إلى أين ؟؟!!! : رسالتي للمجتمع العلمي…

الدكتور عماد سوسو

هذه الفترة العصيبة تتطلب منا أن نتحلى بالواقعية والبراغماتية، وأن يتصدر المجتمع العلمي المشهد ويتوارى الجميع للخلف، يجب الاعتراف بأن القيام ب 4000 تحليل مخبري منذ بداية الأزمة لا يمكن أن تتمخض عنه استراتيجية واضحة في الزمان والمكان، ألمانيا وحدها تقوم ب 500000 تحليل مخبري أسبوعيا، كذلك اتباع تجارب فاشلة قد يصيب كل العملية في مقتل.

أنا لا أتفق مع وزارة الصحة في محاور كثيرة من استراتيجيتها المعتمدة، ولا حول المعايير التي تعتمدها أو بروتوكولاتها، وأعتقد جازما أننا نضيع الكثير من الجهد والمال، هذا رأيي الذي لا يلزم أحدا.

هل سيتحمل المغرب تمديد فترة الحجر الصحي ؟؟ أم يجب التفكير منذ الآن في استراتيجية أخرى وحلول للإشكاليات المطروحة، وعلى رأسها ضعف عدد المستفيدين من التحليل المخبري الذي سيزيد الطلب عليه للتأكد من شفاء المرضى من عدمه.
لقد انساق كثيرون نحو التفاؤل والحماسة المفرطة، وهناك من طبل وزمر كما هي عادة من لهم مصلحة في الأزمة وبعدها. هذا دفع فئات من المجتمع إلى الاعتقاد أن الأزمة أشرفت على نهايتها، وخرجوا مهرولين للشارع والأسواق، وأنا ضد تحميلهم المسؤولية كاملة لانتشار الوباء وارتفاع عدد المصابين.
على المجتمع العلمي أن يتحمل مسؤولياته التاريخية ويتصدر المشهد ويفتح نقاشا حقيقيا عميقا حرا وديموقراطيا بين جميع المنتسبين له وننصت للجميع، خاصة من هم في ميادين المواجهة المباشرة مع الوباء. ألم يحن الوقت بعد لتكون عندنا une approche syndromique بالنسبة لمرضcovid19؟ ألم يحن الوقت لعلاج المرضى وأيضا المخالطين لهم استباقيا بالكلوروكين دون الحاجة لتحليل مخبري؟ خصوصا وأن تكلفة العلاج بسيطة.
هل سيتحمل الشعب، وخصوصا الطبقات المسحوقة، الكساد الاقتصادي والحجر الصحي لمدة أطول؟ ماذا سنقول له إذا طالت الأزمة؟؟ فاقتصادنا هش ومؤسساتنا الصحية هشة.
هل سنضطر لاتباع تجارب أخرى كتجربة هونغ كونغ مثلا ؟ فإذا كنا سنفعل ذلك فلما لا نقوم به اليوم قبل الغد؟
حان الوقت لكي يقوم المجتمع العلمي بدوره الريادي ويبتعد السياسي والأمني عن قيادة تدبير هذه الأزمة ونستمع لمنطق العقل وقوة العلم..
أنا مضطر لاتباع توصيات واستراتيجية وزارة الصحة فأنا مع العمل المؤسساتي وضد الفوضى، فهذه حربنا جميعا، لكن يجب في ظل هذه الأزمة أن نستمع للأصوات الأخرى حتى لو كانت لا تتوافق والرؤية الرسمية، أقولها عاليا، المجتمع العلمي يضيع فرصة تاريخية لرد الاعتبار لأفراده ومؤسساته، فليس هذا وقت الجبن والتطبيل، فلولا صرخة الطبيب» Didier Raoult « مثلا لما بدا لنا في الأفق أمل رغم «البوليميك» الذي صحبه، هذا وقت تحمل المسؤولية والمبادرة، أم سنتحدث بعد أن تضع الحرب أوزارها عن الخيانة الأكاديمية، فماذا لو كنا مخطئين؟؟

الكاتب : الدكتور عماد سوسو - بتاريخ : 08/04/2020