في‮ ‬مؤامرة تركيا ضد المغرب‮ ‬

محمد بوبكري‮ ‬

منذ سنين‮ ‬غير قليلة،‮ ‬وأنا أهتم بدراسة جماعات الإسلام السياسي‮ ‬في‮ ‬المغرب فكرا وممارسة‮. ‬وخلال هذه المدة،‮ ‬ظلت تساورني‮ ‬شكوك في‮ ‬علاقات المخابرات التركية بهذه الجماعات وعلاقات العشق والدعم المتبادل بينهما‮. ‬وبناء على تحرياتي‮ ‬الخاصة القديمة والحديثة جدا،‮ ‬قررت أن أكتب هذه الورقة القصيرة لتوضيح انخراط تركيا بمعية جنرالات الجزائر في‮ ‬مؤامرة ضد المغرب ووحدته الترابية‮…‬
لقد اكتشف المغرب مخططا جزائريا ـ تركيا‮ ‬يكشف عن اتفاق بينهما‮ ‬يرمي‮ ‬إلى إقامة قاعدة عسكرية تركية في‮ ‬الكويرة جنوب المغرب‮. ‬ونظرا لحرص الدولة المغربية على أمن الوطن وسلامته،‮ ‬فقد تمكنت الأجهزة المغربية المختصة من إجهاض هذا المخطط السري‮ ‬الذي‮ ‬يهدد أمن المغرب وموريتانيا واستقرار المنطقة في‮ ‬آن واحد‮.‬
هكذا،‮ ‬تم انخراط كل من المخابرات التركية والجزائرية ومسؤولين سياسيين وعسكريين من كلا البلدين في‮ ‬الإعداد لهذا المخطط خلال السنوات القليلة الماضية‮. ‬وكان الهدف الأساس من وراء هذا المخطط هو البدء بالتوغل في‮ ‬شمال أفريقيا وصولا إلى القرن الأفريقي‮….‬
ولحسن الحظ،‮ ‬ونتيجة للمجهودات الجبارة التي‮ ‬تبذلها الدولة المغربية،‮ ‬فقد شكل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه ضربة قاضية لهذا المشروع ومخططاته الذي‮ ‬انطلق بالتدخل العسكري‮ ‬التركي‮ ‬في‮ ‬ليبيا بتحالف سري‮ ‬مع جنرالات الجزائر،‮ ‬ومع مرتزقة البوليساريو الذين تم دفعهم لاحتلال معبر الكركرات لفتح الطريق أمام تنظيمات إرهابية ترعاها المخابرات الجزائرية والتركية معا،‮ ‬ما‮ ‬يمكن أن نستنتج منه أن المخابرات الجزائرية أيضا ترعى الإرهاب وتوجهه وتموله‮…‬
وقد سلكت تركيا هذا النهج،‮ ‬لأنها مهووسة بحلم إقامة الخلافة العثمانية في‮ ‬القرن الواحد والعشرين،‮ ‬ما‮ ‬يفيد أنها تخطط صحبة جنرالات الجزائر،‮ ‬الذين صاروا دمية في‮ ‬يدها،‮ ‬حيث‮ ‬يحاول الأتراك بمشاركة عسكر الجزائر محاصرة المغرب من حدوده الجنوبية خدمة لأطماعهما التوسعية‮. ‬ومنذ تولي‮ ‬رجب أردوغان السلطة في‮ ‬تركيا وهو‮ ‬يسعى إلى‮ ‬غزو أفريقيا عبر إنفاق أموال طائلة بهدف خلق فتن ونزاعات قبلية وطائفية داخل بلدان أفريقيا لخلق بؤر توتر فيها بهدف بسط السيطرة التركية عليها لاحقا‮. ‬ويتوهم جنرالات الجزائر أن تقوية سيدهم التركي،‮ ‬ستمكنهم من بسط سيطرتهم على شمال أفريقيا،‮ ‬ثم أفريقيا‮. ‬وقد‮ ‬ينقلب ذلك ضدهم‮.‬
لقد كان هم المخابرات التركية دائما هو التخلص من عقدتها التاريخية تجاه المغرب ومقاومته لها،‮ ‬لأن الخلافة العثمانية لم تتمكن أبدا من احتلاله‮. ‬لهذا،‮ ‬فقد حاولت هذه المخابرات ضرب الاقتصاد الوطني‮ ‬المغربي‮ ‬عبر إغراق السوق المغربية بالسلع والبضائع التركية،‮ ‬لكنها فشلت في‮ ‬ذلك‮. ‬وبعد ذلك،‮ ‬قررت الانتقال إلى استهدافه عسكريا باحتلال أراضيه عبر التواجد في‮ ‬المناطق العازلة،‮ ‬أو القريبة منها،‮ ‬أو في‮ ‬معبر الكركارات،‮ ‬أو احتلال مدينة الكويرة وإقامة قاعدة عسكرية فيها‮.‬
يعلم كل المتتبعين والمهتمين أن السلطة التركية أقامت في‮ ‬السنوات الأخيرة العديد من القواعد العسكرية في‮ ‬الشرق الأوسط وأفريقيا،‮ ‬وذلك إضافة إلى التواجد العسكري‮ ‬في‮ ‬ليبيا،‮ ‬كما أنها تسعى إلى إقامة قاعدة عسكرية في‮ ‬السودان‮. ‬ومن المعلوم أيضا أن لتركيا قاعدة عسكرية في‮ ‬كل من الصومال ودجيبوتي‮ ‬والنيجير‮. ‬ولن‮ ‬يتوقف طموحها عند هذا الحد،‮ ‬بل إنها ستنقلب في‮ ‬نهاية المطاف على ضباط الجزائر،‮ ‬حيث إنها تعتقد أن إعادة احتلالها للجزائر هو حق شرعي‮ ‬تاريخي‮. ‬وستعمل على ارتكاب تلك الجريمة عبر إحداث القلاقل داخل الجزائر موظفة في‮ ‬ذلك كل الجماعات المتطرفة الإرهابية التي‮ ‬تمولها وتؤطرها،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك مرتزقة البوليساريو‮. ‬هكذا،‮ ‬فمن المحتمل جدا أن‮ ‬ينقلب سحر جنرالات الجزائر عليهم،‮ ‬حيث ستسعى المخابرات التركية إلى العصف بهم،‮ ‬وإلى محاولة احتلال وطنهم،‮ ‬لأنها لا تتوقف عن أن تستمر في‮ ‬الحلم،‮ ‬أو تتوهم أنها قادرة على استرجاع أمجاد الخلافة العثمانية،‮ ‬بل أكثر من ذلك‮. ‬وهذا هو العماء عينه‮!!‬
عندما نعود إلى العهدة الحكومية السابقة،‮ ‬نجد أن كل القرارات الجائرة،‮ ‬التي‮ ‬ضربت المكتسبات الاجتماعية للشعب المغربي،‮ ‬لم‮ ‬يكن الهدف منها هو استرجاع الاقتصاد المغربي‮ ‬لعافيته،‮ ‬بل كان الهدف منها هو خلق الشروط التي‮ ‬يمكن أن تحدث زلزالا اجتماعيا‮ ‬يقود إلى فتنة كبرى بهدف زعزعة الاستقرار في‮ ‬البلاد،‮ ‬ما‮ ‬يوفر الظروف لاختراق البلاد من قبل المخابرات التركية التي‮ ‬كانت دوما تستهدف المغرب‮. ‬لقد كان رئيس الحكومة السابق‮ ‬يقدم نفسه على أنه قادر على تمرير القرارات الجائرة التي‮ ‬تعمق تفقير الشعب المغربي‮ ‬وتجويعه وتجهيله‮. ‬وبذلك،‮ ‬فقد كان‮ ‬يقدم نفسه على أنه‮ ‬يقوم بمهام صعبة،‮ ‬لكن ذلك كان مجرد ذر للرماد في‮ ‬العيون بهدف التضليل من أجل إخفاء حقيقة خدمته للمصالح التركية التي‮ ‬تبحث عن محاصرة المغرب وتفتيته بهدف الهيمنة عليه‮. ‬كما أنه ساهم في‮ ‬محاولة ضرب الاقتصاد المغربي‮ ‬عبر تسهيل إغراق الأسواق المغربية بالسلع التركية‮. ‬هكذا،‮ ‬فإن رئيس السابق كان متواطئا مع المخابرات التركية‮…‬
ونظرا للدعم المالي‮ ‬والسياسي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يحظى به هذا الرجل،‮ ‬فقد كان‮ ‬يطلق لسانه الشعبوي‮ ‬مستهترا بالدولة المغربية ومؤسساتها‮… ‬فضلا عن ذلك،‮ ‬لقد قامت كل من الحكومة السابقة والحالية بإدخال المغرب وتكبيله بما لا طاقة له به من القروض الخارجية‮. ‬ونظرا للوطنية الصادقة لوالي‮ ‬بنك المغرب،‮ ‬فقد قام مؤخرا بالدعوة إلى حسن تدبير قروض المغرب من الخارج،‮ ‬كما نبه إلى سوء تدبيرها وعواقبه‮…‬
وعندما انهمكت الدولة المغربية في‮ ‬الكفاح من أجل حماية وحدته الترابية وكسب اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بشرعية سيادة المغرب على صحرائه،‮ ‬انخرطت جماعات الإسلام السياسي‮ ‬في‮ ‬المغرب في‮ ‬التعبير عن حقدها على الشعب المغربي‮ ‬ودولته عبر توجيه سهام نقدها إلى ارتباط المغرب دولة وشعبا بوحدته الترابية،‮ ‬حيث وجهت اتهامات كاذبة للمغرب بغية الإساءة إلى صورته‮. ‬ونظرا لكون جنرالات الجزائر الذين،‮ ‬هم مجرد دمى في‮ ‬يد المخابرات التركية،‮ ‬قد قاموا بتحريف الدين ووظفوا أئمة المساجد في‮ ‬الجزائر،‮ ‬عبر تدبيج خطبة‮ ‬يوم الجمعة،‮ ‬لمحاولة الإساءة إلى المغرب‮. ‬وسيرا على نهج ضباط الجزائر،‮ ‬فقد قامت جماعات الإسلام السياسي‮ ‬في‮ ‬المغرب بالعمل إعلاميا بنفس المنطق للنيل من الوحدة الترابية المغربية والساهرين على حمايتها‮…‬
هكذا،‮ ‬يغدو جليا أن هذه الجماعات كانت دوما منخرطة مع المخابرات التركية في‮ ‬مؤامراتها ضد المغرب ووحدته الترابية‮.‬

الكاتب : محمد بوبكري‮ ‬ - بتاريخ : 22/12/2020