أيها الليل

أيُّها الليلُ.. ما عَادٌتِ الغَيْمَةُ غيمةً
ولا امْرَأةً…
وبَيْنَ اليَدِ والأَصَابِعِ
أَبْخِرَةٌ تَتَصاعَدُ في كُلِّ اتِّجاهْ .
قُلتُ مَرَّةً :
ومَا الذِي يَجْعَلُ مِنْ يَدِي مِطْرَقَةً
تَدُقُّ الوَقْتَ مِثْلَمَا تَدُقُّ أُمِّي الحَجَرَ عَلى الحَجَرِ .
مَا الذِي يَجْعَلُهَا تُحْدِثُ هَذا الخَرَابَ فِي الأَرْضِ .
كُلَّمَا صَارَ البَحْرُ ضَيِّقاً، صَارَتْ يَدِي طَوِيلَةً .
أيُّها اللَّيلُ : لِمَاذا نَبْتَسِمُ عِنْدمَا نَحْلُمُ بِالفَراشَاتِ السَّوْدَاءْ ؟
لِمَاذا نَبْكِي ونَحْنُ نَنْتَظِرُ المَوْتَ عَلَى الرَّصِيفْ ؟
المَقَاهي فَارِغَةٌ ،
القِطَارَاتُ لا تَأْتِي،
الفِخَاخُ مَنْصُوبَةٌ في الحُقُولْ ،
الطُّيُورُ لا تَنْقرُ في التُّرَابْ، فَتَمُوتُ فِي الأَزِقَّةِ المَهْجُورَةِ .
أَيُّهَا اللَّيْلُ : هَذِهِ الغَيْمَةُ في الأَصْلِ امْرَأةٌ
تَجْلِسُ فَوْقَ سُرَّتِها، وتَبْكِي
هِيَ تَعْرِفُ أنَّ اللهَ سَيَأْتِي
يَحْمِلُ في يَديْهِ البَحْرَ ،
والضٌّبَابْ .
يَحْمِلُ في يَدَيْهِ أُمِّي
والأصْحَابْ .
أيُّها اللَّيلُ : أيْنَ سُفُنِي التِي صَنَعْتُهَا
مِنَ الأخْشَابْ ؟
مَرَّةً قُلتَ لي :
ومَا الذِي يَجْعَلُ مِنْ أَصَابِعِكَ خَيْمَةً ،
أْوْ كَنِيسَةً .
مَا الذِي يَجْعَلُها غَابَةً
يَكْبُرُ فِيهَا الشَّجَرُ ويَصْعَدُ مَعَ السَّاقَيْنْ :
تَكْبُرُ شَجرَةُ التُّوتِ،
والنَّارَنْجِ،
وتَكْبُرُ الفَرَاشاتُ السَّوْدَاءْ.
ثُمَّ تَنْمُو الحِنْطَةُ،
والحَشَائِشُ الخَضْرَاءْ .
مَاذَا نَصْنَعُ إذن ، بِكُلِّ هَذهِ الأَحْلامْ ؟
هَلْ نَرْفُسُها بالأَقْدَامْ ؟
هَكَذا، بالأَقْدَامِ الحَافِيةِ
ثُمَّ نَضَعُ تَحْتَها الأَلْغَامْ .
هَذِهَ مُدُني ،
كُلُّ الشُّمُوسِ تَشْرُقُ مِنْهَا :
رُومَا التِي في القَلْبْ،
قُرْطُبَةُ التِي تَبْكي،
وبَابِلُ التَي تَبْتَسِمْ .
أَيُّهَا اللَّيْلُ : هذه الغَيْمَةُ مَا


الكاتب : مصطفى لفطيمي

  

بتاريخ : 14/04/2020