يستعد الملياردير الأمريكي الشاب جاريد أيساكمان المولع بعالم الطيران واستكشاف الفضاء، لرحلة حول الأرض قبل نهاية العام الجاري ضمن مهمة فضائية يمو لها شخصيا مؤلفة حصرا من “السياح”، عبر صاروخ “فالكون 9” من “سبايس إكس”.
ويوضح أيساكمان لوكالة فرانس برس أن الرحلة التي أ طلقت عليها تسمية “إنسبيرايشن 4” ستكون الأولى المكو نة من “مدنيين” فحسب، من دون أي رائد فضاء محترف يدعمهم.
من أمام مقر شركة “سبايس إكس” في هاوثورني، إحدى ضواحي لوس أنجليس، يصف أيساكمان مشروعه بأنه “الخطوة الأولى نحو عالم يستطيع فيه الجميع السفر إلى النجوم”.
هذا الملياردير الذي أسس شركة “شيفت فور بيمنتس” المالية من قبو منزله وهو في السادسة عشرة، هو في الواقع طيار متمرس مؤهل لقيادة طائرة عسكرية، سبق أن حقق رقما قياسيا عالميا في القيام برحلة حول العالم بطائرة نفاثة (62 ساعة)، وأسس عام 2012 شركة دراكين الدولية التي توفر التدريب لطياري القوات الجوية الأمريكية.
ويتذكر أيساكمان أن شغفه بالفضاء والطيران بدأ منذ أن كان صغيرا . ويروي “عندما كنت في روضة الأطفال، كنت أتصفح كتابا عن مكوك الفضاء فقلت لمعلمتي إنني سأذهب إلى الفضاء يوما ما”.
إذا سارت الأمور وفق هو مخطط لها، فسيتمكن أيساكمان في الربع الأخير من عام 2021 من تحقيق حلم طفولته.
وشاء أيساكمان أن يشرك آخرين مجهولي الهوية في تحقيق هذا الحلم، إذ سيهديهم المقاعد الثلاثة بجانبه في كبسولة “دراغون” التي توصلت في نونبر الفائت إلى وضع أربعة رواد فضاء في المدار في طريقهم إلى محطة الفضاء الدولية.
ويقول الملياردير البالغ 37 عاما إن “الأمر الأكثر إثارة في هذه الرحلة قد يكون الافساح لاختيار أشخاص عاديين. البعض يتجولون اليوم ولا يدرون أنهم سيستعدون بعد 30 يوما لارتداء بزة الفضاء”.
ويوضح أن الفكرة تتمثل في تأليف طاقم “يعكس القيم الأساسية لهذه المهمة”. فالمقعد الأول الذي س مي مقعد “الأمل”، سيكون من نصيب امرأة نجت من السرطان عندما كانت صغيرة بعد تلقيها العلاج في مستشفى مؤسسة ساينت جود المتخصص في أمراض الأطفال.
وينظم أيساكمان في إطار مشروعه الفضائي حملة جمع تبرعات لهذه المؤسسة، وسي خص ص مقعد “السخاء” لأحد المتبرعين. وأعلن الملياردير أنه سيتبرع من جهته بمبلغ مئة مليون دولار لساينت جود، بالإضافة إلى المبلغ – السري – الذي سيدفعه لتمويل المهمة.
أما المقعد الثالث والأخير الذي يرمز إلى “الازدهار”، فسي خ ص ص لشخص يرغب في إطلاق مؤسسته ويستطيع أن يشرح كيفية مساهمتها “في تغيير العالم”.
ويشرح أيساكمان أن المسابقة مفتوحة لسكان الولايات المتحدة الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاما ، مطمئنا إلى أن المشاركة في الرحلة لا تتطلب مهارات بدنية أو فنية غير عادية.
ويستشهد الملياردير الشاب بقول رئيس شركة “سبايس إكس” إلون ماسك إن “من يستطيع خوض لعبة الجبل الروسي (أو الأفعوانية) التي تشهد الكثير من الاهتزاز، فسيكون قادرا على الطيران في كبسولة دراغون”.
ويضيف “قائد البعثة” الفضائية السياحية أن عملية اختيار الرواد في وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” شديدة الانتقائية، حتى ليصح القول “إن فرص إصابة المرء بصاعقة” أكبر من فرص اختياره من “ناسا”، لكنه يؤكد أن الحال ليست على هذا النحو في رحلته.
ومن المقرر أن تستمر المهمة أياما عدة، ولن يكتفي سياح الفضاء بالاستمتاع بالمشهد خلال الدوران حول الأرض في مدار منخفض كل 90 دقيقة، إذ يوضح أيساكمان قائلا “نعتزم قضاء الكثير من الوقت في العمل على تجارب” لحساب ساينت جود ومنظمات أخرى.
وفي نهاية المهمة، ستدخل الكبسولة الغلاف الجوي تمهيدا لهبوطها في البحر قبالة سواحل فلوريدا.
لا يستبعد جاريد أيساكمان إيفاد سياح آخرين إلى الفضاء إذ يقول “إذا نجحت، فسيغتنم عدد لا ي صدق من الأشخاص الفرصة للطيران (إلى الفضاء) واستكشاف النجوم!”.
التلسكوب “كيوبس” يكتشف “الرقصة الكونية”
و كشف التلسكوب الفضائي الأوروبي “كيوبس” أن خمسة من الكواكب الخارجية البعيدة من المجموعة الشمسية، تتحرك بطريقة منتظمة ومتناسقة كما لو أنها تؤدي رقصة، وهي ظاهرة لم يسبق أن ر صدت لدى النجوم التي يدعو تنوعها إلى مراجعة النظريات المتعلقة بتكوينها، وفقا لدراسة حديثة.
فهذه الكواكب التي سميت خارجية نظرا إلى وجودها خارج المنظومة الشمسية، تدور على المستوى نفسه حول نجمها “تي أو آي-178” بانتظام وقتي شديد الدقة، على بعد نحو 200 سنة ضوئية من الأرض.
وتتبع هذه الكواكب حركة “سلسلة الرنين” التي اكتشفها عالم الفلك لابلاس في نهاية القرن الثامن عشر مع ثلاثة من أقمار المشتري. وتبي ن للابلاس أن الوقت الذي تستلزمه دورة واحدة لكوكب غانيميد، وهو الأبعد، ينف ذ فيه الكوكب الأقرب يوروبا دورتين، في حين أن كوكب آيو، الأكثر قربا من المشتري، ينفذ أربعا .
وتنطبق الحركة الميكانيكية نفسها على “تي أو آي-178”. فدورة الكوكب الأول من السلسلة حول النجم تستغرق نحو ثلاثة أيام، في حين أن الكواكب التالية، وكل منها أبعد من سابقتها، تحتاج تباعا إلى ستة أيام ثم عشر فخمسة عشر وأخيرا عشرين، ويتناسق اصطفاف بعضها بانتظام. ويعب ر فيلم تحريكي عن الظاهرة، ترافق فيه الموسيقى حركة هذه الكواكب. وثمة كوكب خارجي سادس، وهو الأقرب إلى النجم، يدور بسرعة كبيرة جدا غير متناسقة مع الكواكب التالية.
وقال المعد الرئيسي للدراسة التي نشرت هذا الأسبوع في مجلة “أسترونومي أند أستروفيزيكس” عالم الفلك في مرصد جامعة جنيف أدريان ليليو “لا نعرف سوى خمسة منظومات أخرى تعمل وفق هذه الآلية” التي تتناسق فيها مجموعة من الكواكب الخارجية في تناغم مداري حول نجمها.
أما عالم الفيزياء الفلكية في جامعة برن يانيك أليبير الذي شارك في إعداد الدراسة، فأبرز أن أهمية حركة هذه الكواكب تكمن في كونها لا تزال على الأرجح من دون تغيير منذ أن تشك لت، كما لو أنها “منظومة مجم دة منذ انتهاء مرحلة تكوينها التي تستمر ملايين السنين”، إذ لم يطرأ ما يخل بهذا التوازن “الهش إلى حد ما” خلال أكثر من ملياري سنة تلت هذه المرحلة وصولا إلى اليوم.
عند هذه النقطة تتعقد الأمور. ففي العادة، تقل كثافة الكواكب كلما بع دت المسافة عن النجم. إلا أن كثافة الكوكب الثالث في السلسلة، على وجه الخصوص، أعلى بكثير من كثافة الثاني. ولاحظ ليليو أن”ثمة تنوعا كبيرا ، وهو أمر مفاجئ”.
وأضاف “من جهة، لدينا انطباع بوجود شيء لم يتحرك مدى مليارات السنين، ففترات دوران الكواكب موقتة بفارق دقائق معدودة، وهي منظ مة، ومن ناحية أخرى لدينا هذه الاختلافات في الكثافة” التي تخالف النظريات المتعارف عليها في شأن تكوين منظومات الكواكب.
ومن المفترض أن تتواصل المراقبة بواسطة التلسكوب “كيوبس” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، والذي و ض ع في مدار الأرض منذ دجنبر 2019 بهدف تحديد مواصفات أولى للكواكب من خارج المجموعة الشمسية، في انتظار استخدام خ ل فه المستقبلي التلسكوب “هابل” الذي سيطلق خلال السنة الجارية، ويملكه جيمس ويب.
وقالت المشاركة في الدراسة المسؤولة العلمية ضمن فريق “كيوبس” البروفسورة كيت أيزك لوكالة فرانس برس إن لمنظومة “تي أو آي-178” ميزة تتمثل “في كون هذا النجم ساطعا ما يكفي وفي كون بعض كواكبه كبيرة ما يكفي لدرس الغلاف الجوي بدقة من الأرض والفضاء”.ويسعى فريق “كيوبس” إلى فهم أفضل لتكوين منظومات الكواكب، وإلى الكشف ربما عن الكواكب الخارجية التي تقع على مسافة أكبر من “تي أو إي-178”.
وقال البروفسور ليليو “نريد أن نعرف ما إذا كانت هناك كواكب أبعد (…) من الكوكب الخارجي السادس “. وفي انتظار ذلك، يسعى وزملاؤه إلى استكشاف هذه المنظومة التي وصفها علماء الفلك بـ “الحجر الرشيد” ، كونها توفر إجابات عدة عن تكوين الكواكب، لكنها تثير في الوقت ذاته القدر نفسه من الأسئلة.