تمظهرات الإقصاء والتهميش توحد دواوير ألحقت بالمدار الحضري للجديدة سنة 2008
بعد عبور البوابة الكبيرة للمستشفى الجديد للمدينة، وبوابة السجن المحلي سيدي موسى، تنطلق رحلة المجهول صوب الدواوير الملحقة بالمدار الحضري لبلدية الجديدة، والتي يقف خلالها الزائر على أوضاع تثير أكثر من سؤال، حيث تنتشر بيوت ومنازل تنعدم فيها أبسط ضروريات الحياة الكريمة…
يتعلق الأمر بالدواوير السبعة (الغنادرة، لشهب، المسوكر، المسيرة، الميثاقي، العين، الطاجين) التي ألحقت سنة 2008 بالمدار الحضري، فكان إلحاقها بمثابة غنيمة انتخابية لبعض الأحزاب التي لا تتردد في استغلال معاناة الساكنة لكسب أصوات انتخابية عبر تقديم الوعود غير المحققة على أرض الواقع؟
حفر ومطارح أزبال
قبل الولوج إلى هذه الدواوير يصادفك سد أمني تم نصبه لمراقبة مرتاديها ، قبل أن تلمح العشرات من البرك المائية التي وجدت في حفر الطرقات والمسالك مكانا تستقر فيه على طول السنة، وهي طرقات لا تزيد عن أمتار قليلة جد ضيقة يضطر مستعملوها إلى تغيير الوجهة أثناء استعمالها في أكثر من مناسبة. وما تبقى من المسالك المؤدية إلى وسط الدواوير لا يعدو أن يكون مجرد حفر ومسالك عشوائية تمر عبرها المئات من الدراجات النارية والعربات والسيارات بشكل يومي، لأنه لا وجود لسيارات أجرة و الحافلات رفضت الدخول إلى هذه الدواوير بسبب تهالك الطرقات، حيث أن الوضعية التي تعيشها الأسر بدوار الأشهب، مثلا، تؤشر على المعاناة بكل تمظهراتها، أو كما قال بعض السكان إن «أصحاب الانتخابات كيجيو باش يديو الأصوات ويمشيو.. لله يسمح ليهم»؟.
أخطار تتهدد
المراهقين والشباب
وسط دوار الأشهب والغنادرة يصادف الزائر مراهقين وشبانا وأطفالا وهم يحاولون مصارعة الظروف المزرية التي يعيشون فيها، ويلعبون الكرة وألعابا أخرى، لكن المثير في أغلب هذه المشاهد هو أن أغلب أبناء هذه الدواوير يتخذون من فضاءات قريبة من مطارح نفايات، مكانا للترويح عن نفسياتهم المختنقة. وضع يجعلهم لقمة سائغة للأمراض المختلفة دون إغفال خطر الانحراف والسقوط في شباك الإدمان. علما بأن أطفال هذه الدواوير ومراهقيها يعانون الأمرين من أجل الوصول إلى أقرب مؤسسة تعليمية سواء الابتدائية أو الإعدادية، أما الثانوية فلا مفر لهم من نعب »السفر» اليومي إلى مدينة الجديدة للوصول إلى إحداها.
معضلة الصرف الصحي ومشاكل التزود بالماء
لا تغيير حصل في المنطقة، غالبية الطرقات تهالكت واندثرت، دون أن يتم إصلاحها أو حتى ترميمها، «الناس هنا بسطاء وأغلبهم يجري خلف لقمة العيش بشكل مستمر، لكنهم استبشروا خيرا بإلحاق دواويرهم بالمدار الحضري لمدينة الجديدة إلا أن الأمل مازال معلقا، لا وجود لقنوات الصرف الصحي وعملية تزويد المنازل بالماء الصالح للشرب تعتريها مجموعة من المشاكل التي تتسبب في بعض الأحيان في انقطاع الماء عن السكان» يقول بعض أبناء الدواوير المتضررة.
معاناة متعددة الأوجه
عانى سكان الدواوير الملحقة بالمدار الحضري للجديدة، مؤخرا، في ظل مخلفات الأمطار الغزيرة التي شهدتها المدينة، وحولت الأزقة والدروب الضيقة إلى أودية، حيث قضى عدد من سكان هذه الدواوير، حسب تصريحات السكان، ليالي بيضاء بسبب غياب قنوات الصرف الصحي وهشاشة أسقف المنازل لكون أغلبها عبارة عن بنايات عشوائية لا تخضع للمعايير المعمول بها كما اضطرت بعض الأسر إلى إخلاء بعض الغرف بعد أن اجتاحتها مياه الأمطار.
هذا ومنذ أن تم إلحاقها بالمدار الحضري لم يتم تشييد أية بناية لأية مؤسسة أمنية بإمكانها تغطية المنطقة، حيث اقتصرت الجهات المعنية على تنظيم دوريات راكبة تقوم بين الفينة والأخرى بجولات محدودة بأزقة وأحياء هذه الدواوير، بحسب تصريحات شباب من المنطقة، الذين أكدوا لنا أن المخدرات يتم ترويجها وسط هذه الدواوير في صفوف الشباب، كما تشهد في كثير من الأحيان شجارات دامية منها التي يتم التبليغ عنها ومنها التي لا يصل صداها إلى الأجهزة الأمنية، بسبب بعد الدواوير عن مركز الجديدة. كما اشتكى سكان الدواوير من انعدام الإنارة العمومية، التي تهدد سلامة وأمن التلميذات والتلاميذ ومختلف القاطنين الذين يضطرون للعودة إلى بيوتهم ليلا، ويصبحون عرضة لشتى أنواع التهديد، وأكد مجموعة من سكان الدواوير في تصريحات أن الأوضاع بهذه الدواوير مرشحة للتفاقم في غياب أي تدخل لحل مشاكلهم.
انتقادات ومطالب
بإعادة الهيكلة
لم يسلم المجلس البلدي لمدينة الجديدة، من انتقادات السكان وخاصة فئة الشباب، فحسب تصريحات هؤلاء، فإن المنتخبين يغادرون المنطقة بمجرد نجاحهم في الانتخابات الجماعية، واصفين سكان الدواوير بـ «المنجم الانتخابي» الذي يتم اللجوء إليه كلما حل موعد الانتخابات الجماعية أو التشريعية، إذ يستغل عدد من المنتخبين بساطة السكان ويطلقون وعودهم التي سرعان ما تتحول إلى مجرد أحلام لوعود كاذبة، وأكد عدد من الشبان في تصريحاتهم أنهم لن يصدقوا مستقبلا أي مرشح لا يحسن سوى توزيع الوعود على سكان الدواوير الملحقة بالمدار الحضري، ويختفي مع نهاية الانتخابات، دون اكتراث بمعاناتهم المتواصلة.
هذا وشدد عدد من سكان الدواوير الملحقة بالمدار الحضري لمدينة الجديدة على مطلب إعادة الهيكلة الشاملة لإخراج هذه الأسر من دوامة التهميش، مشيرين إلى أنهم» يشعرون بالحكرة والتهميش كلما زاروا الشوارع الرئيسية المزينة بالورود والأضواء الزرقاء والتي لا تبعد عن دواويرهم سوى ببضعة أمتار»، موجهين نداءات إلى الجهات المسؤولة من أجل التدخل لإخراج مشروع إعادة الهيكلة الشاملة لهذه الدواوير المهمشة.