الأستاذ محمد الدرويش يعدد خروقات رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط وينصحه بألا يكون رئيسا مع وقف التنفيذ

وجه محمد الدرويش، الكاتب العام السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي ورئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، رسالة مفتوحة الى رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط.
وأوضح الدرويش أن لمجموعة كبيرة من الأكاديميين والفاعلين الاجتماعيين نفس الإحساس والرأي والقناعة، وذلك انطلاقا مما بلغته علاقة الرئاسة  ببعض مؤسسات الجامعة وأساتذتها، وكذا ما قد يكون حصل  بها من تراجع في مجموعة من المشاريع والبرامج.
وأثار الأستاذ محمد الدرويش، ما يحصل اليوم في جامعة عريقة احتضنت منذ تأسيسها من قبل جلالة الملك محمد الخامس سنة 1957 إلى الأمس القريب، كبريات التظاهرات العلمية، كما أنها تنال حظ استقبال أغلب أفراد العائلة الملكية المحترمة، وقد استقبلت كبار العلماء، وأنجبت خيرة قياديي حقول المعرفة الفلسفية والأدبية والعلمية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية والسياسية، بل إن أسماء كثيرة منها تحملت مسؤولية تدبير دواليب الدولة المغربية عبر تاريخ المغرب المعاصر، وهي الجامعة التي جسدت الدبلوماسية الجامعية بمنحها الدكتوراه الفخرية لأسماء وازنة من مثل الرئيس السنغالي عبد الله واد سنة  2003، وللسيد نائب رئيس جمهورية الهند الدكتور محمد حميد انصاري سنة 2016 ، وللسيد الوزير الأول الروسي ديمتري ميدفيديف سنة 2017، ومن هذا المنطلق، ذكر الأستاذ الدرويش في رسالته الرئيس بأنه يتحمل مسؤولية تسيير وتدبير جامعة بحمولتها الرمزية والمعرفية والتاريخية والسياسية والدبلوماسية، وقد تحملها – في اطار القانون 01-00  –  بنجاح وقدرات عالية في كل المجالات السادة المحترمون الدكاترة حفيظ بوطالب الجوطي، والطيب الشكيلي، ورضوان المرابط، ووائل بنجلون، والسعيد أمزازي، حيث ترك كل واحد منهم بصماته جلية، واضحة، متميزة، مختلفة عن بعضها البعض، لكنها مجمعة على تقدير واحترام تاريخ الجامعة، وتدبير منتج للأفكار والمشاريع، مشجع للبحث العلمي، محترم للزملاء والزميلات الأساتذة، متواصل معهم، حاضر في كل التظاهرات – ليس حبا في الظهور ولكن تشجيعا وتقديرا لمجهوداتهم.
وأكد الأستاذ محمد الدرويش، أنه رغم مرور على تعيين رئيس الجامعة اليوم قرابة السنتين، تقول الرسالة،» لم نر منك ما كنا ننتظر جميعا،  حتى إننا أحيانا، نحس بأن ليس للجامعة رئيس، إذ لم نجدك بيننا في التظاهرات العلمية والمعرفية التي تنظمها أغلب المؤسسات الجامعية والتنظيمات المدنية، ولم نلمس أي انطلاق لمشروعك الذي تقدمت به أمام لجنة الانتقاء، بل إننا نحس وكأن لك عداوة مبطنة مع بعض التخصصات في الجامعة، وأنك بصدد تصفية حسابات بينك وبين بعض المسؤولين، وهذا ما نستبعده ونعمل على أن لا نقتنع بوجوده لأنك ابن هاته الجامعة، وتخرجت من إحدى مؤسساتها المقصود كلية العلوم، وتدرجت في المسؤوليات في إطارها بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بسلا خلال سنوات، وكنت نائبا لرئيسها لسنوات كذلك، فكيف يجوز عقلا أن نقبل بهذا الاحساس، لكن الوقائع والأحداث تكذب تكذيبنا، وتجعلنا نشك في كل شيء ونعاود البدء من البدايات».
وذكر بقضية، اعتبر أساتذة المؤسسات المعنية القرار المتخذ حيفا وضربا لتاريخ مؤسساتهم ، بل ومسحا للبنات أساس، وأدوار دبلوماسية عالمة قامت على جزء منها السياسة الخارجية لمغرب القرن الواحد والعشرين تجاه إفريقيا، بفضل القرارات الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، بدءا بعودة المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي، مرورا بالمسؤوليات التي تحملها ويتحملها المغرب اليوم في أجهزتها وبالمشاريع الواعدة التي دشنها المغرب هناك، وكذا تجاه مجموعة من دول أمريكا الجنوبية وإسبانيا والبرتغال، وأنهيت، تقول الرسالة، الموضوع بالمصادقة على دمج ثلاثة معاهد، وهي معهد الدراسات الإفريقية، والمعهد الجامعي للبحث العلمي – وهما مؤسستان أنشئتا بقرار وظهير ملكيين، ومعهد الدراسات الإسبانية والبرتغالية في معهد واحد يحمل اسما يدعو للسؤال.
وتساءل، لماذا تم التخلي عن معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بحمولته التاريخية والمعرفية والعلمية، والذي أنشئ بظهير ملكي كذلك، وتركه يضم إلى المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية؟  وهل قامت الجامعة بالترافع والدفاع عنه أمام نواب الأمة والمعنيين بالموضوع؟
وأكد أن هذه المعاهد تم ضرب تاريخها عبر قرار دون استحضار لا ظروف وأهداف الإنشاء ولا صيغته التشريعية ولا كونها هي علامات مميزة لجامعة محمد الخامس.  وحملت الرسالة بعض ما يروج بين مجموعة من مكونات الجامعة، منها أن الرئاسة حجزت على ميزانية 2019 ولم تصرف منها للمؤسسات ميزانيات التجهيز والبحث العلمي، متسائلة، لماذا منذ سنتين تم إيقاف صرف الاعتمادات المخصصة  لمراكز البحث المعتمدة الأمر الذي خلف استياء وتذمرا لدى الأساتذة الباحثين وساهم في تعطيل ديناميتهم وجعلهم يصابون بالإحباط وهذا هدر للزمن العلمي  وتعطيل لمسار ودينامية البحث بالجامعة، والذي لن يعوض بأي استدراك؟ ولماذا أوقفت الرئاسة، كل أو بعض الاتفاقيات والمشاريع التي كان صادق و وقع عليها  الرئيس السابق ؟ ولماذا الإصرار على تدبير ميزانية الاستثمار خصوصا في ما يرتبط ببناء القاعات والمدرجات، وما دور مجالس المؤسسات والعمداء والمدراء في هاته العمليات؟ وكيف تعود بالجامعة للوراء في موضوع التفويض الذي أقره الرؤساء بالتدرج؛ ليتم العودة بها إلى نقطة الانطلاق أي سنة 2002 ؟ وما معنى أن تعين نائبا لك –تقول الرسالة مخاطبة رئيس الجامعة، وهو المكلف بالنظام المعلوماتي والحكامة – لتدبير أربع مؤسسات – معاهد مديرا لها بالنيابة؟ هل يعني ذلك أن تلك المؤسسات لا تتوفرعلى كفاءات قادرة على التسيير بالنيابة؟ وهل صحيح أنك رئيس  بعض المؤسسات، وبعض التخصصات  وبعض المكونات، ولست رئيسا لها كلها، حد التصرف سرا أو علنا أحيانا بعداوة مع بعضها وهذا هو ما يحس به المنتمون إليها كما هو الحال مثلا بالنسبة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية ؟ ولماذا تعطلت الواجهة الإلكترونية الأساسية للجامعة في التعريف بأنشطتها ولقاءاتها و الموضوعة في مكان استراتيجي مهم  يثير انتباه كل من يمر بمقر الجامعة صباح مساء عبر المدار الدائري لساحة الأمم المتحدة؟ ولماذا قررت إطفاء شمعة جامعة محمد الخامس بمنعك تعليق لافتات الأنشطة العلمية التي تنظمها المؤسسات الجامعية والتنظيمات المدنية المنتمية لها وغير المنتمية كما كان الحال دائما؟ ولماذا تعطلت الأجهزة التقريرية للجامعة- قبل و زمن كورونا  – في وقت حرج انتظر المغاربة آراء نخبة المجتمع؟ وحتى حينما نفذت دعوة السيد الوزير لكل رؤساء الجامعات إلى ضرورة تفعيل مقتضيات القانون 01-00 خلال اجتماعين لندوة الرؤساء الاستشارية، واستجابة لنداء وجهه المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين عبر رسالة مفتوحة، لكن الرئاسة عومت الاجتماع بإدراج 15 نقطة للمناقشة والمصادقة في اجتماع عن بعد ، في حين أن أغلب  الرؤساء أدرجوا نقطة فريدة مرتبطة بامتحانات الدورة الربيعية، وأنهيت الشوط الثاني من الاجتماع، تقول ذات الرسالة المفتوحة، بمتمنياتك للأعضاء عطلة سعيدة في عز أزمات «كوفيد 19» وتدبير نهاية سنة جامعية غير مكتملة وأخرى تنطلق دون رؤية واضحة؟
ووجه الأستاذ محمد الدرويش نصائح إلى رئيس الجامعة، مطالبا إياه أن يكون رئيسا لكل المؤسسات ولكل الأساتذة الباحثين والموظفين والطلاب، كما نصحه بالابتعاد عن كل أسباب الفشل في التسيير والمبنية  مثلا على القيل والقال وسياسة الانتقام وتصفية الحسابات على حساب المصلحة العليا للوطن والتدبير الجيد لمؤسسة عمومية كبيرة، وشددت الرسالة على أن رئيس الجامعة، ليس فقط مدبرا محاسباتيا، وليس مقاولا، وليس مسؤولا عن سر من أسرار الدولة حتى يرجع إلى الوراء ويدبر الجامعة فقط، بمنطق المحاسباتي المقاول،  ولا يكون حاضرا في الصف الأمامي للتظاهرات العلمية والفكرية،  وحتى يجعل بينه وبين مكونات الجامعة دربا زجاجيا بعمق حديدي كما هو الحال بالطابق الرابع للجامعة، ولا تنتقص في تدبيرك للجامعة من أي تخصص، أو مؤسسة ، أو شخص، ولا تميل لإحدى المؤسسات ضد الأخرى، ولا إلى زيد ضد عمرو ولا فاطمة ضد زينب،  فأنت رئيس الجامعة بكل مكوناتها ومؤسساتها، ولا أخفيك السيد الرئيس، بأننا سنعود لعدة ملفات تخص بعض المشاريع وانعدام المعلومة بخصوصها لإطلاع الرأي العام الجامعي، ومؤسساته وبنياته التنظيمية عليها، داعيا إياه ألا يكون رئيسا لجامعة مع وقف التنفيذ، كما جاء في رسالة الأستاذ محمد الدرويش، الكاتب العام السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي ورئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين.


الكاتب :  جلال كندالي

  

بتاريخ : 18/07/2020