مرشحو الحركة الاتحادية الأقوياء في الجنوب المغربي أمام خيار السجن أو خدمة أجندات انتخابية لحزب معلوم !
محمد الوحداني
الجزء الأول: ملف الإتحادي
عبد الوهاب بلفقيه !
إن كل ما سبق ذكره، وهو مختصر قليل، من كل ما عاشته الحركة الاتحادية في الجنوب المغربي، من حصار وتصفية، وسيأتي الوقت الذي سنذكر فيه بالتفصيل مختلف الأحداث والوقائع التي تحتفظ لنا بها صفحات التاريخ، وذاكرة مواطني هذه الجهات والوطن بأكمله .
حقائق ومعطيات يتداخل فيها الحساب السياسي والانتخابي، والمحلي والدولي؛ لكن الملاحظة التي نشير إليها هنا، ولا يمكن أن يخطئها أحد، تتمثل في أنه إذا كان تاريخ المنتصف الثاني من القرن العشرين، هو تاريخ تصفيات جسدية تعرض لها مناضلو الحركة الاتحادية، وقوافل معتقلين ومنفيين، ومسلسل تزوير ممنهج طال النتائج الانتخابية ضد حزب القوات الشعبية لصالح أحزاب الإدارة، فإن العقدين الأولين للقرن الواحد والعشرين كان تاريخا آخر من محاولات مستمرة لتوظيف مؤسسات رسمية ( الداخلية و القضاء) كحرب استباقية لإقصاء مرشحي حزب القوات الشعبية قبل كل موعد إنتخابي، فحينا بالعزل وبمبررات واهية وحينا آخر بجرهم عنوة إلى ردهات المحاكم، عبر فبركة ملفات قضائية من طرف منافسيهم الانتخابيين والسياسيين ! يكون القصد منها أولا الترويض الإنتخابي لمرشحي الحركة الاتحادية الأقوياء، إذا أصروا على انتمائهم، ورفضوا الانتماء إلى أحزاب…، وتهديدهم بالاعتقال والمتابعات القضائية، التي لن تحرمهم من المشاركة في الانتخابات فقط، ولكن ستزج بهم في السجون أيضا، ليبقى أمامهم خياران لا ثالث لهما، من غير اعتزال السياسة، فإما الانتماء إلى أحزاب التيار الثالث، أو خدمة أجندات انتخابية لحزب معلوم ما !
هذا دون إغفال معطى آخر، يتمثل في كيل اتهامات متواصلة، لمرشحي ومنتخبي القوات الشعبية، وشيطنتهم وتقديمهم للرأي العام الوطني والجهوي، وكأنهم من يعطل عجلة التنمية الاقتصادية بهذه المناطق، وأنهم هم سبب هدر الزمن التنموي بها، وأن أحزابهم هم ومنتخبيهم نزهاء وفضلاء، وأن منتخبي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هم رموز للفساد الانتخابي ولوحدهم !
ولكي لا نذهب بعيدا في سبر أغوار تاريخ وقائع تؤكد ما ذكر أعلاه، سنتناول بدءا في مقالنا لهذا الأسبوع، ملف بلفقيه عبد الوهاب، القيادي الاتحادي في الجهات الجنوبية الصحراوية .
نعم إن اللجوء إلى التقاضي هو سلوك حضاري، وأمر مطلوب في المجتمعات الحضارية والمتحضرة، من أجل تحقيق العدل والدفاع عن الحق، ونصر الحقيقة، ولا نرى أبدا أو ندعو إلى حصانة ما ضد سيادة القانون والعدل، ولا نقول بأن الانتماء لحزب ما يعفي مسؤولا ما من المحاسبة .
لكن إذا كان المطلوب أمر آخر… و تحركه خلفيات أخرى، فذلك إذن إدعاء حق يراد به باطل ! وأن نفتح باب المحاسبة فقط على الاتحاديين ونعفي الآخرين ! و هذا ما يقع منذ سنوات في جهات الصحراء المغربية، وكأن المنتخبين الوحيدين هم الاتحاديون ! فهنا تلتبس الأمور…
ويجعلنا ما يقع، نفهم بالتأكيد، أن هذا البعض، وبعد معرفتهم المسبقة باستحالة تحقيق فوز إنتخابي، وتحصيل الأغلبيات التي تمكنهم من تسيير وتدبير المؤسسات المنتخبة، يواصلون فبركة الملفات للزج بمنافسيهم الاتحاديين في السجون قبل موعد كل انتخابات، أو نهج سياسة استنزاف قضائي من خلال رفع قضايا متوالية ضدهم، هذا دون إغفال الحملات الإعلامية المحمومة والمحكومة، بنسق تفاهات لا أخلاقية من سب وقذف وتشهير…
وفي حالة الاتحادي بلفقيه عبد الوهاب، نجد أنفسنا مرارا أمام سؤال خطير: هل مجرد تسيير بلدية كلميم ( لا يمكن أن تقارن ميزانيتها الهزيلة بميزانيات أغلب عواصم الجهات في المغرب ) تخلق كل هذا اللغط الإعلامي والقضايا القضائية؟ وكل هذا المس بشرف الناس، والقضاء، وهيبة الدولة، والمؤسسات…؟!
لقد وضع ملف عبد الوهاب بلفقيه لدى:
- الديوان الملكي
- وزارة العدل
- المجلس الأعلى للحسابات
- وزارة الداخلية
- وزارة المالية
- الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء
- الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش
- محكمة جرائم الأموال
- محاكم :كلميم وأكادير ومراكش والرباط
- منظمات حقوقية وطنية ودولية
وبما أن المناسبة شرط، سنطرح هنا معلومة تستحق الانتباه:
قبل ما يقارب الشهر، وبعد أن باءت بالفشل كل محاولات ترويض الاتحادي بلفقيه عبد الوهاب من طرف خصومه السياسيين، وربحه أكثر من ثلاثين ملفا، اتهمه فيها منافسوه الحزبيون بالفساد المالي والانتخابي؛ تم هذه المرة ونحن على أبواب انتخابات هذا العام، مباشرة تكتيك جديد مرتبط هذه المرة بملفات الفساد العقاري ! وقد سبق وأن حصل فيها بلفقيه على البراءة، وأدين ( بالسجن والغرامة ) واضعوا الشكاية الذين روجوا ضده في هذا الموضوع إشاعات مغرضة، وللعلم فهم بعض معارضي بلفقيه في المجلس البلدي لكلميم، ليتفجأ بعدها الجميع بخبر استقدام ملف عقاري ضد بلفقيه بدون مشتك بمحاكم أكادير، إلى محاكم الرباط !!! في سابقة في تاريخ القضاء المغربي، وكان لغريب الصدف قبيل انتخابات 2021 ! وكما هي العادة دوما، قبيل الانتخابات تفتح أبواب المحاكم، ويباشر التحقيق في شكايات ما…
خطة واحدة يتبادلها سياسيا وانتخابيا لاعبون/ خصوم من أحزاب معلومة، فشلت في توظيف قضاء المال العام في صراعات السياسة والانتخابات، لتنقل ميدان التصفية السياسية إلى ملفات العقار وملفات…
وفي نفس الوقت نطرح أسئلة عديدة، قد تسلط الضوء بصيغة ما على ما يجري هنا:
- هل ميزانية بلدية متوسطة، كميزانية بلدية كلميم، تستحق لوحدها في الجنوب المغربي، كل هذا الجهد الحقوقي والعناء النضالي الوطني والدولي؟
- وإذا كانت الحقيقة هي الغيرة على المال العام، فلماذا تم إذن تسليط الضوء فقط على بلدية كلميم ؟ وعلى رئيسها السابق عبد الوهاب بلفقيه ؟
- أليست ميزانيات الداخلة والعيون وأكادير ومراكش والدار البيضاء وفاس وطنجة ….إلخ، وميزانيات مؤسسات ووزارات، ومندوبيات، وصناديق سوداء… أحق هي أيضا بالبحث والتقصي ؟!!
هل المال العام يوجد فقط في بلدية كلميم؟ والمال الذي يصرف في باقي المؤسسات الرسمية المعينة والمنتخبة على الأقل في جهات الصحراء الثلاث هو مال خاص ؟!!
- ما هو السر الحقيقي وراء كل هذه الآلية القضائية ضد الاتحاديين، وما هو الهدف من هذا الموضوع كله ؟ وما هو المطلوب تحديدا؟
- هل لأن بلفقيه عبد الوهاب أمازيغي/ مغربي ؟ ومن قبائل آيت باعمران ذات العلاقة التاريخية والحالية مع الحركة الاتحادية، وهناك بعضهم ممن يزعجه أن يترأس ” شلح ” وحدوي وبقوة انتخابية وشعبية مؤسسة في المناطق الصحراوية ؟
- هل لأن بلفقيه عبد الوهاب استمر في الوفاء للانتماء لحزب القوات الشعبية في الوقت الذي يطلب منه البعض كل حين تغيير الحزب ليس خدمة للوطن، ولكن خدمة لمصالح البعض، وكان عليه أن يكون خادما تابعا لأجندة لوبيات المراحل يغير جلده عند كل مرحلة انتخابية، وفقا لتحكمات قوي كل مرحلة ؟
- هل لأن بلفقيه استطاع أن يكون تحالفات انتخابية وقبيلة قوية، لم تترك لبعض أحزاب التيار الثالث، أو التي ترعرعت في أحضان ومستنقعات حبلها السري، أي فرصة لحكم جهة صحراوية في مرحلة الإعداد لتجربة الحكم الذاتي والجهوية الموسعة، ما دامت إمكانية حكم هذه الأحزاب للمناطق المتنازع عليها مستحيلة ! لتبقى الفرصة الوحيدة الممكنة لهم هي الضغط بهذه الحملات القضائية على بلفقيه كي يكون خادما لأجندة حزب ما…
- هل لأن خطة البوليساريو التي تعتمد خطة فشلت في المناطق المتنازع عليها، وبدأت منذ سنوات خطة استباقية في المناطق غير المتنازع عليها ترابيا ولكن متنازع عليها اثنيا، وجدت أمامها قائدا إنتخابيا اتحاديا هو بلفقيه عبد الوهاب ؟
إنها قصة صراع بوليساريو الداخل مع وحدويي الصحراء بصيغ مختلفة… وكلنا نعرف موقف الاتحاد الاشتراكي من الاستفتاء ورفضه له، وبالتالي فإن الحالمين بقرار تقرير المصير، يزعجهم وجود ممثل قوي في الصحراء المغربية، ذو نفوذ شعبي وقبلي منتم لحزب القوات الشعبية، يؤطره تيار حركة اتحادية ذات امتداد أممي وتاريخي وشعبي .
لنخلص في المحصلة إلى أن حليمة ما زالت على عاداتها القديمة، فما هو السر المشترك لهذا التحالف القديم / الجديد المريب، في القرن العشرين، بين تيار سياسي وإيديولوجي، كان يريد تأسيس دولة في الصحراء المغربية، مع رموز التيار الثالث، من أجل الإجهاز على الحركة الاتحادية في الجنوب المغربي، لتعاد نفس الأسطوانة في القرن الواحد و العشرين” اتفاق جيل جديد” من دعاة تأسيس دولة في مناطق الجنوب المغربي، مع “جيل جديد من أحزاب معلومة” في رأي، ضرورة التصفية السياسية للحركة الاتحادية، من خلال أسماء عديدة، وعلى رأسها عبد الوهاب بلفقيه أحد أقوى رموز حزب الاتحاد الاشتراكي في جهات الصحراء المغربية !!!
ببساطة إنهم يخافون الاتحاد الاشتراكي، والحركة الاتحادية، وحزب القوات الشعبية، ويرعبهم الثقل الشعبي لمنتخبيه، إنهم يعلمون أن صوت الاتحاد مسموع تاريخيا ودوليا وإلى يومنا هذا، إنه ضمير أمة وتراث إنساني، من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية بمنطق الوطنية الحقيقية التي كتبت بدماء الشهداء، ومعاناة النفي، وعذابات السجون والمعتقلات، إنه صوت يزعج ويفضح من يتوهم أن الوطنية لمن يدفع أكثر، إنه صوت يهدد مستقبل مصالح سراق الوطن، وأن تستمر الحركة الاتحادية من خلال أسماء قوية ونافذة، فإن هذا لن يترك لتجار الغنائم السياسية، وباعة القضايا الوطنية، مسافة أمان.
نقول لهم، لأولئك الذين فتحوا ملفات مناضلي الحركة الاتحادية: إن الانتخابات تحسم في صناديق الاقتراع، وليس في صناديق المحاكم .
وإن القضاة موظفون في وزارة العدل، وليسوا رؤساء مكاتب التصويت !
وستظل دروس الحركة الاتحادية التي تزعجهم جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرنا :
- إن الوحدة الترابية أمانة دماء الشهداء، وتاريخ شعب ووجود.
- إن الوحدة الترابية ليست صفقة انتخابية، أو ورقة للي ذراع الدولة، أو خدمة أيديولوجية أو مدفوعة الثمن لخارج ما .
يتبع :ملف الاتحادي حسن الدرهم…
الكاتب : محمد الوحداني - بتاريخ : 20/01/2021