احتراما أُسْتاذاتنا وأَساتذتنا..

عبد الحميد جماهري

نقبِّل أياديهن
ونُقبل أياديهم
هؤلاء الذين دربوا، بصبر وأناة كبيرين، قلوبهم على مزاجنا:
ينصتون ويحبون ويواصلون مهامهم، ولا يعاتبوننا على مزاجنا المتكدر من المدرسة
ولا يلوموننا على الإفراط في الانتقاد ..
ولا في الخوف على أكبادنا.
للسيدات والسادة نساء ورجال التربية والتعليم، عميق شكرنا…
فهو يوم للدخول المدرسي:
سنعلق كل النقاشات، سنعلق الحجج والاحتجاجات، ثم نقف احتراما وإجلالا لسيدات وسادة التدريس، وهم يتوجهون، قريبا عن بعد أو بعيدا عن قرب، إلى محفل النور والمعرفة..
هي السنة الأولى كاملة، في تقويم الوباء…
لم يسبق أن كان عليهم الجمع بين مهمات التثقيف والتهذيب والتعليم، مضافة اليها مهام المراقبة والتوجيه، والحفاظ على صحة متعلميهم..
صحة أكبادنا..
هو يوم للتقدير
ويوم للاعتزاز
ويوم للدعوات كذلك…
يوم لتعليق التفكير البارد، لتعليق السوسيولوجيا والسياسة
يوم لكي ينبض القلب
بالمحبة
وبالامتنان
وبالعرفان الذي لا ينضب..
عندما تقوض الأوبئة قدرتنا على الحياة،
هناك هم: يذكروننا بأنها يجب ألا تقوض العلم
وألا تحجر على المعرفة،
وأن المدرسة مؤسسة للإنسان المتحضر، الحي والمقاوم
للمستقبل، الذي يشق سبيلا لنوره بين ضباب الحاضر الملتبس والشاق…
قد نعرف بأن كل واحد فينا آخر، قد يكون متسترا على العدو في جسده،
لكنكم وحدكم يكون عليكم أن ترتفعوا بنا إلى حيث العلم لا يقر بالهزيمة أمام عدو متخف
ولا بالهزيمة أمام الخوف
ولا بتحويل كل المتمدرسين إلى.. آخرين!
وإذ نحتار بين البعد
وبين القرب.. تعرفون بأنكم القرب الدائم جنب النور
وإذ نحتار، تتقدمون بقوة وثبات إلى المعرفة
وإلى المدرسة، لتظل شعلتها قائمة في عالم محتضر كله!
الآن، أنتم لم تكادوا، بل أنتم رسل الأنوار في ساعة الشك والتوجس والرهبة والأسئلة المحيرة..
أنتم لا تكادون، بل أنتم الرسل
وسط هذه الحيرة التي تلف ريحها أشرعتنا وصوارينا وأسوارنا ..
نحن الذين كنا، في شساعة الوضع العادي، نقول إن الحياة مدرسة كبيرة،
وربما لن نحتاج الفصل
ولن نحتاج المقاعد
ولن نحتاج المدرسة نفسها لكي نتعلم منها..
ها نحن نقف مشدوهين، لنرى أن المدرسة، اليوم، هي الحياة،
هي امتحان الحياة الأول والأخير..
هنا نجلس كلنا، أمة كاملة
لنتعلم على مقاعدها التربية المقاوِمة
التربية المدنية،
والنزاهة
والتضحية والشجاعة وحب البلاد
ونعود كلنا أطفالا في أقسامها، ونبوس أيدي الأساتذة الذين أعادونا إلى أصول الإنسانية التواقة إلى النور..
أعادونا إلى طفولتنا المشتاقة إلى الجماعة، والمعرفة والتبادل وثقافة المشترك والاقتسام..
آه يا سيداتي وسادتي، افتحوا لنا باب المدرسة،
حتى نغلق باب السجن الذي دخلناه بخوفنا وبشكنا!

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 07/09/2020