكومة على مشروع قانون رقم 23.19 بتغيير وتتميم القانون رقم 51.15 القاضي بإعادة تنظيم المسرح الوطني محمد الخامس، وكذا إدخال تعديلات تتعلق بالمهام المنوطة بالمسرح، لا يفهم ما المغزى من حذف صفة «الوطني» عن هذا المسرح الذي أنشئ في سياق تاريخي معروف اتسم بالتأسيس لبنيات اقتصادية والثقافية التي تعكس ملامح مشروع وطني ساهمت فيه كل القوى المغربية لبناء مغرب ما بعد الاستقلال، وفي هذا الإطار تأتي رمزية صفة «الوطني» التي أسبغت أنذاك على هذه المؤسسة التي نص ظهير 22 فبراير 1973 في عهد المدير السغروشني ،على تمتيعها بالاستقلالية المالية وبصفة مؤسسة عمومية تحت وصاية الحكومة في شخص وزير الثقافة الذي يرأس مجلسها الإداري دون أن يتدخل في تسيير المسرح.
قرار نزع صفة «الوطني»، يقول مصدر من داخل المؤسسة، تم بدون تقديم أي توضيح أو شرح من الوزير المعني السابق محمد الأعرج، عدا تعداد المهام التي أصبحت تشمل إنتاج الأعمال المسرحية وفنون العرض أو المساهمة في إنتاجها، والمساهمة في النهوض بالبحث والإبداع في ميدان المسرح وفنون العرض، والمساهمة في تشجيع مختلف التعبيرات الفنية في ميدان المسرح وفنون العرض، والمساهمة في التكوين الفني والتقني في ميدان المسرح وفنون العرض و…..
المشروع المصادق عليه، الذي توجد من أهدافه إعادة النظر في تركيبة المجلس الإداري بإضافة عضوين ليصبح 19 بدل 17 عن الجمعيات الفاعلة في الميدان المسرحي، وباطلاعنا على العدد الأخير من الجريدة الرسمية العدد 6863 (9 مارس الجاري2020) لم ينشر بعد بالجريدة الرسمية وسط تساؤلات عديدة أولها:
ما مصير المشروع الموضوع لدى وزير المالية لإعادة النظر في القوانين المنظمة لعمل الأطر والمستخدمين الذين يشتغلون حتى في العطل الأسبوعية والأعياد رغم التعويضات الهزيلة؟ هل ستخل تعديلات على نظام التقاعد وإمكانية تعديل سن التقاعد للموظفين والعاملين به الى 63 على غرار باقي المؤسسات العمومية؟ ماهي الاجراءات المتخذة في ما يخص حساب المؤسسة المفتوح بالخزينة العامة وتغيير الاسم باعتبار أن مرسوم رقم 2.17.739 الصادر بالجريدة الرسمية في 2018 يمنح لوزير الاقتصاد والمالية سلطا وصلاحيات بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات العمومية.
يشار الى أن الرباط أصبحت تحتضن اليوم أكبر مسرح بافريقيا وهو المسرح الكبير بالمغرب الذي شرع في إنشائه منذ2014 ، ويرتقب أن يتم افتتاحه في أبريل المقبل بعد وعود بانتهاء الأشغال به منذ 2018 . وهو المنشأة التي تسعى الى جعل الرباط ، واحدة من كبريات العواصم الثقافية العالمية، حيث سيضاهي منشآت هذه العواصم من حيث الحجم والمرافق والنمط المعماري. ويشتمل تصميم المسرح الكبير على قاعة كبرى للعروض تتسع لـ2,050 شخصا، يشتمل على خدمات سمعية بصرية متطورة، إلى جانب مسرح صغير يتسع لـ520 شخص، وسيضم المشروع كذلك مدرجا خارجيا يتسع لـ7,000 شخصًا لاستقبال مختلف التظاهرات الموسيقية والفنية علاوة على مرافق أخرى متنوعة. تنفيذ المشروع بتكلفة تقارب حوالي 1.35 مليار درهم. وقد تم تخصيص مساحة 47,000 مترًا مربعًا في الرباط على ضفاف نهر ابي رقراق ن لتنفيذ هذا المشروع، مع مساحات خضراء على مساحة 27,000 متر مربع.
وقد عهد بتصميم معلمة «المسرح الكبير» للرباط إلى المهندسة المعمارية البريطانية من أصل عراقي، زها حديد، الحاصلة على جائزة «بريتزكر» للهندسة سنة 2004 وجائزة «ستيرلينغ»، والتي صنفت ضمن لائحة المهندسين المعماريين الأعلى أجرا في العالم .
فهل يكون إنشاء هذا «المسرح الكبير» كمعلمة ثقافية للمغرب عموما والرباط بصفة خاصة، سببا وراء جعل مسرح محمد الخامس مسرحا وظيفيا مثل باقي المسارح؟