ضمن الأعمال الدرامية الرمضانية : عزيز وعادل الفاضلي يكرمان المرأة في فيلم تلفزيوني جميل  

ضمن الأعمال الدرامية الخاصة برمضان الحالي، تابعت بمتعة كبيرة على قناتنا الأولى آخر الأفلام التلفزيونية التي وقعها المبدع عادل الفاضلي تحت عنوان « البركة فراسك « (2019 ). و قد سجل في هذا الفيلم، الذي كتبت سيناريوه و حواره فاتن اليوسفي، عودة قوية للممثل القدير عزيز الفاضلي و إلى جانبه ثلة من خيرة الممثلات و الممثلين المخضرمين و الشباب و غيرهم: نادية نيازي، عبد النبي البنيوي، سعيد باي، نادية كوندا، سحر المعطاوي، الطفلين محمد طه زهاوي و ملاك كلارا يقان…

 

يحكي الفيلم بإيقاع متوازن يوميات أستاذ جامعي ( عزيز الفاضلي ) ماتت زوجته بمجرد إحالته على التقاعد و ما تعرضت له حياته بعد ذلك من اضطراب و رتابة و شعور بالوحدة و الفراغ. فزوجته الراحلة، التي نسمع كلامها عبر صوت الممثلة القديرة نعيمة لمشرقي و لا نرى في الفيلم إلا صورتها الفوتوغرافية، كانت تكمله و يكملها. لقد أعفته من مهام البيت و شؤونه المختلفة، كما تحملت بمفردها مهمة تربية ابنهما و ابنتهما و السهر على شؤونهما إلى أن تزوجا و أصبح لكل منهما بيت: الابن يعيش مع زوجته و ابنهما الصغير بمراكش و الابنة تعيش مع زوجها و ابنتهما بالجديدة، و ذلك ليتفرغ لدروسه و أبحاثه و طلبته في الجامعة.
انطلق الفيلم بمشهد للبطل وهو يحاضر لآخر مرة داخل مدرج جامعي متحدثا عن المرأة و قيمتها و دورها الأساسي داخل المجتمع و نضالها المستميت من أجل انتزاع حقوقها، مستشهدا في ذلك بما جاء في مقدمة العلامة ابن خلدون و مؤلفات الفيلسوف المتصوف محيي الدين ابن عربي و بعض الدراسات السوسيولوجية و على رأسها سوسيولوجيا المرأة  و موصيا الطلبة باحترام المرأة و حبها و إنصافها، و اختتم الفيلم بمشهد عاد فيه البطل إلى المدرج بمبادرة من زميلته عميدة الكلية ( نادية نيازي ) و بحضور طلبته و ابنته و ابنه و زوجته..، و في هذا المشهد الأخير المحرك للعواطف، تذكر أستاذ علم الاجتماع السنوات الطويلة التي قضاها في التدريس مع طلبته، و هي المهنة التي مارسها بعشق و متعة لا تضاهيها إلا متعة العيش إلى جانب زوجته الراحلة التي كان يحبها و يقدرها إلى أبعد الحدود. رحيل زوجته إذن و ما خلفه من فراغ مهول في حياته، و انفتاحه على مشاكل ابنته مع زوجها و بعض تفاصيل حياة ابنه الزوجية، هما اللذان جعلاه يدرك بالملموس قيمة هذه المرأة / الزوجة في حياته و حياة أبنائه، و قيمة و أهمية المهام التي كانت تضطلع بها.


« البركة فراسك « فيلم تلفزيوني مغربي جدير بالاحترام، لأن فيه مجهودا ملحوظا على مستويات عدة. فبالإضافة إلى جدة الموضوع، كان اختيار الممثلين و إدارتهم من طرف المخرج موفقين إلى حد كبير. زد على ذلك التصوير الجميل الذي أشرف على إدارته المخرج نفسه و الموسيقى الموظفة بعناية كعنصر من عناصر التعبير، و هي من إبداع الموهوب نوري، و الديكور و الملابس و غير ذلك… إلا أن السيناريو و الحوار تتخللهما بعض المفارقات، إذ كيف يعقل أن يكون الأستاذ الجامعي مناصرا في محاضراته للمرأة و ذكوريا في تفكيره عند زيارته لبيت كل من ابنته و ابنه؟
و بغض النظر عن بعد الشخصية الرئيسية في الفيلم نسبيا عن الواقع و افتقار بنائها في السيناريو إلى العمق المطلوب، يمكن القول إن الفيلم فيه تناسق ملحوظ بين مختلف مكوناته، و بهذا يمكن اعتباره من العلامات المضيئة داخل الإنتاجات الدرامية لقناة « الأولى « في موسم 2019/2020.

 

 


الكاتب : أحمد سيجلماسي

  

بتاريخ : 14/05/2020