وداعا ثريا…
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
حزنت الحياة في قلبي، وهي تهمس وداعا.
حزنت الحياة قرب القبر وهي تدمع بالرحيل.
حزنتُ وأغلقت علي قلبي: لا مكان لكي أتذكر ابتسامتك العريضة تلتهم وجهك وتلتهم روحي..
فأنا إن تذكرت زدت في الحداد.
هنا حيث يعيش الشاعر صداقتك وفاجعته، لا يدخل الحزن وحيدا، يأتي مخفورا بما في الحداد من التماع، التماع قطعة فحم يكتب بها نعيك.
واستطاع فعلا أن يكتب أكثر أبيات الشعر حزنا، ويضع فيها ليلا طويلا برياح تجوب السماء وتجوب الشواطئ…
في الأبيات الحزينة
أنصت إلى دبيب الدمع في عظامي
كالندى الطازج يسقط على روحي
في الثرى،
تحت الثرى.
معطفك الآن من سحاب
ترتدينه لكي ترتادي الأبدية، بعد أن تركت في كل واحد منا قطعة من إنسانيتك الشاسعة..
من عرفك، يستدل باسمك على عبوره في وجود مغربي متقلب السحنات
وفي مغرب متراكب السماوات: واحدة للأمل
وأخرى للوداع،
وسماء ثالثة للنجوم من قبيلك…
لا أذكر بالضبط متى تعرفت على ثريا جبران الهائلة، أذكر فقط أن اسمك ظل أخضر في قلبي وفي فؤادي…
»»خويا لعزيز««، بهذه العبارة التي تلهب المحبة، تدخلين إلى أفئدة الناس…
تابعتك مرارا في المسرح
ربما كثيرا ودوما فوق الخشبة…
هناك تصيرين سيدة من مرمر وعنفوان..
وهناك، يظهر الفن جليا
كما تفضح شجرة اللوز تسلل الربيع إلى خفايا الغابة.
هناك، فصل تلو آخر، نعيش السمو الفني..
شاهدتك وأنت تتبرعمين تمثالا من ذهب في الكثير من مسرحياتك،
وكنت أتابع فيك تحولات النص
وتوهجات الروح..
وانبجاس الخلود من الإنساني العابر…
وكم هو قصير هذا العمر عندما نقيسه بشساعة الأبد الفني…..
وكم هو شاسع هذا العمر عندما نقيسه بالجوهر الإنساني….
لا أستطيع الآن أن أكتب عن ذكرياتي، بجوار اسمك
منذ أيام «ليبراسيون» المجيدة…
وإلى آخر اللقاءات الأخوية، لأنني ببساطة لا أستطيع أن أفتح للحياد الأدبي، حزني وصمتي..
لا أستطيع أن أركز في تواريخ علاقة، لا شك أنني أشترك مع كثيرين في سخائها، وأنا أقضم قلبا من الألم.. والمرارة.
وأنا الآن، مثل جدار بين ضوئين
الحب لك والألم الصامت بين جوانحي..
أنا الآن كجدار بين حديقتين، كما قالها سميك جبران خليل ..جبران..
أنا حزين لأن التعب تسلل إلى روحي..
أنا حزين لأنني أودعك……
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 26/08/2020