مهنيو التظاهرات الفنية بين سندان فيروس كورونا ومطرقة الحياة المعيشية

يبدو أن فيروس كورونا قضى على الأخضر واليابس بحيث منع الكثير من الناس أن يشتغلوا في مجالهم لصعوبة الحضور جسديا، من بين هاته المجالات مهن الفن وتنظيم التظاهرات التي تشمل عدة قطاعات.
أصبح من الضروري إيجاد حل لا من طرف المسؤولين أو المشتغلين بهذا القطاع الكبير، خصوصا وأن هذا الوضع طال وتدهورت معه الحالة المادية لكثير من الناس.
أثناء ظروف الحجر خرجت أصوات تعبر عن رأيها وتحاول اقتراح بدائل سواء منهم الفنانين أو جمعيات مهنية تشتغل في المجال وتضم عدة أطراف لتشعب طريقة العمل بها، أغلبيتهم ينادون بفتح المجال للعمل.
وفي هذا الإطار استقت جريدة «الإتحاد الإشتراكي» شهادة عدة فنانين للتعرف على رأيهم ولخلق باب النقاش حول الموضوع..
وقد صرح الفنان والموسيقار نعمان لحلو بأنه يفضل أن يدلي برغبته في هذا الموضوح بدل رأيه، مفسرا بأنه يتمنى أن تفتح المسارح وكل الفضاءات الفنية والثقافية وتعود الحياة كما كانت مع أخذ الإحتياطات اللازمة، ولكن مع ذلك فهو يثق في وزارة الصحة والسلطات ويعتقد أنهما أدرى منه بنسبة الوعي لدى المغاربة ومن سوف يحترم هاته الإحترازات ومن لن يحترمها خاصة وأن هاته الأزمة جديدة على المجتمع المغربي، ويظن أنهم يبدلون ما في وسعهم من أجل ذلك، واسترسل قائلا بأنه شخصيا كانت لديه سهرة في 28 مارس في مسرح محمد الخامس وتعاقد مع العديد من الأطرافـ وتمت الإستعدادات والإعلان عنها لكنها ألغيت وفقد على إثر ذلك الكثير من الأموال، لكنه ليس لديه ما يقوم به إلا أن ينضبط من أجل مصلحة الجميع.
من جهتها الفنانة زينب ياسر أعربت عن أملها بفتح المسارح والمطاعم…لأنها مكان رزق العديد من الفنانين والموسيقيين وعيشهم وعيش أولادهم «الله يحسن عون الجميع»، حسب قولها، وتدعو لعودة هاته المرافق مع تجنب الاكتظاظ وأخذ الإحتياطات، كما هو الحال بالنسبة للمقاهي ..، فإذا كان عادة يلج 500 شخص مثلا لسهرة أو فرح، فلتقتصر على 250 شخصا فقط، مع احترام المسافة القانونية ثم تعقيم الأماكن إلى غير ذلك من التدبيرات الإحتياطية..وكل هذا، تسترسل زينب ياسر مفسرة، من أجل أن يشتغل الفنان وتنتعش الحركة الفنية، وأضافت أنها التقت مع العديد من الفنانين وعاينت معاناتهم خاصة في إطار نشاطها الجمعوي من خلال مجموعة حب التضامن التي أسستها والتي تستهدف مساعدة الفنانين.
الفنان حميد بوشناق هو الآخر مع فتح المسارح، لكن مع الالتزام باحترام المسافات، خاصة أن الكل بحاجة للعمل في ظل هذه الوضعية التي تأزمت أكثر وذلك، حسب قوله، لتعود الحياة بشكل تدريجي، مع الوقاية بالطبع والتريث، خاصة وأن مهنة الفنان، يسترسل قائلا، تتطلب الاشتغال يوما بيوم، لذا فأمره صعب فعليه أن يوفر قوته باستمرار.
الفنان النوري يعتقد بأن مسألة فتح المسارح والأماكن الترفيهية وغير ذلك، مسألة تتعلق أولا بالتربية، وأضاف أن ما لاحظه هو انعدام الوعي بين عدة فئات من المواطنين بما يقع فعليا أو بالأصح لا يهمهم الأمر، إذ هناك أشخاص يتجولون بدون كمامات ولايعيرون اهتماما لهذه الجائحة ولا للمشاكل المترتبة عنها، ويعتقدون بأنه كذب بينما المشكل عويص وهناك حاله وفيات وليس فقط في المغرب بل بكل العالم، وقد عاين شخصيا حالة سيدة تحمل ديبلومات عالية وتحتل مسؤولية مهنية عالية، أصيبت بالمرض، لكنها تتجول بدون احتياطات، فكيف تفتح هاته المرافق وهم غير مسؤولين، وأضاف بأنه مادام ينتشر بين المواطنين من هم عديمي المسؤولية يجب التوقف عن العمل كلية ولو أننا سنعاني، لكن هذا ابتلاء من عند الله يجب أن نتعامل معه، واسترسل في تصريحه ضاحكا بأن المثل المغربي يقول «الحذر يغلب القدر» وهو يعني أن على أن الإنسان أن يأخذ حذره لكي لا يعدي أقرباءه، فسوف يغير بذلك القدر الذي يعني في هذه الحالة هاته الجائحة وخاصة أن هناك أشخاصا لهم أمراض مزمنة فيجب أن نجنبهم العدوى.
بالنسبة للنوري قلة الوعي بالمغرب لا تجعل السلطات تتشجع على فتح المرافق الثقافية والفنية والترفيهية، ولذا فهو وللأسف لا يحبذ فتح المسارح أو غيرها، فالمغرب وكل العالم في فترة حداد عام، فعلى كل شخص أن يعي بهذا الأمر ويتريث ويجلس في منزله إلى أن تمر الأمور في أحسن حال.
الفنان التشكيلي فنينو عبد لله بدوره له رأي في الموضوع، فالفنان عليه أن يلتزم بما تنص عليه وزارة الصحة والحكومة، وأن يشتغل في ورشته ويبحث عن زبائنه ويحرص على الجودة في العمل ويحترم الأثمنة وأكيد أن الله لن يتخلى عنه في كسب قوته..
وصرح بأن هاته الجائحة يسميها شخصيا محنة، ولكن فيها استفادة، فلكي يمر الإنسان لحياته المستقبلية عليه أن يمر منها، فإن لم يستطع فلن ينجح أبدا في نظره..
الفنان التشكيلي يوسف فنينو الإبن، هو التالي كأبيه، كشف عن قناعاته في ما يخص هاته الأزمة وتداعياتها على مصائر الفنانين، وصرح بأنه يعتبر أن هذه الأزمة منحت الفنان الفرصة للعودة إلى الذات واختبارها فنيا، وبالتالي فبالرغم من صعوبتها فقد خولت للفنانين التشكيليين المشاركة في معارض افتراضية، وبالتالي الفن أصبح متاحا للجميع بعدما كان محصورا بين الأروقة وحكرا على جمهور معين، فهو في ظل هاته الظروف وتنظيم المعارض افتراضيا أصبح الجميع يستمتع بجمالية اللوحات وهو شخصيا تمكن أثناء هاته الفترة من المشاركة بمعرضين عبر الشبكة الافتراضية بوزارة الثقافة والاتصال ومتحف محمد السادس
وأضاف أنه مع ذلك لا ينكر أهمية المساهمة في المعارض كما السابق وأهمية حضور الأروقة لأنها تجمع طاقات وأفكار متعددة وتغذي روح الفنان بألوانها وأشكالها، وأردف مفسرا أنه أمام هذا الوضع لا حل سوى انتظار أن يعتدل العالم.
من جهة أخرى فهناك جمعيات تكونت إبان الحجر الصحي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا، لدعم هذا القطاع وجعلت نفسها طرفا في الموضوع بما أنها تمثل العديد من المهنيين المشتغلين في هذا الميدان وعقدت اجتماعات مع المسؤولين لإيجاد حل والتواصل، كما أعطت بدائل ومشروعا نموذجيا يجعل العمل ممكنا بالرغم من هاته الجائحة ويسمح بأخذ كل الإحتياطات اللازمة لتفادي العدوى وتنتظر الجهات المسؤولة أن تقتنع بمشروعهم النموذجي الذي سيفتح الباب أمام الكثير من العاطلين المجبرين لاسترجاع كرامتهم وتأمين عيشهم وعيش أهاليهم خاصة وأن الأزمة طالت وحالت دون ذلك، ومن بينها المجموعة المهنية لمتعهدي التظاهرات في المغرب، بحيث تمت استضافة رئيسها عزيز بوسلامتي في عدة منابر إعلامية، للحديث عن الإجراءات العديدة التي اتخذتها الدولة لدعم هذا القطاع الذي عانى كثيرا منذ فرض حالة الطوارئ الصحية بسبب انتشار فيروس كورونا..


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 12/12/2020