عن الإصلاحية الجديدة… وقاعدة تدميرها؟؟

عبد الله راكز

 

1/ مثقف الإزاحة والهرولة ثم العروبة:

بعد أن شاهدنا وتعايشنا سابقا مع ظاهرة مثقفي الجوائز الخليجية، ها نحن نشهد على انزياحهم الفظ عن الإمارات بعد اتفاق الأخيرة مع الكيان الصهيوني، وكأن الإمارات لم تكن هي الأمارات بما لها من ميل متصهين منذ قيامها؟؟ تجربة الاستعمار المديدة، وتجربة الاستقلال من بعده، بالعالم العربي، أصبحت كافية جدا، ومنذ أمد بعيد، لتفنيد ما يسمى بدور «المثقف» أو»النخبة»، وقد أبانت عن ذلك فعلا (بغض النظر عن يمينيتها أو يسراويتها ): إنه بقدر ما يختنق المجتمع (وهذه المرة عربيا) بقدر ما تتنفس هي الصعداء ويثبت عجزها وفشلها حتى على التّموقع داخل الواقع وبالأحرى تحريكه أو العمل على ذلك… بل هي ترنو أكثر فأكثر نحو فكر انتقائي/تجريبي مستعار(ألم يكن بالإمكان اتخاذ موقف الانزياح هذا قبلا، أم أن الدافع كان هو الخوف على ترويج البضاعة البائتة منذ زمن؟).
كافٍ فقط لمساعدتها هي فقط على استهلاك ذاتها، وموضعة هذا الاستهلاك بكل أسف، بشكل مزيف….
«نخبة» بورجوازية صغرى، وأخطاء بورجوازية صغرى، لم يتجاوزها الزمن فقط، بل قهرها بمستجداته ومتغيّراته، في سياق غربلته لكل الطفيليات السامة ورميها في نفايات التاريخ.. نخبة رأت في التاريخ قناعا وفي الواقع تأخرا، وفي الممارسة سلّما للترقية والصعود…

2/ الثقافة الجديدة
أو إصلاحية التّدمير :

تتغيأ كل مراجعة مفترضة على سبيل بلورة تفكير عربي(وليس عروبي) تجديدي قسرا، عدم استثناء كل طاقة مؤهلة بحكم موقعها الفكري-السياسي في ساحة الحراك الاجتماعي العربي. ومنذ البداية..والمعنى هنا يسمح بالقول الصريح التالي: إن كل تفكير يعبّر(أو يبتغي ذلك) عن الضامن الجوهري لمضمون المشروع الثقافي الديموقراطي ب»استحياء»، بينما هو يُنظّر بالمقابل في تأسيس فكر تجديدي على قاعدة الهدف المذكور(هذا حال مجلة الثقافة الجديدة بالمغرب قبل أن يصيبها البوار الأدونيسي!)، سيكون ضالعا-وبدون سبق إصرار- في تدمير الفكر التجديدي المتوخى ذاتيا أولا، واختزاله في نزعة إصلاحية مستعارة تقضي نَحْبها بيدها في مذبحة موضة التجديد العامة الحاصلة الآن كماركة مسجّلة… والحال أن هذه الإصلاحية المنتشرة اليوم، وإذ لا تعير أي اهتمام لضرورة تفحص ودراسة بعض أسباب طغيان التفكير ذي النزعة التطرفية، سواء منه الديني أو العلموي، بقدر اهتمامها بالتوفيق والاعتدال الملتبس، تنسى أو تتناسى أن هذا الأخير ذاته في ظل شروط وحيثيات الواقع العربي الراهنية، يمكن أن يتحول إلى اختباء حقير يتغيأ عدم انكشاف سوءاته المتمثلة في عدم مجابهته لقضايا واقعه ليس إلا.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 27/08/2020