يشكل إعلان تطبيع العلاقات بين إسرائيل والبحرين بعد بضعة أسابيع من قرار مماثل اتخذته الإمارات العربية المتحدة نجاحا لإسرائيل .. في وقت يخشى فيه الفلسطينيون من أن تضعف هذه الخطوات مساعيهم لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الممتد منذ عقود بدعم عربي موحد.
وقال مراقبون إسرائيليون وفلسطينيون إن الاتفاقيتين بين الإمارات والبحرين كانتا أملا لإسرائيل والولايات المتحدة حيث سعت قيادتهما باستمرار للحصول على اعتراف الدول العربية من دون إنشاء دولة للفلسطينيين، وأصبحت البحرين ثاني دولة خليجية تقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بعد دولة الإمارات العربية المتحدة، ورابع دولة عربية منذ توقيع اتفاقيتي السلام مع مصر 1979 والأردن 1994 –»تعاون مشترك» وخلافا للأردن ومصر، وهما دولتان تتمتعان بحدود مشتركة مع إسرائيل، ذهبت البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة بعيدا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل تتضمن التعاون المشترك في كافة المجالات بما فيها المجال العسكري.
ويرى محللون سياسيون إسرائيليون لوكالة أنباء (شينخوا)، إن اتفاقيتي التطبيع عززتا مكانة إسرائيل في علاقات مع دول عربية غنية فضلا عن وضعها في مواجهة خصومها الإقليميين التي تشوبها أجواء من التوتر المتصاعد خصوصا مع إيران، واعتبر الكاتب والمحلل السياسي آفي يسخاروف، إن ما «يجرى ببساطة هو تحالف جديد بين دول الخليج وإسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ، هذه هي البداية وستنضم دول أخرى قريبا إلى هذا التحالف. وتحاول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقناع دول عربية أخرى بإقامة علاقات مع إسرائيل، معتبرة أن انضمام دول إلى هذا المسار هي مسألة وقت فقط. وأشار يسخارف إلى «أن تطبيع العلاقات بين دولتين خليجيتين ما كان ليتم دون «ضوء أخضر» من دول عربية فاعلة مثل السعودية، الأمر الذي يمهد الطريق أمام آخرين للسير على نفس الخطى»، على حد قوله. وكانت السعودية قررت السماح للرحلات الجوية التجارية الإسرائيلية بعبور أجوائها في الطريق إلى الإمارات، بعد أن كانت البحرين سمحت بذلك . وتعتبر البحرين التي يغلب على سكانها الطابع الشيعي حليفا وثيقا للسعودية والإمارات، وتستضيف مقر قاعدة بحرية كبيرة هي مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية.
المصالح والتحالفات
وانتقدت إيران بشدة الاتفاق التطبيعي بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، واعتبرته تهديدا لها. ويعتبر المحلل السياسي أمير بوخبوط أنه « لا شك أن الجبهة المضادة لإيران بدأت تتعزز بعد إعلان اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل»، مشيرا إلى أن هناك العديد من الدول العربية والخليجية التي ستطبع مع إسرائيل «ليس رغبة بالاقتصاد والسلام فقط وإنما أيضا لمواجهة أي خطر من الدول الإقليمية المحيطة»، ولطالما ربطت إسرائيل بين الحاجة لعلاقة تجمعها بالدول الخليجية في مواجهة إيران التي تمتلك علاقات متوترة مع السعودية وحلفائها. وقال بوخبوط «إن إسرائيل والإدارة الأمريكية تسعيان لتشديد الخناق على إيران وأن التطبيع جاء نتيجة تحول في المصالح والتحالفات منذ سنوات»، فمن ناحية تخشى إسرائيل من مساعي إيران لتطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران، ومن ناحية أخرى تشعر دول الخليج بالقلق المستمر من التهديد الإيراني.
ومن جانبه قال المحلل والكاتب السياسي الفلسطيني هاني حبيب إن «ما نراه اليوم هو بمثابة إشهار لحجر الأساس لتحالف إقليمي يضم إضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل دولا عربية أخرى». وأضاف أن فكرة التحالف قديمة والملف الإيراني يشكل الأداة والعنوان والمبرر لهذه المنظومة لتكون حاضنة لخارطة سياسية جديدة تسيطر عليها الولايات المتحدة عن بعد.
وتوقع حبيب بفشل هذا التحالف بسبب الخلافات داخل مجلس التعاون الخليجي ووجود دول عربية خليجية على علاقة طيبة مع إيران وتركيا مثل الكويت وعمان، مشيرا إلى أن مثل هذه الدول قد لا تمتنع عن التطبيع لكنها لن تدخل في تحالف ضد إيران.
خروج عن مبادرة
السلام العربية
وبالنسبة للفلسطينيين الذين عبروا عن رفضهم واستنكارهم الشديدين للاتفاق البحريني الإماراتي الإسرائيلي ووصفوه بأنه «طعنة في خاصرتهم « فإن التطبيع مع إسرائيل يشكل خروجا عن مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي اقترحتها في البداية المملكة العربية السعودية وتبنتها جامعة الدول العربية، والتي تنص على انتظار الدول العربية حتى قيام دولة فلسطينية قبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ويقول المحلل الفلسطيني محمد ياغي، إن «التحالف مع إسرائيل سيضعف أدوات ووسائل الضغط لدى الفلسطينيين لحمل إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية». وأضاف أن الأنظمة العربية تريد رسم «خرائط جديدة للصراع في المنطقة وأن فلسطين وفق الرؤية الجديدة للصراع في المنطقة مانع لهذا التحالف العلني، وبالتالي يجب إزالتها من جدول أزمات المنطقة أو إعادتها للصفوف الخلفية حتى يمكن للتحالف العربي الإسرائيلي أن يولد دون معيقات». ويرى المحلل السياسي من رام الله هاني المصري أن «ما حصل تحصيل حاصل ومتوقع، منذ الإعلان عن صفقة القرن الأمريكية لحل الصراع، والحبل على الجرار». ويقول المصري إن «المهم الآن الاعتراف بالحقائق والتحولات الجديدة، والرهان أولا وأساسا على الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه وعلى الشعوب العربية والإسلامية وعلى الحركات الحرة والمتضامنة مع القضية الفلسطينية» .وأضاف المصري أن الدول العربية التي تهرول إلى إسرائيل ستكتشف عاجلا أم أجلا أن الارتكاز على الولايات المتحدة وإسرائيل في بناء مصالحها هو وهم وخداع وذر للرماد في العيون عن القضية الأولى عربيا ودوليا وهى إقامة الدولة الفلسطينية.