كيف تصبح كاتبًا؟ .. الكاتب التشيكي ايفان كليما: العمل الصحفي مهم جداً بالنسبة للكاتب

إيفان كليما، أحد أهم كتّاب جمهورية التشيك، وهو كاتب يعرف على المستوى العالمي من خلال أعماله الروائية المتميزة ومنها «الحب والنفايات» و«قاضي يتم استجوابه» و«أيام البهيجة» و«الحميمية المطلقة».
أثناء زيارته الأخيرة لبريطانيا ضمن جولة شملت الولايات المتحدة وبريطانيا للترويج لآخر أعماله الروائية «لا قديسون ولا ملائكة» (التي صدرت منها طبعتان باللغة الانجليزية في كل من لندن ونيويورك) أجرت معه مجلة «آرتس وورلد» هذا الحوار الذي دار حول كتابه الجديد وحول توجهاته الجديدة وتقييمه للأوضاع الحالية في جمهورية التشيك.

 

– في «لا قديسون ولا ملائكة»، هناك اشارة الى كاتب تشيكي آخر هو كارل كابيك فما هي أهمية ذلك بالنسبة للكتاب وبالنسبة لك أنت شخصياً؟
– إن هذا هو أحد الدروس التي تلقيتها في حياتي. فالمنزل الذي أمضيت فيه طفولتي كان يقع على بعد ثلاث دقائق فقط من المكان الذي كان يقيم فيه كابيك أما موضوع رسالة الماجستير التي قدمتها فقد كان يتحدث عنه.
إن كابيك لا يزال مقروءاً على نطاق واسع في جمهورية التشيك وبإمكان المرء أن يحصل على قصاصات ممتعة مما يكتبه إضافة إلى تأثيره القوي على الحياة الثقافية فيها، وكلانا كان قد جمع بين العمل في الكتابة والعمل الصحفي وكلانا ظل يكتب في صحيفة «ليدوف نوفني».
وبالنسبة للعمل الصحفي، فأنا أرى انه مهم جداً بالنسبة للكاتب إلا أنني وعلى الصعيد الشخصي لم أكن محظوظاً إلى حد ما بالاستمرار في العمل الصحفي لأنني وعلى مدى 20 عاماً كنت قد منعت من الكتابة لأي صحيفة ولم أكتب خلال تلك المرحلة إلا في الصحف السرية.
فيما تجد أنني كتبت خلال السنوات العشر الأخيرة حوالي مئة مقالة فإن ما كتبه هو في هذه المدة يتجاوز الألف.

– من ناحية ألا توجد مقارنة أخرى بين تشيكوسلوفاكيا الحديثة وبين بطلة روايتك كرسينا غير تلك التي أشرت إليها باعتبار أن كرسينا كانت قد ولدت في اليوم الذي رحل فيه ستالين؟
– الواقع أنني لم أتعمد هذا الربط في حد ذاته. كنت أريد ان أوضح فقط أن كرسينا كانت تقودها الكراهية والضغينة فيما هو من المهم جداً أن يعرف الانسان كيف يسامح حتى أولئك المذنبين.
إنها تكتشف هذا في النهاية وتسامح زوجها ووالدها. إن الشيء الأهم في علاقتنا هو ان نجيد فن التسامح مع الآخرين.

– وأنت تتحدث عن التسامح والمصالحة هناك شخصيات في روايتك منها جان يعمل لدى مؤسسة مهمتها هي البحث عن أولئك الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم خلال الحقبة الشيوعية السابقة، وانت تتحدث عن صعوبة مهمة هذه اللجنة المكلفة بالبحث. هل يمكن مسامحة مجرمي النظام السابق الذين لم يقدموا الى المحاكمة؟
– إنني اسلم بضرورة أن يعاقب بعض هؤلاء المجرمين أو على الأقل يصرح علناً بأنهم مجرمون. إن أغلب هؤلاء هم من كبار السن ولأن من الصعب أن تبدأ محاكمتهم. وفي الرواية يدعي المجرم الذي يقوم جان باستجوابه أنه لا يتذكر شيئاً مع أنه في الحقيقة القاضي الذي أصدر أحكاماً بالسجن مدى الحياة على الكثيرين. وكان يدعي انه غير مذنب لأنه كان يؤمر باتخاذ تلك القرارات، وهو ما يمكن القول غنه صحيح تماماً لأن الأوامر يصدرها في الأساس قادة الحزب. وهذا ما يبدو لي أنه مختلف أيضاً عن مسامحة المرأة لزوجها أو مسامحتك لشخص قام بخداعك أو مسامحتك لأشخاص تعلم جيداً انهم كانوا يؤيدون النظام السابق.

– الآن، هل توجد هذه الجرائم التي تتحدث عنها بكثرة في جمهورية التشيك؟
– لقد حاولوا أن يعاقبوا عدداً قليلاً من الناس، عدداً قليلاً فقط إلا أنه ما زال ينظر في هذه القرارات وقد أثيرت حولها الآراء في الصحف. وأذكر أن أحد أصدقائي قام منذ مدة طويلة بجمع أسماء عدد كبير من المخبرين الذين كانوا يتعاونون مع السلطات في ذلك الوقت، ووصل هذا العدد إلى 100 ألف شخص، ونشر في الصحف على ثلاث دفعات ومن هؤلاء من قام بارتكاب فظائع ولم يعاقبوا بما يتناسب مع تلك الجرائم التي ارتكبوها، ومنهم من صدرت عليه أحكام بالسجن مدى الحياة أو لفترات طويلة، ومنهم من أفرج عنه على أن يتعاون مع الشرطة. لكن هذه القائمة لم تتوفر فيها العدالة، وهناك من وقع عليه الظلم، ومع ذلك نشرت مرة أخرى في كتاب وأحد أصدقائي «بافل كوهوت» كتب رواية عن هذا الموضوع والصعوبة الوحيدة التي واجهته هي في أنه لم يستطع الإجابة عن السؤال عما إذا كانت القائمة تتضمن شيئاً من العدالة أم لا. وعلى الرغم من أن اسمه كان قد ظهر في إحدى تلك القوائم إلا انه لم يندد بأي جهة.


الكاتب : مريم جمعة

  

بتاريخ : 29/06/2020