رغم الفواجع التي تحل من حين لآخر فإننا نخطو خطوات إلى الأمام

حيمري البشير *

المغرب بدون غاز ولا بترول ولا موارد طاقية استطاع، إلى حد ما، أن يحقق تقدما وإقلاعا بالمقارنة مع دول الجوار، ونسجل بالملموس ما تم إنجازه خلال السنوات الأخيرة، في مجال صناعة السيارات، وقطع غيار الطائرات، وتم تحقيق تقدم كذلك في مجال صناعة الأجهزة الطبية التي كان المغرب يستوردها من الخارج، واستطعنا في ظرف وجيز في زمن كورونا تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال أجهزة التنفس الاصطناعي في وقت قياسي، وفي ظرف وجيز بفضل الأطر والكفاءات المغربية، ويعتبر الوصول إلى أجهزة التنفس الاصطناعي والأسرة الإلكترونية المتطورة التي تضاهي المنتوج العالمي في زمن صعب كانت تمر به بلادنا  إنجازا كبيرا في نظر العديد من المتتبعين، بل إن ضمان الثقة في العقول والكفاءات المغربية مكسب مهم لأي إقلاع صناعي في المستقبل .
بلدنا بفضل هذه السياسة في الطريق الصحيح، في نظر العديد من المتتبعين، وقادر أن يصل إلى اختراعات في مجالات أخرى جد مبهرة خصوصا في مجال صناعة السيارات. وتطور البلد لا ينحصر في مجال التصنيع فقط بل في التوفر على بنيات عديدة في مجال الطرق السيارة والموانئ والمطارات.
كل ماذكرت غير كاف لإقلاع حقيقي من دون إعادة هيكلة قطاعات أساسية في البلاد، ألا وهي الصحة والتعليم.بالإضافة لماذكرت، فتحرير القطاع السمعي البصري وتوسيع مجال الحريات، من أسس تطور المجتمعات، وبالتالي فالمغرب بذل مجهودا في هذا المجال لكن مازالت ترتكب، من حين لآخر، تجاوزات  تجر على البلاد انتقادات من طرف منظمات دولية، نحن بحاجة لشفافية في تدبير قطاعات مهمة، وبحاجة لمحاربة الفساد بجميع أنواعه، وبحاجة إلى دمقرطة حقيقية والقطع مع كل الممارسات التي تجعل المواطن المغربي يفقد الثقة في الدولة بسبب سوء تدبير بعض القطاعات المهمة في غياب الشفافية كما قلت، وإعادة النظر في تدبير قطاع الصحة والتعليم يجب أن يحظى بالأولويات في الوقت الراهن والمستقبل،بالإضافة إلى ربطه بالمحيط الاقتصادي، وكذا تطوير البحث والابتكار والرفع من القدرات التكنولوجية. وأعتقد أن بلادنا سائرة بخطى ملموسة للنهوض بالصناعة الوطنية، وتمكينها من المساهمة في الناتج الداخلي الخام وتحسين جاذبية المغرب في مجال الاستثمارات، الداخلية والخارجية.
مخطط التسريع الصناعي (2014 – 2020)، ساعد على تحقيق تقدم كبير في مجال توفير فرص الشغل من خلال تأسيس 54 منظومة صناعية بشراكة مع 32 جمعية وجامعة مهنية، في مختلف القطاعات كصناعة السيارات، والنسيج، والطيران، ومواد البناء، والصناعات الميكانيكية والتعدينية، والصناعات الكيماوية، وقطاع ترحيل الخدمات، وصناعة الأدوية، والصناعات الغذائية، والفوسفات. ويجب الإشارة إلى أن قطاع صناعة السيارات لوحده مكن من إحداث نحو 117 ألف منصب شغل مباشر (وظيفة) إضافية بين 2014 و2018، متجاوزاً بذلك الهدف المحدد لسنة 2020 (90 ألف منصب)، إلى جانب رفع الطاقة الإنتاجية الصناعية للسيارات التي وصلت 700 ألف سيارة سنوياً.
وبخصوص قطاع الطيران، تم إحداث 17.5 ألف منصب شغل سنة 2019، وجذب 142 استثماراً، إضافة إلى التوقيع على 10 اتفاقيات استثمار السنة الجارية في إطار تتبع منظومة «بوينغ»، واتفاقيتين في طور التوقيع، هذا إلى جانب ما تحقق في قطاعات صناعية أخرى، سواء الطاقات المتجددة أو الفوسفات أو الصناعات الغذائية أو الكيماوية وغيرها.لابد من الإشارة كذلك إلى أن المغرب أصبح رائدا في الاعتماد في سياسته على الطاقات المتجددة بل أصبح من بين الدول الرائدة في إنتاج الطاقة الخضراء .
إن المغرب اتجه منذ سنوات إلى إنتاج الطاقة الخضراء وهي رؤية ملكية “أكثر من صائبة”، فبلادنا  تواصل تدعيم مصادر الطاقة المتجددة، حيث أصبحنا نتحدث عن تحقيق 40 في المئة في معدل إنتاج الطاقة الخضراء في غضون 2020، وهو ما يجعلنا في مصاف عدد قليل من الدول التي بلغت هذه النسبة     «*   نور وارزازات I”: مبلغ الاستثمار 7000 مليون درهم
* “نور وارزازات II”: مبلغ الاستثمار 9218 مليون درهم
* “نور وارزازات III”: مبلغ الاستثمار 7180 مليون درهم
* “نور وارزازات VI”: مبلغ الاستثمار 7500 مليون درهم
إن الطاقات المتجددة أصبحت البديل الحقيقي للطاقات الأحفورية وهو ما يفرض البحث عن مصادر جديدة للطاقة وتحويلها، وأعتقد أن العديد من الدول تسعى لتطوير مصادر إنتاج الطاقة البديلة كالدنمارك الذي قرر بناء جزيرة تعتمد على توربينات لتوليد الطاقة وتصل قيمة المشروع الذي سيتم إنجازه في بحر الشمال قرب جزيرة بورهولم إلى حوالي 210مليار كرونة دنماركية أي مايعادل  80مليار دولار ، وستنتهي الأشغال في سنة 2030 وسيمكن المشروع من توفير الطاقة الخضراء لحوالي ثلاثة ملايين أسرة، وبلادنا كذلك أصبحت تنافس العديد من الدول في العالم  في إنتاج الطاقة الخضراء عن طريق الألواح الشمسية، وسياسة بلادنا منذ سنوات انخرطت في محاربة انبعاث غاز ثاني أوكسيد  الكاربون والرؤية المغربية في التنمية أصبحت تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة لأن “تحقيق تنمية حقيقية في بلادنا، رهين بتضمين النهوض بالقطاع الطاقي في الاستراتيجيات التنموية».
ولا بد من الإشارة، على ضوء كل ماذكرته، إلى أن المغرب يشهد بفضل الاستقرار ومناخ الأعمال الملائمين اللذين ينعم بهما، قفزة نوعية حيث حصل تحسن كبير في  إطاره الماكرو اقتصادي بفضل سياسة ربط الإصلاحات بالحداثة للتموقع ليس كمنافس ولكن كشريك قوي في العديد من بلدان القارة الإفريقية
. إن بلادنا تعد بوابة للقارة، وكما قال المرحوم الحسن الثاني» المغرب جذوره في إفريقيا وأغصانه في أوروبا»، وبلادنا استطاعت في ظرف وجيز العودة لعمقها الإفريقي واستثمرت في مختلف المجالات وأصبحت تعتبر نموذجا لدول جنوب الصحراء، إن الزيارات الملكية المتعددة للقارة الإفريقية تبرز مرة أخرى، قدرة المغرب على دعم مسيرة هذه البلدان نحو تحقيق التنمية، وتمتين العلاقة  بالشعوب الإفريقية روحيا واقتصاديا من الأولويات بالنسبة للسياسة الملكية  وماسردته ليس إلا تحصيل حاصل وردا على أبواق الجارة الشرقية من إعلاميين وسياسيين الذين يدعون بأن الجزائر  هي التي تقود القارة الإفريقية إلى جانب جنوب إفريقيا ويهددون بتكبيد المغرب خسائر اقتصادية كبيرة عن طريق وقف تصدير الغاز ومنتوجات فلاحية، وهم يعلمون حق المعرفة أن المغرب بفضل إنتاجه الفلاحي وبفضل المخطط الأخضر كسب مصداقية لدى الاتحاد الأوروبي مما جعله يوقع شراكة متقدمة معه ودفع بالولايات المتحدة توقيع منطقة التبادل الحر، كما دفع الصين إلى جعله محطة للتغلل للسوق الإفريقية وشجعها على خلق استثمارات كبرى ونفس الشيء بالنسبة لليابان.
والقادم أفضل وفي الأفق بعد خروج بريطانيا من الاتحاد هنا مجلات أوسع للتعاون معها .
ولنا عودة لمواصلة الحديث عن الخطوات الكبيرة التي خطتها بلادنا

* كوبنهاكن الدنمارك

الكاتب : حيمري البشير * - بتاريخ : 15/02/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *