أشهر الأساطير والخرافات : لغز وحش بحيرة «لوخ نيس»

كثيراً ما نسمع اسم «وحش البحيرة» في أفلام الكارتون وأفلام الخيال العلمي، ولم نكن نظن أن تلك القصص الخيالية قد تبدو حقيقية يوماً ما. فهناك في اسكتلندا.. هذا الخيال يبدو واقعاً يراه الكثير من الناس.
تقع بحيرة «لوخ نيس» في اسكتلندا، وعلى الرغم من شهرتها كأكبر مخزون للمياه العذبة مقارنةً مع البحيرات العذبة الاخرى في أوروبا، إلا أن ذلك لم يكن السبب لوحيد لشهرتها؛ إذ هناك سبب آخر، وهو أسطورة وحش البحيرة الذي يسمى»نيسي»، حسب تسمية الناس هناك، والذي يعيش تحت مياه هذه البحيرة..!
صحيح أن الأمر قد يبدو غير منطقي.. ولكن في الحقيقة، هناك الكثير من المشاهدات التي سٌجلت لتحركات غريبة في البحيرة وهو الأمر الذي رآه كثيرون من عشرات السنين.

 

بداية الأسطورة
يرجع تاريخ أول ظهور للوحش إلى القرن السادس، حيث يقال أن راهباً إيرلندياً عاقب هذا المخلوق وأعاده إلى أعماق المياه.
ومع وصول الرومان في القرن الأول الميلادي إلى اسكتلندا وجدوا فيها شعباً قبلياً يسمى شعب «البيكت» يتميز بوشم الجسم. وكان هذا الشعب معجباً بالحيوانات وكان يدون على الصخور الحكايات والأساطير المتعلقة بها.
كانت بعض النقوش التي عثر عليها ذات أوصاف شبيهه بأوصاف وحش البحيرة نيسيي والبعض يرجح احتمالية أن تكون أول سجل على وجود هذا الكائن والتي يعود تاريخها إلى حوالي ألفين عام.
الظهور الأول لـ «نيسي»
بدأت أول المشاهدات «نيسي» عام 1930، عندما تمت مشاهدته من قِبل بعض الأشخاص الذين وصفوه كأنه إوزه عملاقة لها عنق طويل، والبعض وصفه على أن رأسه كرأس الكلب، أو كوحش من عصور ما قبل التاريخ له رأس أفعى!
وقد أثار الظهور الأول «لنيسي» ذهول العالم أجمع، ولكن المثير للجدل أنه تمت مشاهدة مخلوقات شبيهه له في العديد من البحيرات، وكذلك في المحيط الهادي، الأمر الذي جعل الكثيرون ممن لم يشاهدوا الوحش يصدقون تلك الظاهرة الغريبة.
مواصفات الوحش:
يُقدّر عدد المشاهدات المسجلة لوحش البحيرة بحوالي 5000 مشاهدة منذ ثلاثينات القرن العشرين. غير أن ما أطلق شرارة الاهتمام بوحش البحيرة كان حادثة آل سبايسر بتاريخ 22 يوليو 1933، عندما شاهد جورج سبايسر وزوجته «مخلوقا غريبا» يعبر الطريق أمام سيارتهم. وصف الزوجان المخلوق على أنه ذو جسد ضخم، يبلغ مترا في ارتفاعه (4 أقدام) ويتراوح طول جسمه ما بين 1.5 إلى 8 أمتار (25 قدما)، له عنق مموج الشكل أثخن بقليل من خرطوم الفيل ويتراوح عرضه ما بين 3.0 و3.7 أمتار (10-12 قدما) كما عرض الشارع. لكنهم لم يتمكنوا من رؤية أي أطراف للمخلوق لأنه كان في مستوى منخفض من الأرض. ذلك أن المخلوق عبر الطريق أمامهم بسرعة باتجاه البحيرة، التي تبعد عنه 20 مترا (20 ياردة) مخلفاً أثر لجسمه على النبات الخفيض المتكسّر.
وفي عشت 1933 ادعى سائق دراجة نارية يُدعى آرثر غرانت أنه كاد يرتطم بالمخلوق بينما كان يقود دراجته قرب الشاطئ الشمالي الشرقي للبحيرة عند حوالي الساعة الواحدة ليلاً، وادعى غرانت أنه رأى رأسا صغيرا متصلا بعنق طويل، وأن المخلوق رآه فعبر الطريق هاربا إلى البحيرة.
وأضاف غرانت بأنه ترجّل عن الدراجة وتبع المخلوق ولكنه لم ير سوى تموج عند ساحل البحيرة.
وفي مشاهدة أخرى من عام 1934، ادعت الخادمة الشابة «مارغريت مونرو» أنها شاهدت المخلوق لمدة 20 دقيقة، قرابة الساعة السادسة والنصف صباحاً من 5 يونيو، وكانت مارغريت تبعد حوالي 180 متر (200 يارده) عن المخلوق. ووصفته بأن له جلد شبيه بجلد الفيل، طويل العنق، وصغير الرأس وله اثنان من الأرجل الأمامية القصيرة أو الزعانف، وانتهت المشاهدة بعودة المخلوق إلى الماء.
استمرت المشاهدات الأرضية حتى عام 2009، وكان وصف الوحش عند العديد من شهود العيان متشابهاً، يتلخص في عنق طويل يخرج من الماء، وعدة حدبات على طول الجسم أشبه بعجلات الشاحنة تخرج من الماء إلى أعلى لعدة امتار، وكان يسبح أحيانا ببطيء شديد عكس التيار
الصورة المشهورة للوحش
بعد تلك المشاهدات للوحش عدة مرات ومن العديد من شهود العيان كانت صحف لندن تتوق إلى نشر صورة لـ»نيسي»، وكانت تلك الحقبة مميزة لمحبي الوحوش، فحالف الحظ الطبيب الجراح «كنيس ويلسون»، حيث التقط الصورة الكلاسيكية للوحش وتم تسميتها «صورة الجراح»، وقد كانت هذه الصورة هي الأشهر بين صور «نيسي» حتى وقتنا هذا على الرغم من إثبات أنها كانت أكذوبة.
ماذا كان رأي الخبراء؟
في بداية ظهور الوحش كان الاعتقاد السائد أن الوحش «نيسي» يعود أصله إلى عصر الديناصورات من الزواحف العملاقة المائية التي اختفت منذ 65 مليون سنة وقد قام السير بيتر سكوت بإطلاق اسم نيسيتيراس رومبوبتيريكس (باللاتينية: Nessiteras rhombopteryx) على وحش البحيرة وذلك في مجلة نيتشر، وهذا الاسم يوناني معناه «وحش نس ذي الزعانف ماسيّة الشكل». ويعتبر المخلوق من أكثر ألغاز علم دراسة الحيوانات الخفية شهرة. ولكن! هل يمكن أن تكون الجبال ومخابئ المياه في بحيرة «لوخ نيس» أبقت هذه الحيوانات حية كل هذا الوقت؟
إن بعض الصيادين والعاملين على المراكب في البحيرة يؤكدون أنهم لم يروا وحشاً طيلة عملهم في البحيرة، وأن الشكل الذي يراه الناس للوحش ربما كان سرباً من الطيور أو بعض الأمواج التي تشكلت على هيئة وحش يسبح في البحيرة.
ويقول بعض الخبراء إن صور الوحش التي تم التقاطها عدة مرات تبدو كشيء مألوفاً.. تشبه إلى حد كبير الأفيال. فيقول البعض إنه ربما كان فيلاً يسبح تحت المياه وتغطي المياه معظم أجزاء جسده، واستدلوا على ذلك من وجود سيرك قريب من تلك البحيرة يسمح للحيوانات بأن تنزل لتستحم في البحيرة أحياناً.
هل تم البحث عن الوحش؟
تم إرسال السفن المزودة بالكاميرات الحديثة عالية الجودة وأجهزة السونار للتصوير تحت الماء. وقد جرت عملية البحث العميق، وهي أكبر عملية مسح بواسطة السونار للبحيرة، عام 1987، حيث تمّ توزيع 24 قاربا مجهزا بالسونار على طول عرض البحيرة تبث جميعها موجات صوتيّة في الوقت ذاته.
وقد أعلنت شركة أخبار بي بي سي أن العلماء ضبطوا جسما ضخما غير معروف ذي حجم وقوة غير طبيعيتين، فقرروا العودة إلى ذات الموقع لإعادة مسح المنطقة مرة أخرى، وبعد تحليل صور السونار، بدا أن ما ظهر فيها كان عبارة عن حطام في قعر البحيرة، على الرغم من أن ثلاثة من الصور كانت لحطام متحرّك.
يقول العلماء أن ما ظهر في الصور قد يكون بضعة فقمات دخلت إلى البحيرة، بما أنها بذات الحجم الذي تقترحه الصور.
طكا تبرّع «دارل لورانس»، خبير السونار ومؤسس شركة «لورانس للإلكترونيات»، بعدد من وحدات السونار التي تمّ استخدامها في عملية المسح العميق. وبعد مراجعته للمعلومات البيانية الصوتيّة، وبشكل خاص تلك الواردة عن سونار ضبط جسما متحركا كبيرا بالقرب من خليج أوركهارت على عمق 180 متر (600 قدم)، قال لورانس: «هناك شيء ما نحن لا نفهمه في البحيرة، وهو أكبر حجما من السمك، ولعلّه نوعا لم يتم تعريفه من قبل. لست متأكدا.»
ويعتقد محبو «نيسي» أن الوحش ربما انقرض، ولم يعد له وجود في البحيرة، ولكن يظل التساؤل.. لماذا لا توجد بقايا جلد أو عظام أو جثة للوحش إذا مات ؟
غير أن الذي يستوقف المهتمين هو الخير التالي:
«تم العثور على الناب الحاد كالشفرة والذي يبلغ طوله 4 بوصات، طلاب جامعيون وهو مغروس في أحد أضلاع غزال افترسه الوحش ومزقه إرباً في بحيرة تقع في مرتفعات اسكتلندا».
ويعتقد الخبراء الآن أن هذه السن تخص وحشاً مفترساً يبلغ طوله بين 50 إلى 60 قدماً على أقل تقدير. وقالوا إنه قطعاً ليس ديناصوراً، ولكنه من نفس فصيلة الديناصورات. وقال المحقق بيل ماكدونالد اختصاصي التشريح الذي ظل يبحث عن أسطورة لوخ نيس منذ عام. لكن السن الآن في قبضة الحكومة ما حال بين ماكدونالد وبين إجراء اختبار الحمض النووي «دي. إن. إيه» للسن للتأكد من أصلها بالضبط.
ويعتقد المحقق ماكدونالد أن نيسي أنثى عملاقة لا تزال تسبح في أعماق مياه البحيرة الباردة المظلمة.
والجدير بالذكر أن هناك مخلوقات عديدة تشبه»نيسي» وتم تسجيل العديد من المشاهدات لها مثل وحش بحيرة فان، أوغوبوغو، وحش بحيرة بير، وحش بحيرة تيانشي، بونيب، تشامب، تشيزي، غاسيانديسا، لوياثان، مانيبوغو، موكيليه مبيبي، موراغ، ناخوليتو.
إذن نحن لسنا بصدد حالة غريبة واحدة بل العديد من الحالات التي تحتاج إلى تفسير!


بتاريخ : 30/06/2020