اعتاد الناس في فصل الصيف الخروج للاستمتاع بشواطئ البحر، إلا أنه في هذا الفصل حل على البشرية ضيف ثقيل، فيروس كورونا المستجد، الذي فرض عدم الخروج لمدة أربعة أشهر، والان بعدما تم توسيع تخفيف الحجر الصحي شمل معظم أرجاء البلاد، شهدت الشواطئ إقبالا مع احترام البعض قواعد البروتوكول الصحي المعمول بها.
تشير الساعة الى الحادية عشرة صباحا، المصطافون اكتظوا بشاطئ سابليط بالمحمدية للاستجمام والاستمتاع برمالها الذهبية وبمياه البحر مع احترام التباعد بين المظلات. جو مشمس وسماء صافية، هكذا عبر الزوار عن غبطتهم، لكن عند استكشافي أكثر لهذا الشاطئ، انتبهت لشيء لم يكن في الحسبان، أغلبية المصطافين لم يلتزموا بارتداء الكمامات، بل زاد فضولي أكثر عند اقترابي لمياه البحر سابليط، حيث اقترب شيء ناعم من قدمي كان لونه أزرق، وعندما رأيته عن قرب وجدته كمامة أحد المصطافين.
«كمامة مرمية في البحر». صوت رجل أربعيني كان يتحسر على المنظر الذي رأته عيناه، الشيء الذي أثار فضولي فاقترب وتحدث مؤكدا لي ان الوضع لايزال خطيرا، والالتزام بالاحترازات الوقائية يبقي ضرورة لا محيد عنها، رغم كل هاته الاجواء التي تعج بالاستهتار من قبل أغلبية المصطافين، هناك فئة مازالت تؤمن بخطورة الوضع ومازالت تؤكد على ضرورة احترام معايير السلامة.
أكد لي سي سعيد بعد سؤالي له، أن هناك احتراما للتباعد الاجتماعي بين المظلات والعكس في مياه البحر أثناء السباحة لا يوجد اي تباعد اجتماعي، هناك اكتظاظ كبير، مضيفا» انا اعتدت ارتداء الكمامة فهي ضرورية وإجبارية، خصوصا في هذا الوقت الذي أصبح الناس يتوهمون إن الوباء لم يعد حاضرا بيننا، لدرجة لم يعد ملتزمون ومحترمون بقواعد البروتوكول الصحي من أجل سلامتهم والوقاية من هذا العدو المجهري، رصاصة واحدة منه قد تعرضك الى اصابة في الرئتين، وقد تعرضك أيضا الى الموت لا قدر لله، فنحن في حرب مع عدو لا نراه.»
نترك سي سعيد الاربعيني وابنته ونعود للاستمتاع والاستكشاف لهذه المناظر الرائعة في زمن كورونا ،الذي يميز هذا الشاطئ بموقعه المتميز على ضفة المحيط الاطلسي، وعلى وادي لحلو وهو ما يجعل سابليط مختلف عن اي شواطئ اخرى.
كل شيء فيه متميز وهذا ما يجعله ملجأ للعديد من المصطافين في كل موسم. مدينة المحمدية ببحرها الراقي تبقى واحدة من المدن السياحية الراقية.
وصال 20 سنة شابة جميلة، طالبة بشعبة الادب الانجليزي، احدى المصطافات بشاطئ المحمدية، تقول بنبرة الغاضبة الثائرة لاسرتها الصغيرة «ارأيتهم لا أحد خائف من المرض يخاطرون بحياتهم،» Œ أنا احترم والتزم بشكل صارم بارتدائي الكمامة وانضباط واحترام مسافة الامان، فكما ترين الان ارتدي قناعا طبيا وسط اغلبية المستهترين للاسف، رغم هذه الحرارة المرتفعة» وتضيف ان ارتداءها ليس خوفا من الشرطة بل لخوفها الاكبر من العدوى.
ودعنا الشابة الجميلة وصال المنضبطة والملتزمة بقواعد البروتوكول الصحي من أجل الحد من انتشار وباء كوفيد 19 الى ناحية أخرى من الشاطئ نفسه، نحن الان باتجاه الرمال المبللة القريبة من مياه البحر.
حسان شاب في العشرين طالب وتقني متخصص في الصناعة الميكانيكية، وهو احد المصطافين الذين لا يضعون قناعا طبيا علي وجوههم، من باب الفضول والحصول على إجابة للاسئلة، هل هو الوهم بان المرض غير حقيقي أم هناك سبب آخر يدفعهم الى عدم الالتزام بالكمامة؟ صرح حسان «ان لا أحد يلتزم بها ويرجع سبب عدم ارتدائها لانها لن تحميه بنسبة 100 في المائة، لهذا سيتعرض للعدوى ولو انه يرتدي الكمامة، «بحال إلى خويتي الماء في الرملة « مضيفا» المرض حقا موجود والوفيات ايضا لا أنكر ذلك، والسلطات تقوم بواجبها هنا بشاطئ سابليط، الاغلبية يحترم وقت المغادرة من الشاطئ على الساعة الخامسة والنصف» وهو يتكلم سقطت عيناه على ساعته اليدوية ليلاحظ ان الوقت قد اقترب والساعة قد قاربت الخامسة والنصف يا لله، حقا اقترب وقت المغادرة «ياللاه ادراري سنغادر».
عقارب الزمن تدق الخامسة والنصف مساء، والمصطافون يغادرون الشاطئ بكل هدوء، غير أن بعضا منهم لم يغادروا اماكنهم ،فكان الحل الوحيد هو تدخل السلطات لخروجهم من الشاطئ، بدأت علامات التوتر ترتسم على وجوههم عند رؤية السلطات، رغم أن تعاملهم كان بتفهم وباحترام لتفادي الشجار والضوضاء في الشاطئ، بدأ المصطافون بمغادرة المكان، «بالطبع جمال وروعة الشاطئ وهواؤه المنعش لا أحد يمكنه أن يودع هذا الجو الجميل والمناظر الرائعة، لكننا مجبرون على الرحيل من أجل سلامتنا».
ودعنا شاطئ سابليط بالمحمدية، وفي قرارة انفسنا ان ما يعيشه العالم هو أمر غير مسبوق واختبار لنا كي نعترف لانفسنا بمدى اهمية النعم التي كانت متوفرة لنا ولا نعطي أهمية لها.
ومازال فيروس كورونا يحتفظ بالمزيد من الاسرار، ولا أحد يجزم بما ستؤول اليه الامور مستقبلا، ويبقى السؤال المطروح، ماهي الخطوة الموالية التي سيتخذها المسؤولون في ظل وجود استهتار كبير في التعامل مع الإجراءات الاحترازية المفروضة؟
صحافية متدربة