يبدو مما لاشك فيه أن الأزمة التي يعاني منها المغرب في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية وكذلك الشأن بالنسبة لعامة دول العالم، كان من أسبابها، لا محالة، غياب القيم الأخلاقية .
فبالنسبة للعالم فقد ظهر أثر هذا الغياب القيمي والأخلاقي في العلاقات الدولية حيت اتضح الأمر في مجال القيم العسكرية مما نتج عنه مواجهات عسكرية تتم بأقصى مظاهر العنف لا تضبطها قيم أخلاقية أو إنسانية خاصة بعد أحداث الدمار الشامل، كل يحاول إبادة الآخر، لا تقتصر هذه الإبادة على العسكريين بل نالت المدنيين وطالت جميع مظاهر الحضارة الإنسانية . ولم يقتصر الأمر على النظام العسكري بل امتد إلى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحماية المدنيين، ذلك أنها تثير ضجيجا إعلاميا في المؤتمرات الدولية ولكنها في النهاية لا تعدو كونها ألفاظا فارغة من القيم الإنسانية والمضامين الأخلاقية . ومن تم أصاب الخلل والاضطراب أكثر المجتمعات وأصبحت تواجه مظاهر خطيرة من الجرائم كالقلق والانتحار والأمراض النفسية والعصبية وتفشي المخدرات وعدم الشعور بالأمن نتيجة ظاهرة الإرهاب التي تهدد أمن واستقرار بلدان العالم، كل ذلك بسبب غياب القيم الأخلاقية .
أما بالنسبة إلينا في المغرب المعترف به دوليا في استراتيجية محاربة الإرهاب ولكنه ما زال يعاني مشكلة القصور في القيم الأخلاقية خاصة أنه من البلدان التي ظلت متمسكة بتشجيع المواطنين على الانخراط في العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات، وذلك باختيار المرشح الذي تتوفر فيه القيم الأخلاقية والكفاءة و محاربة من يستعمل المال ويكون العدل خدمة الصالح العامة . وهنا أذكر قول المرحوم عبد الرحيم بوعبيد ( السياسة أخلاق والمحاماة رسالة ) . ولهذا فمن الواجب تذكير المغاربة بأنهم من الأمة الوسط التي اختارها الله بهذه الصفة بين أهل الملل والنحل، أما الشريعة الإسلامية فتدعو الى الخير ومكارم الأخلاق وتنبذ العنف والظلم، وهي التي نزلت على خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم ، جاءت لكافة الناس ورحمة للعالمين، وهي بهذا المعنى عالمية وإنسانية تهدف إلى رقي الإنسان ومراعاة مصالحه وتكريمه وضمان حريته وسعادته، وهي إذن جديرة بالخلود والبقاء و الصلاحية لكل زمان و مكان .
دور القيم الأخلاقية في تطور المجتمعات و تخليق الحياة السياسية
الكاتب : علي المرابط الدرعي
بتاريخ : 13/11/2020