ضد الارهاب ضد الجائحة ضد الجريمة

لم يكن لرجال الأمن أن يحتفلوا بالذكرى 64 لتأسيس جهازهم، لأنهم ببساطة كانوا في الميدان، في كل الطرقات والشوارع والأحياء والحارات والمفترقات والحواجز، في كل مناطق البلاد.. كانوا في الجبهة، التي اختاروها واختارتهم لكي يقوموا بواجب، لا أحد يعرف كل تفاصيله غيرهم.

في هذه السنة، التي يواجه الوطن وباء فتاكا، يتذكر رجال ونساء الأمن تاريخا من الجبهات، إحداها، أكثرها ألما، ولا شك، ذكرى 16 ماي الأخيرة، التي وضعت الأمن بدوره في واجهة محاربة الإرهاب..
كانت رسالة الإرهاب، في اختيار تاريخ التأسيس تلخص كل شيء، وتكشف عن كل شيء، وتعطي معني للأمن، أفرادا ومؤسسة في المغرب..
وبعد أن تجاوز بكثير، كثير، صدمة تلك الكارثة الإجرامية وصار الأمن، بكل أجهزته، بعد توحيد مؤسستين رئيستين من مؤسساته في عملية ، تكرست القدرة على المواجهة وضاعف النسيج الإرهابي في البلاد.. وتحصين الطمأنينة ، بالرغم من استمرار التحرشات الإرهابية في كل منعطف وفي كل ليل..
في سنة الناس هاته، يكون على الأمن أن يكون صمام أمان في معركة جديدة، ضد جائحة تملك من القوة ما جعلها تُركِّع كبريات الدول وكبريات الأنظمة وكبريات العقول.. وكان الأمنيون، في صلب المعادلة الوطنية.
في معركة قد يكون فيها من تحميه من العدو،
هو مخبأ العدو ،
وهو حامله
وهو طابوره الخامس بدون أن يشعر..
وعلى الأمن أن يقنعك بأن تغير من عاداتك
وأن تجعل من صحتك ….حريتك
ومن صحة البلاد ، واجبك..
وينسي التعب
وينسى التوجس
وينسى أنه أيضا قابل للعدوى..
وعلى الأمن أن يجد الوصفة بين احترام قوة القانون وقوة الحقوق.
وقد كان لافتا التنصيص الدقيق والواضح ، في الرسالة التوجيهية للمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني عبد اللطيف الحموشي على ضرورة الجمع بين »التطبيق السليم والحازم للقانون«، فهي معادلة تجمع بين احترام القانون، (ربما تحيلنا على سابقة فتح التحقيق في الأسبوع لتطبيق الحجر عندما تداولت المنصات الاجتماعية المشاهد المؤسفة للتدخل العنيف، وهو ما لم يتكرر).. والحزم، لضمان الأمن الصحي، حتى تكون الحياة من بعد ممكنة.
غير خاف، أن نساء ورجال الأمن، اليوم هم أعداء العدو، كجنود آخرين من الأطباء والمهنيين والعمال المياومين وعمال الخدمات الأساسية، وقد يصبهم العدو أيضا وينال من أجسادهم، كما بينت حالات عديدة..
هي جراح المقاتل قد تصيبه في أي شبر من جسده!
بين ضمان الأمن الصحي، مع احترام الأمن الحقوقي ، تتأسس العقيدة الحالية في محاربة هذا الوباء الصعب والموارب ..
هؤلاء الذين يحتفلون بعيد ميلادهم في خنادق المواجهة
وفي متاريس المراقبة،
هؤلاء الذين يصنعون الغد الممكن للحياة العادية.
ستسجل دفاتر هذه السنة ، المساهمة العلمية في تطوير تطبيقات ذات الصلة بمراقبة الوباء ، وتفاصيل تحركاته، بدون أن يمس ذلك بالأمن الحقوقي، ولا بتطبيقات الحق والحرية، بشهادة لجنة المعطيات الخاصة والمهتمين الحقوقييين..
في السنة التي يسجلها التاريخ سنة 74 لميلاد مؤسسة الأمن، تقدم الأمنيون والأمْنيات إلى الجبهة، بدمهم،
حين تبرعوا بالدم …
وبمالهم
حين شاركوا فرادى ومؤسسة في الصندوق الوطني للوقاية من آثار الفيروس…
وبأجسادهم ككل يوم..
وفي ذلك تفردوا عن غيرهم من باقي فئات الشعب،
مثلهم في ذلك مثل جنود القوات المسلحة ورجال الصحة المعرضين للعدوى
في كل لحظة وفي كل حين..
وعليهم في الوقت ذاته أن يمنعوا اللصوص
والمعتدين
والمفسدين
والمغتصبين ،
وباعة الأقراص المهلوسة
والحشيش من عاداتهم المقرفة في الجريمة
ومن ساعاتهم الإضافية في تدمير الروح والجسد ..
في وقت ، لعل أكبر المجهود فيه هو ضمان الحياة..


الكاتب : عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 18/05/2020