من وعد بلفور إلى وعد ترامب

بقلم: سري القدوة

وتستمر تلك المأساة التراجيدية «وعد بلفور»، والتي غيرت مجرى تاريخ الشرق الأوسط، وكانت سببا في الظلم الذي وقع على أبناء الشعب الفلسطيني وجردهم من حقوقهم، وكان الركيزة الأساسية التي قامت على أساسها دولة الاحتلال، وفى ظل استمرار سياسة الاحتلال القائمة على احتلال الأرض وسرقة الحقوق الفلسطينية ورفض تطبيق القانون والقرارات الدولية بات من المهم أن يعمل مجلس الأمن الدولي وحكومات وبرلمانات العالم ومؤسسات الاتحاد الأوروبي خاصة على معالجة نتائج الخطيئة التاريخية التي وقعت نتيجة وعد بلفور المشؤوم، وتلك الجريمة التاريخية التي ألمت بالشعب الفلسطيني وكانت السبب المباشر لاستمرار الصراع مع الاحتلال، وعلى الرغم من نص قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة إلى دولتين مناصفة، فإن حكومة الاحتلال تقوم اليوم على أكثر من 70 % من أرض فلسطين التاريخية، وتسيطر على البقية بالاحتلال، كذلك وما زال المشروع الاستيطاني التدميري يطمع بنهب وسرقة الأرض الفلسطينية وضم الضفة الغربية، وفقا لما يسمى صفقة القرن الأمريكية التي أطلقها الرئيس ترامب، ليكمل تراجيديا المأساة الفلسطينية وسرقة ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وإعادة تشريد الشعب الفلسطيني من جديد.
شعب فلسطين سينتصر مهما طال الزمن، فهو من يمتلك تلك الحضارة وهذا التاريخ الطويل من التضحيات، وهو صاحب الأرض الفلسطينية ولا يمكن لقوى البطش والعدوان، مهما استمرت، أن تنال من إرادته وصموده ومهما استمرت سياسة تشريده عن أرضه واغتصاب حقوقه عبر سلسلة طويلة من المؤامرات والتي ابتدأت منذ مؤامرة وعد بلفور المشؤوم وتستمر مع وعود ترامب العنصرية التي تتنكر لفلسطين والشعب الفلسطيني وتمنح الاحتلال الفرصة في ضم الضفة الغربية والاستمرار في عدوانه الغاصب لأرض فلسطين، وإن التاريخ سيسجل مجددا هذا الظلم الذي يتمثل في سرقة التاريخ حيث تلك الممارسات الظالمة بحق فلسطين أرضا وشعبا وهوية وعنوانا، وإن شعب فلسطين لن ولم ينس هذا الظلم مهما طال الزمن، ونحن نقولها لا يمكن للتاريخ أن يمحو فلسطين من وجدان كل فلسطيني وذاكرته، والعالم كل العالم يعترف بفلسطين وبالرغم من مرور الزمن فإن الشعار الذي يرفعه الفلسطيني أينما كان: يسقط وعد بلفور المشؤوم وتسقط مؤامرات ترامب العنصرية.
يسقط وعد بلفور، هذا الوعد المستمر منذ 103 أعوام، وتلك المأساة التاريخية والجرائم التي ارتكبت بدم بارد ودون وازع أخلاقي أو إنساني بحق الشعب الفلسطيني، وتلك المأساة التي كانت السبب الرئيسي في تهجيره وسرقة أراضيه وإقامة دولة المستوطنات الإسرائيلية عليها، واستمرار هذه المؤامرات والسياسة المسعورة لدولة الاحتلال يتطلب ممارسة الضغط الدولي على الأقل، فهذا هو الحد الأدنى في ظل ما تمارسه حكومة الاحتلال من مؤامرات وتحالفات عنصرية، وضرورة حث دول العالم على الاعتراف بدولة فلسطين والتدخل العاجل لإيقاف هذا الظلم التاريخي الذي نتج عن وعد بلفور، وحان الوقت لاتخاذ قرارات مهمة أيضا من قبل القيادة الفلسطينية وإعلان الدولة الفلسطينية وضرورة التوجه الفعلي للمحكمة الجنائية الدولية لمساءلة حكومة الاحتلال عن جرائمها، والعمل على تطبيق جميع قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، التي تستمر بخطواتها وإعلانها عن ضم الضفة الغربية، وهي بذلك تكون قد أطلقت الرصاصة الأخيرة على عملية السلام بدعم وغطاء أمريكي، وتكون غير مؤهلة على الإطلاق لأي مفاوضات سلام جديدة قائمة على منح الشعب الفلسطيني حقوقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

سفير الإعلام العربي
في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : بقلم: سري القدوة - بتاريخ : 05/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *