الشأن التعليمي/ التربوي شأننا جميعا

عبد السلام الرجواني

 

من معضلات النزعة الانتقادية التي ابتلي بها الفضاء الافتراضي مغربيا، الخلط المتعمد أحيانا، والعفوي أحيانا أخرى، بين الحقيقة والوهم، وبين النقد الإيجابي المأسس على المعرفة والهادف إلى الإسهام في بلورة الحلول الممكنة، والنقد السلبي الذي لا يعنى سوى بتبخيس أي عمل وأي تصور، دون تقديم أية بدائل واقعية.
أبرز مثال وأقربه على النزوع الانتقادي هذه المواقف الرفضوية تجاه استراتيجية وزارة التربية الوطنية لتدبير الحياة المدرسية في ظل الجائحة، بعضهم يرفض التعليم الحضوري مخافة تفشي الوباء بين فلذات الأكباد، ويرفض التعليم عن بعد لعدم اقتناعهم بجدواه، وإن سألتهم: ما العمل؟ قالوا: تلك مسؤولية الوزارة. وإن طلبت منهم أن يختاروا، اعتبروا ذلك تنصلا من المسؤولية، وإن تحملت الوزارة مسؤوليتها اعتبروا ذلك إقصاء لهم… تفاعل عقيم لا طائل من ورائه.
الحوار المنتج والهادف يجب أن يتأسس على الثقة والإصغاء والتفهم وتقدير الجهود المبذولة، ويجب أن ينتهي إلى مخرجات عملية تضمن لأبناء المغرب وبناته حقهم في التعليم والتكوين مهما كانت الظروف، الشعوب القوية حافظت على هذا الحق في ظروف أصعب، وسط الحروب والدمار، وفي المخيمات والملاجئ، تحت الخيام وفي العراء.
ومن مفارقات العقل الرفضوي أن كثيرا ممن عارضوا التعليم الحضوري هبوا قبل غيرهم لتسجيل أبنائهم وبناتهم، وأن من عبروا عن عدوانيتهم تجاه التعليم الخاص كانوا أول من أقبل على المؤسسات الخصوصية، وعلى تناقضات كهذه…
صحيح أن تدبير التعليم الحضوري كما هو تدبير التعليم عن بعد، يضع الإدارة التربوية من جهة والأسرة من جهة ثانية أمام مهام وأدوار دقيقة وإضافية، نقدر قيمتها؛ وهي مهام وأدوار بحاجة إلى تضحية، ولا يمكن إنجازها على الوجه الأكمل إلا بتظافر الجهود وتنسيق الأعمال عبر تواصل مستمر ومنتظم بين كل الفاعلين.
كيفما كان الاختيار ستبرز مشكلات جديدة علينا جميعا أن نبحث لها عن حلول جديدة، ولا وجود لمشكلات مستعصية على الحل، فتحية لكل من أسهم في بلورة الحلول، والهداية لمن اختار الشك والتشكيك مذهبا.

الكاتب : عبد السلام الرجواني - بتاريخ : 07/09/2020