)اسم الوردة)، (الأثر المفتوح)، ( القارئ في الحكاية)، (باودولينو) وغيرها من الأعمال الروائيّة بجانب عشرات المقالات الأكاديميّة للمفكّر الإيطالي أمبرتو إيكو. إبداع إيكو مستفيض ومتنوّع فهو ناقد وفيلسوف وروائي ومنظّر، ترك لنا العديد من المقالات النقديّة والتاريخيّة، كما وضع أساس إحدى أهمّ النّظريات في السيميائيّة المعاصرة، والمعروفة بالسيميائيّة التأويليّة. المقتطفات التالية من حوار أجرته معه مجلّة باريس ريفيو.
p هل لديك وقت لقراءة روايات الكتاب المعاصرين؟
ليس كثيرا. منذ أن أصبحت روائيّا اكتشفت أنّني متحيّز. إمّا أعتقد أنّ الرواية الجديدة أسوء من رواياتي فلا أحبّها، أو أشكّ في أنّها أفضل من رواياتي فلا أحبّها.
p مكتبتك في ميلان أسطوريّة في حدّ ذاتها. ما نوعيّة الكتب الّتي تحبّ جمعها؟
أمتلك خمسين ألف كتاب تقريبا. ولكن بصفتي جامعا للكتب النّادرة أميل للفكر غير المألوف. ولذلك فأنا أجمع كتبا عن موضوعات لا أؤمن بها، مثل الكابالا والخيمياء والسحر واللّغات المخترعة. لدي بطليموس وليس جاليليو، لأن ّجاليليو يقول الصّدق. وأنا أفضّل العلم المجنون.
p تعتبر واحدا من أشهر المفكّرين في العالم. ما هو مفهومك عن مصطلح “مفكّر”؟ هل مازال له معنى خاصّ؟
إذا كنت تعنى بـ»المفكّر» شخصا مّا يعمل بعقله فقط وليس بيديه، إذن فموظّف البنك هو مفكّر ومايكل أنجلو ليس كذلك. واليوم، مع وجود الكمبيوتر، يعتبر الجميع مفكّرين. ولذلك لا أعتقد أنّ المصطلح مرتبط بمهنة المرء أو طبقته الاجتماعيّة. بالنسبة لي، المفكّر هو أي شخص ينتج معرفة جديدة بشكل إبداعي. الفلاّح الّذي يفهم أنّ نوعا جديدا من النباتات المطعّمة يمكنه إنتاج أنواع جديدة من التفّاح، يقوم بنشاط فكريّ في تلك اللّحظة. بينما أستاذ الفلسفة الّذي يكرّر طوال حياته نفس المحاضرة عن هايدجر لا يصل إلى مرتبة مفكّر. الإبداع النقدي- نقد ما نفعله أو اختراع طرق أفضل لفعله- هو السّمة الوحيدة للوظيفة الفكريّة.
p ما الّذي اكتسبته من المعرفة والثّقافة طوال حياتك؟
الشّخص الجاهل الّذي يموت، لنفترض في عمري، قد عاش حياة واحدة، بينما عشت حيوات نابليون وقيصر ودارتنيان. ولذلك دائما أشجّع الشّباب على قراءة الكتب، لأنّها الطّريقة المثلى لتطوير ذاكرة عظيمة وشخصيّة متعدّدة نهمة. ثمّ في نهاية حياتك ترى أنّك عشت حيوات لا حصر لها، وهي مزيّة رائعة.
p لكنّ الذّاكرة الضّخمة يمكنها أيضا أن تكون عبئا كبيرا. مثل ذاكرة فونيس، إحدى الشخصيات البورخيسيّة المفضّلة لك، في قصّة (فونيس المتذكر)..
أحبّ فكرة اللاّمبالاة العنيدة. لتهذيب اللاّمبالاة العنيدة عليك تقييد نفسك بمجالات معينة من المعرفة. لا يجب أن تكون طمّاعا، بل يجب إلزام نفسك بعدم تعلم كلّ شيء، وإلاّ لن تتعلم شيئا. الثّقافة بهذا المفهوم هي معرفة كيفيّة النّسيان. وإلا ّسيصبح المرء مثل فونيس، الّذي يتذّكر كلّ أوراق الشّجرة الّتي رآها منذ ثلاثين عاما. غربلة ما تريد تعلمه وتذكره هو أمر مهم من وجهة النّظر المعرفيّة.
p ما هو موقفك ممن يعلنون موت الرواية والكتب والقراءة؟
الاعتقاد بنهاية شيء مّا هو حالة ثقافيّة شائعة. منذ زمن الثّقافات اليونانيّة واللاتينيّة دأبنا على الاعتقاد أنّ أسلافنا كانوا أفضل منّا. هذه الأفكار المضحكة، والّتي تمارسها وسائل الإعلام بضراوة متزايدة، مصدر تسلية بالنسبة لي. كلّ فترة هناك مقال عن نهاية الرواية، ونهاية الأدب، ونهاية المعرفة في أمريكا. لم يعد النّاس يقرؤون! المراهقون يلعبون ألعاب الفيديو! حقيقة الأمر أنّه في كلّ أنحاء العالم هناك آلاف المتاجر مليئة بالكتب ومليئة بالشّباب. لم يحدث أبدا في تاريخ البشريّة أن وجد مثل هذا العدد من الكتب، والأماكن العديدة الّتي تبيعها، والشّباب الّذين يتردّدون على تلك الأماكن ويشترونها.
p بالنسبة لك ما مدى أهميّة فكرة خلود أعمالك؟ هل تفكّر كثيرا في إرثك الفكريّ؟
لا أعتقد أنّ المرء يكتب من أجل نفسه. أعتقد أنّ الكتابة هي فعل دافعه الحبّ، أنت تكتب لتعطى شيئا مّا لشخصا آخر. فكرة نقل شيئا مّا. أن تجعل أناس آخرين يشاركون مشاعرك. مشكلة مدى بقاء أعمالك هي مشكلة أساسيّة لكلّ كاتب، وليس فقط للروائي أو للشّاعر. الواقع أنّ الفيلسوف يكتب كتابه من أجل إقناع الكثيرين بنظرياته، وهو يأمل أنّه في غضون الثلاثة آلاف سنة التالية سيظلّ النّاس يقرؤون هذا الكتاب. الأمر يشبه عندما تتمنّى أن يخلدك أولادك، ولو كان لديك حفيد تتمنّى أن يخلد أولادك. إنّ المرء يأمل في حس من الاستمرار. عندما يقول الكاتب لست مهتمًا بمصير كتابي، هو ببساطة يكذب. إنّه يقول ذلك لإرضاء المحاور.
لا أكتب أيّ نوع

