في الايديولوجيا السائدة بمصر

عبد الله راكز

لاتسْتند الايديولوجيا السائدة من فراغ،بل هي تسْتند دائما إلى عناصر موضوعية وذاتية تَصُوغ منها رؤيتها الزائفة والمؤثرة معا.
في الايديولوجيا السائدة بمصر عناصر موضوعية وذاتية في الواقع المصري،هي :الفقر،الغلاء البشع،التضخم،التضحيات العديدة التي بذلها الشعب المصري في حروبه المختلفة ضد العدوانية والتّوسعية الاسرائيلية،النواقص الديموقراطية في تجربة المرحلة الناصرية وماتلاها من تجارب ليس آخرها تجربة السيسي الاهوج الحالية،وكذا الغنى الفاحش لبعض البلاد العربية البترولية وتبديدها هذا الغنى تبديدا استهلاكيا أو استمتاعيا رخيصا فضلا عن اندماجها المالي والاقتصادي مع الغرب الاستعماري،ثم عدم وضوح عربي يلهم الجماهير بمسلكه الديموقراطي والاجتماعي. بل وكذلك الاستغلال الفاحش للإنتصار المحدود العام 73 وماحققه من دعم(إلى الان) للسلطة وضعف قوى المعارضة وتشتّتها ..الخ..الخ.
الايديولوجيا السائدة بمصر اليوم تستعين بهذه العناصر وبغيرها،مع التّضخيم في بعضها،أو إضافة عناصر أخرى مصطنعة إليها، أو تفسير بعضها تفسيرا ناقصا أومعكوساً(سيان).ثم الربط (وهنا المفارقة)
بين هذه العناصر جميعا في علاقة سببية بشكل مُغال فيه أو مغلوط ،لتُحقق من وراء هذا كله رؤية أيديولوجية مُتّسقة تخدم مصالحها،بل وتستوعب بها وفيها وعي الجماهير/المواطنين وإرادتهم.
الفقر والغلاء والتّضخم ليست نتيجة لنظام الحكم الاوليغارشي العسكري القائم بمصر،بل هو في المنظور الايديولوجي لهذا النظام يرتبط ارتباطا سببيا أوعلّيا بالنظام الاقتصادي الذي كان سائدا أيام عبد الناصر،السادات ومبارك؟؟الذي كان يغلق أمام الاقتصاد المصري أبواب العالم «المتحضر»؟ عوض أن يدخر ماكان يصرفه في الحروب في الارتفاع بمعيشة هذا الشعب (هكذا هي الايديولوجيا السائدة؟)..
وفي صرفها وفهمها أيضا التالي:
إذا كان العبء الاكبر يقع على الشعب المصري الفقير،الذي بذل دماءه من أجل القضية ،أين هم الفلسطينيون؟
إنهم يستمتعون بحياة رخيصة عابثة في بيروت،أو يقتتلون بين بعضهم البعض.
هكذا إذن،لقد كان من الصعب على أيديولوجيي السلطة أن يعلنوا تخلّيهم العملي عن القضية الفلسطينية في مواجهة الشعب المصري.
لا لمنظمة التحرير الفلسطينية( مع أن العالم كله يعترف بها في هيئة الامم المتحدة )».نحن حريصون على القضية،ولهذا سنتكلم باسمهم(الاتفاق الصهيوني-الاماراتي-البحريني)،ولهذا سنتكلم باسمهم،سنتفاوض باسمهم،وسندافع عن حقهم وسنحقق لهم خطوة في سبيل كيان ذاتي لهم حتى ولو»رفضوا»ذلك!! إنها مسؤوليتنا!!؟».
هكذا هي إذن الايديولوجياالسائدة /الزائفة بمصر السيسي؟؟.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 08/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *