من نكد كورونا على الحكومة محاربة الحقيقة..!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
ليست طواحين الإشاعة، بل حقيقة الوضع الصعب هي التي تربكنا!
عوض أن تركب الحكومة حصان الدونكيشوط الهزيل وتحارب طواحين الإشاعة، كان عليها أن تحارب الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيءَ غير الحقيقة .
والحقيقةُ،أن هناك تيارا عميقا من الشك والهواجس والخوف، يسري في أحشاء المجتمع، يمزقها بأسئلة بلا أجوبة عن غد بلا يوميات!
لقد رمى، أحد ما – أو آحادون ما، بالجمع !- نفترض أنه لا مسؤول، بلاغا ناجحا تقنيا، يتوفر على كل مواصفات البيان الحكومي…
سوى أنه كاذب.
التقنية أسعفته، لكن لم تسعفه الحقيقة..
غير أن الحقيقة تسعف الخوفَ، والخوفُ لا يخضع لتزوير، ولا يمكن تحميضه في الفوطوشوب، ولا باللايزر. إنه هنا، قوي، معافى صريح وشديد اللهجة.
وإذا كان البلاغ البليغ تقنيا قد خلق، مع ذلك، ردة فعل شاملة سرت بسببه موجة كهربائية عصيبة في كل الأوساط، فذلك لأن بلاغة الخوف من القادم من الأيام أرضية خصبة لكي تمر القشعريرة.
و لا شك أنه مَثَّل أكثر البلاغات الأكثر رواجا طوال ثمان وأربعين ساعة..
الحقيقة التي تفوق طواحين الإشاعة، هي أنه نواة من الحقيقة تكون في الإشاعة!
والحقيقة، أن هناك شعورا بعدم الاطمئنان،
الحقيقة، أن هناك فقرا رهيبا يجعل الناس في وضع قلق مخيف..
وأن هناك فقراء، لا يعرفون كيف سيكون حالهم مع الفصل الثاني في تراجيديا الوباء..
والحقيقة، أن آثار السابق لن يستطيع أن يمحيها اللاحق، لو كان هناك وضع يجدد للوباء حجره الشامل..
غدا الخميس، أمام المجلس الحكومي نقطة تهم دراسة مشروع مرسوم، يتعلق بتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية، بسائر أرجاء التراب الوطني، لمواجهة تفشي فيروس كورونا -كوفيد 19، كما ورد في بلاغه، وهي فرصة لإعطاء الأجوبة الممكنة، بنسبيتها أو بشموليتها، بقسوتها أو بطمأنينتها، المهم الأجوبة النزيهة الواضحة ، التي لا تتعثر ..أمام ضبابية المشهد.
المسؤول الترابي، يشعر بالتعب، وهذه حقيقة..
والمسؤول الصحي يشعر بالتعب ، وهذه حقيقة
وربة البيت، والأب، والأرملة، والواقف بحثا عن فرصة شغل، وباعة الخضر في الأزقة ، والصيادون ، والأجواء في المقاهي، والموارد التي يمكن أن تضمنها الدولة بالتبرعات، مؤسساتية أو فردية لا يمكن أن تتكرر إلى ما لانهاية.
والوصفات، تتعدد في الوقت الذي يميل الأسلوب في معالجة الوباء، إلى تحميل الأفراد والأسر مسؤولية معالجة مرضاها.
وكل ذلك يتزامن مع أفق صعب، في انتشار واسع للكوفيد، وتأثر القدرة الاستعابية للمنظومة الصحية عن التجاوب معه.
من الشرق، جاءت الصرخات، قوية وصريحة .
وفي الشمال، سبقتها صرخات من العرائش قبل العودة
المتوسطة إلى الحياة العامة..
والحقيقة الأخرى، هي أن الأجوبة المتكررة، مثل نشرات الطقس في فصول البرد، لم تعد تجدي، ولا يمكنها أن تمنح المجتمع الحرارة التي يحتاجها ليواصل المعركة…
ولهذا، ربما حان الوقت ليعم النقاش المؤسسات كلها، وعلى رأسها البرلمان..
نقاش يعكس ما يتماوج في العمق الوطني، ويخلق الحالة التي نحن في حاجة إليها، والمتعلقة بتفاعل المسؤولين والمواطنين.. ليس لنا غير تعميق النقاش.
هل هذا كبير علينا؟
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 04/11/2020