اعتاد الناس تشييع جثامين أهاليهم وذويهم إلى مثواهم الأخير في المواكب الجنائزية، وتقديم التعازي والمواساة في الظروف الطبيعية، وتنظيم» تأبينهم» في ظل الأجواء والمآتم الموروثة منذ القدم، بحضور الأهل والمعارف والأصدقاء، غير أن جائحة فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 قلبت العادات والمفاهيم والطقوس رأسا على عقب، حيث أضحت مثل هذه المراسم أمرًا صعب التنفيذ، وتشتت شمل الأسر وتوقفت روابط صلة الرحم وعلقت اللقاءات إلى أجل غير مسمى، سيما مع التفشي السريع للفيروس اللعين، وما تلاه من إجراءات احترازية و تدابير وقائية، ودعوات للبقاء في المنازل.
في هذه الأجواء، وعلى خلفية رحيل أستاذ للغة الفرنسية، بالسلك الإعدادي، بمدينة خنيفرة، الحاج ذ. أحمد البيض، يوم الأربعاء 15 أبريل 2020،بادر عدد من أصدقائه ومعارفه وتلامذته،أمام القيود الصحية المفروضة على التجمعات، إلى تنظيم «حفل تأبين عن بعد»، عبر تقنيات التواصل المتاحة، ومنصات التواصل الاجتماعي، وذلك في تاريخ محدد وزمن تم الاتفاق عليه مسبقًا، حيث تميز الحفل بقراءات قرآنية، ابتهالات دينية، كلمات تأبينية،وشهادات ذكرت بخصال ومناقب الفقيد .
وذكر المشاركون بجمع الراحل بين المعرفة والأدب والفقه ولغة موليير، كما تحدث عدد من زملائه، من أسرة التعليم، عن وفائه لمهنة التدريس بكل إخلاص ونكران للذات. وقد كانت شهادة أرملته،ذة. فاطمة علوان، مؤثرة للغاية وهي تتحدث بنبرة مؤلمة عن الفقيد، «أبا وزوجا ورفيقا للعمر»
و أكد أفراد أسرة الفقيد، أنهم شعروا بجميل العزاء عبر ما تم تدوينه في «حفل التأبين عن بعد»، مشددين على أهمية التزام الجميع بالإجراءات الاحترازية والوقائية في هذه الظروف الصعبة.. و ذلك قبل اختتام «الحفل» بالدعاء لروح الفقيد بالرحمة والمغفرة وفسيح الجنان.