في منتدى الانفصال والخجل الحقوقي في وطنيتنا!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
تداعت بعض عناصر الانفصال في الداخل إلى تأسيس جمعية تريد من خلالها” تثمين” مشروعها الانفصالي والدعوة إليه من داخل التراب الوطني..
ولحد الساعة هناك غضب صامت، هادئ، متزن، يحتمي بالحكمة وبالسياق الذي ترد فيه الخطوة الاستفزازية، وتميل العقول الوطنية إلى قرءاتها من داخل السياق الإقليمي والدولي، زمنيا واستراتيجيا.
وهي مقاربة محمودة، ولها دواعيها وتعطي المغرب سلطة اتخاذ المبادرة متى شاء، وأيضا تجعل القرار بين يديه لا بين يدي من يستفزه..
لكن، في قضية من هذا القبيل ، هناك دوما لا بد!…
نحن لسنا مصابين بأي خجل ايديولوجي أو حقوقي أو استراتيجي في قضية وحدتنا الترابية، ولهذا نغضب غضبا فعليا لمثل هذه الخطوات.
ولا ننتظر أي تبرير من أي كان، تحت مظلة الايديولوجيا أو القانون أوالمناخ الدولي، لكي نتخذ مواقفنا ونرد على من يشكك فيها أوفي وحدتنا..
*1*
نحن لا نتقدم مقنَّعين في القضية الموضوعة على أنظار القضاء في ما سمي بجمعية المناهضة للاحتلال المغربي، ونرى أن خطواته لها مبررات تاريخية ومشروعية لا تحتاج إلى أي مرافعة لكي تكون..
هناك داخل القوانين والتجارب، ما يمكنه أن يشكل في الوقت ذاته، نقط قوة للمغرب في ما قد يتخذه من خطوات..
فالقانون المغربي، يعطي الحق للقضاء للنظر في مثل هذه القضايا، كما هو حال الكثير من القوانين في دول العالم..
فمن خلال مرافعة قيمة للبروفيسور الفونسو باليرو ، مؤسس منتدى الأساتذة Foro de Profesores ، الذي يضم الأساتذة المتخصصين في الدفاع عن الوحدة الوطنية ودولة الحق والقانون في اسبانيا، ما يقيم الدليل على أن الدساتير في فرنسا -الفصل ٨٩ من الدستور – و ألمانيا – الفصل ٢١ من الدستور- وفي أغلب الدول المتحضرة، تمنع الحديث عن أي استفتاء انفصالي، كما هو حال اسبانيا التي بلغت قوة الرد فيها حد اعتقال الداعين والمنظمين للاستفتاء.. فبالأحرى الدعوة إلى الانفصال من خلال تصنيف بلادنا كدولة احتلال..
بالنسبة لألمانيا، هناك واقعة قانونية قضائية، حدثت في ١٦ دجنبر ٢٠١٦، عندما قررت المحكمة الدستورية قرارا يمنع أي استفتاء لتقرير المصير في ألمانيا كلها، وهو ما سمي أنذاك القضية (2BvR 349/16)
وقبل ذلك التاريخ بشهور قليلة، كانت المحكمة الإيطالية، قد أصدرت حكمها 118/2015، بتاريخ 29 أبريل 2015 يحمل نفس المضامين .
وفي ترتيب أطراف المعادلة بين الوطن والديمقراطية ودولة الحق والقانون، سنجد أن «الطلب بإحداث تغيير في الوحدة الترابية للدولة والوطن” مرفرض مطلقا، وإن كانت بعض الديمقراطيات، ومنها .. الديمقراطية الاسبانية، قد منحت للانفصاليين حق إعطاء الوعود بذلك، لكن الدستور منعهم من تطبيقه.. بكل بساطة!
*2*
المغرب، عليه أن يحمي القانون، والقانون سيحميه تماما كما في كل الدول التي تكرست فيها دولة الحق والقانون، وهو من سيعرف نوع الحماية التي يطلبها من القانون، إنها حماية الوحدة الترابية، لأن المغاربة يريدون ديمقراطية وحدوية سلمية مرتبطة بالمشروعيات كلها، الدستورية والإنسانية والروحية وإلخ إلخ..
*3*
سياسيا، تريد المبادرة”المجازفة” بإشعال رماد أطروحة الاستفتاء وتقرير المصير التي صارت، دوليا وإقليميا، متجاوزة.
وما زاد من عزلة الدعوات الانفصالية، أن تقرير غوتيريس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يشمل الفترة من 2011 إلى 2020، نجد فيه أن القرار 2494 هو الوحيد المذكور، بالرغم من أنه يغطي 10 سنوات من الصراع الإقليمي، ليكرس التقرير بذلك هذا القرار كمرجع وأساس للعملية السياسية، التي تتم تحت الرعاية الحصرية للأمين العام للأمم المتحدة.
هذا القرار 2494 فيه كل ما يغضب الجزائر والانفصاليين بين أيديها:
+ تجديد التأكيد على تفوق مقترح الحكم الذاتي، في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية،
+تكريس معايير حل هذا النزاع الإقليمي، والذي لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما ويقوم على التوافق.
+إقرار مسلسل الموائد المستديرة، بمشاركة كاملة من الجزائر، كسبيل وحيد لضمان سير العملية السياسية الحصرية للأمم المتحدة إلى حين استكمالها.
+ تسجيل السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، الأمر الذي ترفضه الجزائر في انتهاك لالتزاماتها الدولية.
لهذا، فإن التفسير القانوني المحض لكل ما يقوم به هؤلاء قد لا يحيط بالموضوع كله، كما أن الرزانة الحقوقية، ليست هي ما قد نكتفي به، في سياق إقليمي ودولي، لا تقدم فيه لأمثال«المنتدى» ولا لمن يقف وراءه من فاقدي الشرعية عند شعوبهم بالأحرى عند شعوب الآخرين…
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/10/2020