للوقاية من «كورونا» يجب أن يشمل المساجدَ قرارُ الإغلاق
مصطفى المتوكل الساحلي
الأمن الصحي والخوف على النفس لا يجب أن يكون مناسباتيا وفي علاقة بالكوارث والأوبئة، إنه من علامات تعافي السياسات العمومية في علاقاتها مع المواطنين والمواطنات، ومقياس لنجاعتها وكفاية خدماتها، فعدم جعل الوقاية جزءا محوريا من البرامج و التي هي من مرتكزات التنمية يجعل قراراتنا متأخرة ليس زمنيا فقط، في علاقة بقدرات واستعدادات وفق مخططات يجب أن تكون مواكبة لدول العالم المتقدمة والرائدة، وتتجلى بالوطن كله وجهاته وأقاليمه وجماعة وبكل القطاعات الحكومية وفق الاختصاص،، ومدخل ذلك التوفر على قطاع عمومي قوي بموارده البشرية المؤهلة الكافية مع توفر احتياطي هام منها لتجويد الخدمات والاستعداد للطوارئ ..وهنا نقول للذين يخططون للتضييق على القطاعات العمومية وخاصة التعليم والصحة ويروجون للقطاع الخاص بسعيهم لشبه خوصصة القطاع العام، إنكم تخططون للإفلاس، ولإضعاف الدولة، وتفقير الشعب وهذا يمس بمرتكزات الاستقرار والأمن والطمأنينة ..ونترك الأجوبة لكل القطاعات الرسمية والخاصة وللمواطنين والمواطنات الذين يعرفون البئر وغطاه كما يقول العامة.
إن وباء ” كورونا ” كشف للرأي العالمي بين ثلاثة مناهج في تعامل السياسات العمومية والعالمية المستدامة برؤية استراتيجية تصاعدية ،والتعامل مع الإشكالات والأزمات الناجمة عن التنافس والصراع الاقتصادي العالمي ، أو الأزمات الناجمة عن الكوارث الطبيعية والصحية:
– منهج وسياسة الصين التي أبانت عن نجاحات مطردة وحضور قوي وفعالية ونجاعة في وضع الخطط والسيناريوهات وبرامج التدخل، والتماسك والانضباط والوعي الشعبي المتميز، والاعتماد الكبير على الرأسمال البشري كقاطرة قوية للنهضة والتطور والتقدم بجعل الكفاءات والخبرات متوفرة لحالات الرخاء لتسريع وتيرة النمو ، وفي الشدة مثل أزمة وباء “كورونا” للتغلب على تحديات ومتطلبات التصدي بنيات الاستقبال والوقاية والعلاج و..
– منهج غربي تتجاذبه النزعات الليبرالية الأنانية، والتوجهات المؤسساتية الإجتماعية والتضامنية، بما جعله يظهر بأنه مازال غير متمكن من تطوير منظومة الطوارئ ومواجهة الأوبئة التي تتحدى الأفراد والتجمعات السكانية، كما تحرج الحكومات التي من الواجب ان تكون مرنة وسريعة التحرك بقوة وفعالية قادرة على الحد من استفحال الوباء وامتداد آثاره السلبية إلى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي..
– ومناهج العوالم الثالثة المختلفة والتي لن نذكر طبيعتها ومستوياتها وردود أفعالها لأن حكوماتها وشعوبها يعرفون ويمتلكون القدرة على المقارنة والقياس…
ولنعد إلى المغرب في علاقة مرض فيروس «كورونا» (،، لنطرح أن المفترض وقائيا أن تتخذ القرارات المتشابهة في نفس اليوم في علاقة بالتجمعات البشرية تعلق الأمر بالحفلات وقاعات العروض والمؤسسات التربوية والتعليمية …
وهنا نتساءل لماذا لم يتخذ قرار إغلاق المساجد والمرافق الصحية التابعة لها باعتبار أنها من الأمكنة العمومية الوحيدة التي يدخل الناس إليها أحذيتهم التي قد تكون ناقلة للجراثيم والفيروسات تعلق الأمر بمن يتوضأ بمرافقها ، أو من مر في الطرق العامة بحذائه على نخامة مريض ، ثم إن أيادي المصلين و أفواههم وأنوفهم تكون فوق الفراش مما يجعل الرذاذ ملتصقا به ، إضافة إلى السعال والعطاس والذي يحدث من أشخاص يحملون فيروس الوباء أو أنواع الزكام وأمراض الجهاز التنفسي المختلفة ..
إننا هنا لن نذكر بالقواعد الشرعية في مثل هذه الوضعية الحرجة والحساسة والتي منها ما يعفي من الذهاب إلى المساجد لاعتبارات أمنية ، والأمن ليس فقط في علاقة بالإجرام ووجود الحيوانات المتوحشة ، بل منه الأمن الصحي الذي يهم من يصلي بالمساجد وأسرهم ومن يعاشرون ويخالطون ..
إن الأمر لايحتاج إلى فتوى أو تأخير معطل للوقاية متسبب في مخاطر إضافية ،، بل بأن يكون القرار منسجما ومنطقيا مع دواعي قرارات مماثلة اتخذت من طرف بعض القطاعات الحكومية دون غيرها لحد الساعة …
وبما أن الأمر يعني الناس كافة فالحكومة ملزمة باتخاذ القرار المؤطر لتعميمه ليشمل إغلاق المساجد والزوايا و.. بموازاة مع إغلاق المؤسسات التعليمية ومنع المواسم واللقاءات التي تتجاوز خمسين نفرا – وحتى هذه يجب مراجعتها أو وضع ضوابط وقائية إضافية لها -..
الكاتب : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 16/03/2020