الجار الذي أسيء فهمه 

في مقال نشر بجريدة « لاراثون» الإسبانية، اعتبر سالمون بنعطار عمران، أن هناك جزءا من المجتمع الإسباني لديه رؤية غير متكاملة ومشوهة عن المغرب، تحكمت فيها كليشيهات وقوالب جاهزة.
وأضاف كاتب المقال أن بعض وسائل الإعلام في إسبانيا تساهم في خلق هذه الصورة، حيث تسلط الضوء على الجوانب السلبية، لكنها تحجم عن ذكر الإنجازات التي يحققها المغرب، منحازة في ذلك إلى أطروحات البوليساريو. وأضاف الكاتب ان الحديث عن كفاح حركة مسلحة من أجل الحرية، كما يبدو، حديث رومانسي ويلقى الرواج، لكنه يخفي التعقيدات السياسية وطموحات الهيمنة لدول في المنطقة، والتي كانت من نتائجها الظلم التاريخي الذي يتعرض له المغرب منذ عدة عقود.
وشدد الكاتب على هذا الظلم الذي تعرض له المغرب، مؤكدا في هذا الإطار، انه يكفي النظر إلى الخريطة للتأكد من أن المغرب في الحقيقة يطالب منذ عقود باسترجاع مدن ومناطق تقع جغرافيا ضمن ترابه، إلا أنه، ورغم هذه الحقائق، فإن الإسبان يتجاهلونها وهو ما يثير اندهاش المغاربة الذين تمتلكهم الرغبة في تحسين علاقات بلادهم مع جارها الشمالي.
وأكد سالمون بنعطار أن هناك إجماعا في المغرب ،سواء على صعيد الأحزاب السياسية أو الفاعلين الاجتماعيين، حول نزاع الصحراء، وأن الملك محمد السادس ملتزم بشكل كامل بهذا الإجماع، وبالتالي فإن المواطن المغربي العادي يندهش عندما يسمع بأن هناك في إسبانيا من يعتبر أن الأمر يتعلق بتصفية الاستعمار وأن البوليساريو حركة مستقلة، وهو ما يدفع، هذا المواطن العادي، ليقدم لنا دروسا في الجغرافيا وينصحنا بإلقاء نظرة على خريطة المنطقة والتحقق من أن الحدود تم رسمها من طرف المستعمرين الأوروبيين السابقين، وأنها توضح أنه إلى الغرب من المنطقة المحاذية لتندوف يعيش رحل هم الآن جزائريون، ولكن في الشرق، فإن إخوانهم لا بجب أن يكونوا مغاربة بل صحراويين ، فكيف يمكن تفسير ذلك ؟؟ كيف يمكن، يتساءل الكاتب، أنه انطلاقا من تقسيم مصطنع، يعتبر الصحراويون الذين يعيشون في الجزائر، جزائريون، لكن الصحراويين الذين يعيشون في المغرب لا بمكن اعتبارهم مغاربة، ويجب أن يشكلوا « جمهورية صحراوية» مضيفا أنه إذا كان من العدل إنشاء دولة جديدة في المنطقة، فهذه الدولة يجب أن تضم أيضا الصحراء الجزائرية، لأن سكان المنطقة على جانبي الحدود ليسوا مختلفين على الإطلاق وبالتالي سنعتبرهم جميعا مواطنين صحراويين.
وهنا تكمن المفارقة، التي يوضحها الكاتب قائلا إنه في الوقت الذي لا يشك أحد في أن الصحراء الجزائرية ملك للجزائر، فإن هناك من يدعي بأن المغرب الذي حرم من صحرائه بسبب الاستعمار الإسباني، لا يحق له استعادتها. وبعدما ذكر الكاتب بالدعم الذي قدمه الملك الراحل محمد الخامس لاستقلال الجزائر بما في ذلك المناطق الصحراوية الغنية بالبترول، أكد أن الجزائر كافأته باحتضان البوليساريو فوق أراضيها ومولتها لإنشاء دولة، تمكن الجزائر من منفذ إلى المحيط الأطلسي.
وبعد الحقائق التي قدمها، حول سوء الفهم الذي يقع المغرب ضحيته، اختتم الكاتب مقاله بالتأكيد أن المغاربة يرغبون في التعاون مع أوروبا مزدهرة وملتزمة بتنمية بلدان المغرب العربي، مضيفا أنه خلال السنوات العشرين الماضية، عمل السفراء والبرلمانيون والحكومات ورجال الأعمال، من الضفتين، لتحسين العلاقات الثنائية، وبفضلهم انخفضت حدة التوترات، حيث أن إسبانيا تعتبر حاليا المستثمر الأول في المغرب، والجالية المغربية في إسبانيا من أهم الجاليات والأكثر اندماجا، وبالتالي فإنه من الصعب فهم الإجراءات الأخيرة للحكومة الإسبانية، والخرجات غير المسؤولة للنائب الثاني لرئيس الحكومة، في إشارة إلى بابلو ايخليسياس زعيم حزب بوديموس، والانتقادات الصبيانية التي تصدر عن بعض الصحافيين، مؤكدا أن علاقات الجوار، غالبا ما تكون معقدة، وهو ما بستدعي بذل الشعوب والحكومات لمختلف الجهود لتذليل الصعاب التي تعترضها.

 


الكاتب : أعدها للنشر :  عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 08/01/2021