العقود تنهال على الشركات بعد الأنباء المشجعة عن نجاح التجارب السريرية
هل بدأ العد العكسي للانتصار على فيروس كورونا؟ الأنباء الواردة من عدد من الدول، ترجح أن الأمر كذلك، وأن العالم قد يستيقظ من هذا الكابوس الذي أزهق مئات الآلاف من الأرواح وألحق خسائر بمليارات الدولارات باقتصاديات الدول.
الآمال بالانتصار على الجائحة تقوت بعد الإعلان عن فعالية اللقاحات التي تطورها عدد من الشركات والتي كانت منذ عدة أشهر قد دخلت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.
فقد أعلنت شركتا «فايزر» (الولايات المتحدة) و»بايونتيك» (ألمانيا) أن اللقاح ضد كوفيد-19 الذي تعملان على تطويره «فعال بنسبة 90 %»، بعد التحليل الأولي لنتائج المرحلة الثالثة والأخيرة قبل تقديم طلب ترخيصه.
وأظهرت النتائج الأولية، توفير حماية للمرضى بعد سبعة أيام من تلقي الجرعة الثانية و28 يوما من تلقي الجرعة الأولى.
وتوقعت الشركتان توفير ما يصل إلى 50 مليون جرعة من اللقاح في العالم في العام 2020 وحتى 1,3 مليار جرعة العام 2021.
وحاليا يتم تطوير عشرة لقاحات في العالم وهي في المرحلة الثالثة من الأبحاث المتقدمة، حيث تختبر فعاليتها على نطاق واسع على آلاف المتطوعين.
وتجري شركة «موديرنا» الأمريكية ومختبرات صينية عامة وجامعة اكسفورد وشركة «استرازينيكا تجارب على لقاحات باتت في مراحلها النهائية أيضا.
وسجل لقاحان روسيان مضادان لكوفيد-19 للاستخدام حتى قبل استكمال التجارب السريرية لكنهما لم يلقيا قبولا واسعا خارج روسيا.
وتطور شركة «موديرنا «الأمريكية لقاحا تجريبيا آخر ينتظر صدور نتائجه في الأسابيع المقبلة يستخدم التكنولوجيا نفسها.
ويترقب العالم أيضا نتائج لقاح آخر بات في مراحل متقدمة وتطوره شركة «أسترازينيكا» مع جامعة أكسفورد.
واعتبرت المنظمة العالمية للصحة هذه الأنباء بالمشجعة.
من جهته، أعلن مستشار علمي في الحكومة البريطانية أن «لقاحين أو ثلاثة» ضد فيروس كورونا المستجد قد تصبح متوافرة مطلع العام 2021 ما يسمح باحتمال العودة إلى حياة أكثر طبيعية في الربيع القادم.
وقال جون بيل أستاذ الطب في جامعة أوكسفورد والعضو في اللجنة العلمية التي ترفع التوصيات إلى الحكومة خلال الأزمة الصحية «لن أفاجأ إذا بدأت السنة الجديدة مع توافر لقاحين او ثلاثة قابلة للتوزيع».
وأضاف أمام لجنة برلمانية «إنني في غاية التفاؤل لناحية توزيع لقاحات كافية في الفصل الأول من العام المقبل لتبدأ الأمور تبدو طبيعة أكثر بحلول الربيع مما هي عليه الآن».وتابع «إن فرص حصول هذا السيناريو تراوح بين 70 و80 %.»
وأمام هذه الأنباء المشجعة، سارعت عدة دول إلى حجز ملايين الجرعات لفائدة مواطنيها، وعلى رأسها المغرب.
وفي هذا الإطار، ترأس جلالة الملك يوم الاثنين الماضي جلسة عمل خصصت لإستراتيجية التلقيح ضد فيروس كوفيد-19، وخلال هذا الاجتماع، و بناء على الرأي الصادر عن اللجنة الوطنية العلمية ذات الصلة، والذي يشير إلى أن حملة التلقيح تشكل ردا حقيقيا من أجل وضع حد للمرحلة الحادة من الجائحة، ووفاء للمقاربة الملكية الاستباقية المعتمدة منذ ظهور هذا الفيروس، أعطى جلالته توجيهاته السامية من أجل إطلاق عملية مكثفة للتلقيح ضد فيروس كوفيد-19 في الأسابيع المقبلة.
هكذا تم الإعلان عن أن هذه العملية الوطنية الواسعة النطاق وغير المسبوقة، تهدف إلى تأمين تغطية للساكنة بلقاح كوسيلة ملائمة للتحصين ضد الفيروس والتحكم في انتشاره. فحسب نتائج الدراسات السريرية المنجزة أو التي توجد قيد الإنجاز، فإن سلامة، وفعالية ومناعة اللقاح قد تم إثباتها.
وبالتالي فمن المنتظر أن تغطي المواطنين الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة، حسب جدول لقاحي في حقنتين. وستعطى الأولوية على الخصوص للعاملين في الخطوط الأمامية، وخاصة العاملين في مجال الصحة، والسلطات العمومية، وقوات الأمن والعاملين بقطاع التربية الوطنية، وكذا الأشخاص المسنين والفئات الهشة للفيروس، وذلك قبل توسيع نطاقها على باقي الساكنة.
ومعلوم أن المغرب تمكن من احتلال مرتبة متقدمة في التزود باللقاح ضد كوفيد-19، بفضل المبادرة والانخراط الشخصي لجلالة الملك اللذين مكنا من المشاركة الناجحة لبلدنا في هذا الإطار، في التجارب السريرية.
من جهتها أعلنت كندا البالغ عدد سكانها 38 مليون نسمة الثلاثاء أنها أبرمت مع شركة «فايزر» عقد خيار شراء 56 مليون جرعة إضافية من اللقاح الذي طورته المجموعة الدوائية الأمريكية ضد مرض كوفيد – 19.
وقال متحدث باسم إدارة الخدمات العامة والتموين إن هذه الكمية من اللقاحات تضاف إلى 20 مليون جرعة أخرى سبق أن طلبت الحكومة الكندية من المجموعة الأمريكية أن تحجزها لها.
كما وقعت كندا اتفاقيات مماثلة مع ثلاث شركات أمريكية أخرى هي «نوفافاكس» و»جونسون آند جونسون» و»موديرنا»، وكذلك مع شركات «سانوفي الفرنسية» و«جي أس كي» البريطانية، و»أسترازينيكا» السويدية-البريطانية.
الاتحاد الأوروبي بدوره، أعلن الثلاثاء أنه يستعد لإبرام اتفاق مع فايزر لشراء 300 مليون جرعة من لقاحها، أي ثلاثة أضعاف الكمية التي حجزتها لنفسها الولايات المتحدة.
وكانت المفوضية الأوروبية أبرمت مطلع شهرشتنبر الماضي اتفاقا تمهيديا مع «بايونتيك» و«فايزر» لطلب 200 مليون جرعة من لقاحهما مسبقا، مع خيار شراء مئة مليون جرعة إضافية.
كما وقع الاتحاد الأوروبي ثلاثة عقود للحصول على لقاحات محتملة مع الشركة السويدية البريطانية «استرازيناكا» والأمريكية «جوسون أند جونسون» (وصولا إلى 400 مليون جرعة من كل واحدة منهما) فضلا عن الثنائي الفرنسي البريطاني سانوفي / غلاكسوسميثكلاين للحصول على 300 مليون جرعة.
وحسب ما نشرته وسائل إعلام إسبانية فإن الجار الشمالي، وبناء على الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع شركة « فايزر» سيحصل على 20 مليون جرعة لتطعيم 10 ملايين شخص (بمعدل جرعتين للشخص)، مضيفة أنه لم يتم بعد تحديد من سيتم تطعيمه في المرحلة الأولى بهذه الجرعات وكيف سيتم ذلك، غير أنه من المتوقع أن يتم تطعيم العاملين بقطاع الصحة وكبار السن، وهم الأكثر عرضة للإصابة بـالفيروس.
أما بريطانيا التي تعد من الدول الأكثر تضررا مع وفاة أكثر من 49 ألف شخص وإصابة 1,2 مليون، فقد طلبت الحصول على 40 مليون جرعة من لقاح من فايزر التي قد يجاز استخدامها خلال ثلاثة أسابيع .
وطلب وزير الصحة مات هانكوك من النظام الصحي العام أن يكون على استعداد لبدء التلقيح مطلع الشهر المقبل إذا كان اللقاح جاهزا. وستعطى الأولوية للأشخاص الأكثر هشاشة صحيا، خصوصا في دور رعاية المسنين والطواقم الطبية. وستطلق حملة تلقيح مع أولوية لكبار السن ثم الشباب.
وسبق للولايات المتحدة، الأكثر تضررا على الصعيد العالمي من حيث عدد الإصابات والوفيات، سبق لها أن طلبت الحصول على 100 مليون جرعة، مؤكدة أن عملية التلقيح قد تبدأ قبل نهاية السنة الجارية.
وكانت الإدارة الأمريكية وقعت عقدا بقيمة 1,95 مليار دولار مع «فايزر» للحصول على هذه الكمية من الجرعات في حال ترخيص اللقاح.
وتنوي «فايزر» التقدم بطلب ترخيص من الوكالة الأمريكية للأغذية والعقاقير بعد التحقق من سلامة اللقاح بحلول الأسبوع المقبل. وقال أليكس عازار وزير الصحة الأميركي إن التوزيع بعد ذلك سيكون مسألة «أسابيع».