عرفت عدة مقاطعات بالدار البيضاء توافد أعداد كبيرة لمواطنين بغية الحصول على الرخصة الاستثنائية التي تسمح لهم بمغادرة منازلهم نحو العمل أو لقضاء أغراضهم في ظل إعلان حالة الطوارئ الصحية حفاظا على سلامة المواطنين من انتشار عدوى فيروس كوفيد19، والتي تفرص على الناس المكوث ببيوتهم وتجنب التجمعات درءا للخطر المتربص، إلا أن بعض التصرفات غير المسؤولة تطفو بين الفينة والأخرى على السطح وتظهر مدى الاستهتار بالخطر وتهوينه، وما التجمعات التي عرفتها المقاطعات، مساء أول أمس الأحد، إلا خير دليل.
سلوكات ربما ساهم فيها بشكل مباشر بعض أعوان السلطة، وعلى الخصوص المقدمين، الذين قاموا في وقت سابق من يوم السبت بجمع نسخ من بطائق التعريف الوطنية من المواطنين والالتزام بجلب الرخصة المطلوبة حتى البيوت الشيء الذي لم يحدث بالشكل الناجع وفي الوقت المحدد، وعلى اعتبار أن هناك مواطنين ملزمون بالالتحاق بمقرات عملهم صباح الاثنين فقد رأى عدد كبير منهم أن يلتحق بنفسه بالمقاطعات المعنية لحل المشكل من هناك، لكن الأمور لم تزدد سوى استفحالا، إذ تجمع الناس قرب بعضهم البعض بشكل خطير ودون أن يتخذوا مسافة كافية بين بعضهم البعض منتظرين أن يحظوا برخصة التنقل دون أي خوف من انتشار العدوى بينهم، وهو الأمر الذي دفع مؤذن مسجد بعد رفعه الآذان إلى مناشدة الناس الرجوع إلى بيوتهم وتطمينهم بأنهم سيتوصلون بالورقة في أقرب وقت، لكن مناشدته ذهبت أدراج الرياح وبقي الناس متجمهرين أمام باب المقاطعة في انتظار ورقة الخلاص…
ويبدو أن البعض فهم أن حالة الطوارئ الصحية لا تعنيه أو أنها تبتدئ فقط من الساعة السادسة مساء، لذلك يستمر في الخروج طوال النهار لقضاء أغراضه أو للتسكع في الطرقات أو للذهاب للمقاطعات كما حدث مساء الأحد، لكن وقبيل السادسة تلاحَظ حركة غير عادية تبتدئ مع بداية إقفال المحلات التجارية لأبوابها، حيث يبدأ الناس في الهرولة في اتجاه بيوتهم، أو نحو أحد «الحوانيت» وقد تذكروا فجاة أنهم قد نسوا التبضع أو شراء ما يلزمهم، ومما يزيد الأمر غرابة، صوت صفارات سيارات الأمن الذي يطغى على الأسماع ويتقاطع مع صوت النشيد الوطني الذي ينبعث من مكبر صوت بشرفة أحد البيوت والذي يشغله صاحب البيت، في مبادرة شخصية، لثلاث مرات متتابعة في تمام السادسة ثم يترك مكانه لأناشيد وطنية حماسية تستمر لمدة طويلة بعد السادسة.. ثم يسود الصمت، بعد أن يركن كل واحد إلى بيته مضطرا.