نعتمد هندسة تربوية و تكوينية لضمان تكوين شامل للطلاب وإدماج ناجح لهم في سوق الشغل
p يعتبر المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان الذي تأسس سنة 1945 كأول معهد متخصص في تدريس الفنون التشكيلية بمختلف تلويناتها .حدثنا أكثر عن هذه المعلمة الثقافية ودورها في تطوير هذا الفن؟.
n بعد 75 سنة من الوجود ونحو انطلاقة جديدة، عرف ظهور وتطور تدريس الفنون الجميلة بتطوان مراحل متعددة، في البداية أنشئت هذه المؤسسة المرجع في التكوين المتخصص في الفنون الجميلة تحت اسم “المدرسة الإعدادية للفنون الجميلة” في تطوان عام 1945 على يد الفنان مريانو برتوتشي، لتتحول بعد الاستقلال إلى المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، حيث تمت مغربتها في عام 1957. افتتح المغفور له الملك محمد الخامس “المدرسة الوطنية للفنون الجميلة” التي كان يديرها في ذلك الوقت رائد من رواد الفنون الجميلة آنذاك، الفنان محمد السرغيني وحظيت بهيئة تدريس وفنانين مرموقين مثل المغارة، والفخار، وبن سفاج …في عام 1993، سترتقي المدرسة إلى مرتبة مؤسسة التعليم العالي بمرسوم وزاري لتصبح المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان. لتتطور مهامها التكوينية والتربوية بالعمل على إعداد شباب مبدع منفتح على الفنون المعاصرة والتعبيرات الجديدة للفنون البصرية على الصعيدين الوطني والعالمي. ويتميز المعهد إلى يومنا هذا بكونه المؤسسة الحكومية الوحيدة المتخصصة في الفنون البصرية المعترف بها في قطاع التعليم العالي على المستوى الوطني.
واصل المعهد توسيع عروضه التكوينية بالتركيز أساسا على التجديد والابتكار مقترحا تكوينات تتماشى مع متطلبات العصر. في هذا الصدد تم إنشاء شعبة التصميم عام 1993 وشعبة الأشرطة المرسومة عام 2000.
واليوم، بعد 75 عاما، وبانطلاقة جديدة، يعمل المعهد، بالإضافة إلى رسالته التربوية والفنية الساميتين، على تطوير تطوير شعبة الأشرطة المرسومة إلى شعبة الفنون السردية المرئية التي تضم كل من الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو والقصص المصورة. كما نعمل على تطوير شعبة التصميم بالأخذ بعين الاعتبار التطورات التي يعرفها هذا المجال باقتراح تكوينات تأخذ بعين الاعتبار متطلبات المجتمع والمجال.
ولدعم هذه التكوينات وضمان إشعاع كبير للمعهد وطنيا ودوليا، فهو يقترح كل سنة أنشطة ولقاءات ومهرجانات متعددة في مجال الفنون البصرية، فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر:
المنتدى الدولي للأشرطة المرسومةFIBAD، وتظاهرة تطوان تصميم TDE ، وملتقى أكاديميات الفنون الجميلة في البحر الأبيض المتوسط REBAM، … وكما نشارك في الأحداث الثقافية والفنية، على الصعيدين الوطني والخارجي.
p يعرف المعهد حاليا إقبالا متزايدا للطلبة. هل بنية التكوين والاستقبال التي يتوفر عليهما المعهد قادرة على استيعاب كل هذه الطلبات؟
n طبعا هناك آفاق جديدة للمعهد والطلبة وخريجي المعهد. فقد عملنا على تطوير وتوقيع شراكات استراتيجية مع مؤسسات حكومية وغير حكومية ومؤسسات المجتمع المدني الوطنية والدولية لتعزيز التبادلات التربوية والثقافية والفنية. نذكر من بينها مؤسسة طنجة المتوسط ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية وجماعة تطوان وأكاديميات ومعاهد الفنون الجميلة بكل من فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا، كما نعمل كذلك مع مؤسسات المجتمع المدني في إطار انفتاح الطلبة والخريجين على محيطهم السوسيو ثقافي والمهني.كما يقترح المعهد تداريب متخصصة للأطفال ومبدعين لشباب ومهتمين في مختلف مجالات الفنون المرئية (الرسم والنحت والتصميم والأشرطة المرسومة والرسوم المتحركة …. وما إلى ذلك) من أجل تحفيز وإبراز مواهب جديدة، ضمن مجموعة واسعة من التخصصات في عالم الفن البصري.
يسهر على التكوين في المعهد فريق متعدد التخصصات من الأساتذة الباحثين والفنانين والمهنيين ذوي الخبرة العالية في مجال التدريس والدعم النظري والفني والتقني للطلاب. كما يتوفر المعهد ، كمؤسسة للتعليم العالي، على هياكل إضافية مثل مركز تطوان للفن الحديث ورواق المكي مغارة، تعزز مهامه بمهام البحث العلمي والمحافظة الوقائية والتكوين المستمر، والإشعاع والتواصل.
يقوم المشروع التربوي على نهج التنمية الثقافية والفنية، وتعزيز وتشجيع البحث والتجريب والإبداع والابتكار لدى طالبات وطلبة المعهد. حيث يتم دمج الدورات التكوينية النظرية والعمل الإبداعي والمحترفات الفنية من خلال تكوينات داخل وخارج مؤسسة المعهد، وعبر رحلات ميدانية استطلاعية وبإعداد مشاريع مشتركة مع الشركاء ومشاريع التخرج. تم تصميم هذه الهندسة التربوية والتكوينية لضمان تكوين شامل للطلاب وإدماج ناجح لهم في سوق الشغل ومجال الفنون البصرية.
التكوين الذي يقترحه المعهد يتيح شهادة جامعية معترفا بها من قبل الدولة، ويفتح المجال في وجه خريجي المعهد للولوج إلى الوظيفية العمومية أو استكمال دراساتهم العليا على مستوى الماستر والدكتوراه، وكذلك ولوج سوق الشغل في مجالات المتعددة مرتبطة بتكويناتهم الدقيقة.
p يقترح المعهد ثلاث شعب متخصصة في الفنون البصرية، هل بودنا أن نعرف أكثر عن هذه الشعب؟
1 هناك شعبة الفنون التشكيلية: تقترح تكوينا متعددا في قطاع الفنون التشكيلية لفتح آفاق جديدة للفنانين التشكيليين الشباب من أجل تطوير مشروعهم الشخصي، خلال الأربع سنوات من التكوين بالمعهد. تُعطى أهمية كبيرة، للتكوين بالمعهد، للبحث التشكيلي والجمالي، من خلال تقنيات الرسم والنحت والصباغة والنقش والتصوير الفوتوغرافي وفن الفيديو والعروض والتركيبات والأحجام؛ كلها وسائل تعبير في خدمة الطلاب لتقوية قدراته وتطوير إبداعه وإثراء معارفه النظرية والتقنية. كما نعمل بالمعهد على تطوير حرية الإبداع عند الطالب وإضفاء الطابع الشخصي لمسارة الفني.
2 شعبة التصميم: تقترح على الطلاب تعليمًا مفتوحًا في جميع الفنون الغرافيكية ومجالات الهندسة المعمارية والهندسة الداخلية والديكور وتصميم الأشياء والأثاث. تهدف إلى تكوين المبدعين المصممين القادرين على الاندماج في عالم الاتصالات الرقمية والديكور والتصميم الداخلي وتصميم الفضاءات والأثاث والأشياء، من خلال دعم التكوين المعرفي للأدوات والمواد والتقنيات المرتبطة بهذه الحرف الإبداعية الجديدة.
3. شعبة الفنون السردية المرئية: يهدف هذا التكوين المتخصص والمتفرد إلى تزويد الطالب بالاستقلالية الإبداعية في مجال سرد القصص في رسومات أو على شكل رسوم متحركة، باستعمال تقنيات التأطير والقص والرسم واللون والسينوغرافيا، من أجل إنتاج صور سردية تتماشى مع مقترحاته الفنية الخاصة وخياراته الإبداعية الشخصية.
إلى جانب المهن الفنية، يتيح دبلوم المعهد الولوج إلى مختلف المجالات المهنية: التدريس، والوساطة، والديكور، وتصميم الأشياء والأثاث، ومخال الإشهار والنشر والصحافة، والطباعة، …، بالإضافة إلى جميع المهن الجديدة المرتبطة بالإبداع الرقمي. كما يمنح دبلوم المعهد إمكانية متابعة الدراسات العليا في أكاديميات الفنون الجميلة والجامعات المتخصصة حول العالم. ودبلوم المعهد يخول أيضًا ممارسة مهنة الفنان بمختلف الأوضاع: كمستقل أو كأجير في مجالات الصحافة والاتصالات ومكاتب التصميم والهندسة وكالات الديكور، إلخ.
p كيف تعامل المعهد مع تداعيات الجائحة على مستوى التدريس والتحصيل؟
n بعد اجتياز السنة الجامعية 2019-2020 بدون مشاكل والتغلب غلى جميع الصعوبات، حيث تمكننا من تحصيل النتائج لكل المستويات، واستطاع طلبة السنة الرابعة تقديم مشاريع تخرجهم حضوريا مع احترام كل الشروط الوقائية والاحترازية التي تفرضها الجائحة.
أما بالنسبة لمباراة ولوج المعهد هذه السنة، فقد تجند الجميع بالمعهد؛ أساتذة وإدارة وأعوانا وبدعم كبير من عمالة إقليم تطوان وولاية أمن تطوان والمندوبية الإقليمية للتعاون الوطني الذين سهلوا مهمة استقبال الطلبة في أحسن الظروف حيث تمكنوا من اجتياز المباراة في أحسن الظروف وتم التحاق طلبة السنة الأولى الجدد وباقي طلبة المستويات الأخرى، في منتصف شهر يناير.
وخلال الفصل الأول من الموسم الجامعي الحالي اخترنا طريقة التكوين حضوريا مع احترام كل المقتضيات والشروط التي تفرضها الجائحة، بحكم عدد الطلبة الإجمالي الذي لا يتجاوز 165 طالبا موزعة على أربع مستويات.
فبالنسبة للدروس النظرية حصرنا نسبة استيعاب الأقسام في 30 % لنضمن التباعد بين الطلبة
أما بالنسبة للمحترفات الفنية، فتم حصر عدد الطلبة في خمسة بالنسبة للمحترفات الصغيرة والمتوسطة وفي 10 طلبة بالنسبة للمحترفات الكبيرة (التي تستوعب عادة تقريبا 30 طالبا). والحمد لله مر كل شيء في ظروف حسنة وتمت الامتحانات والمعارض التربوية في ظروف مقبولة جدا وأنهينا الأسدس الأول بدون مشاكل كبرى.ويمكن القول إننا ربحنا رهان الأسدس الأول ونتمنى أن تكون نفس النتائج بالنسبة للأسدس الثاني لهذا الموسم الجامعي في انتظار ان نتغلب جميعا على هذه الجائحة ونعود إلى حياتنا الطبيعية كما كنا من قبل.
الترتيبات المتخذة للتكيف مع السيناريوهات المحتملة المختلفة لضمان نجاح هذا الموسم الأكاديمي والحفاظ على السلامة الصحية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين الإداريين، مرجعنا الأساسي فيها هو البروتوكول الصحي الذي ينهجه قطاع التعليم العالي والدليل الذي أنتجه وزارة الثقافة.
في حالة الاضطرار مرة أخرى إلى الحجر الصحي، لدينا بالمعهد سيناريو للتدريس عن بعد من خلال تجربة السنة الفارطة التي كانت ناجحة. فقد اتخذنا جميع التدابير لتوفير التكوين عن بعد. فقد أتاحت وزارة التعليم العالي منصات تعليمية كاملة تضمن التواصل مع الطالبات والطلبة بمنهج تفاعلي محكم، يمكن من ضبط التكوين وإجراء الاختبارات الشفوية والكتابية والتطبيقية وإعداد التقارير عن بعد، في الوقت المطلوب.
ولحسن الحظ، فإن غالبية مدرسينا يتقنون هذه التكنولوجيا الشيء الذي يسهل علينا كثيرًا تلبية احتياجات التعلم عن بعد. في ما يتعلق بالوسائل المادية، فنحن لدينا قدرات التواصل بالأنترنيت عبر ثلاثة خطوط للإنترنت، واحدة منهم بالألياف البصرية ونتوفر على ترسانة تقنية كافية لمواجهة هذا الاحتمال الذي آمل ألا يُفرض علينا إن شاء الله بالتزام ومسؤولية الجميع.
p ماهي استراتيجيات التعلم والنموذج التربوي الذي اعتمده المعهد لهذا الموسم الجامعي؟
n اعتمد المعهد استراتيجية التعليم الحضوري واقترح كذلك بعض الدروس التكميلية عن بعد. هذه هي الخيارات التي تم اتخاذها بعد مناقشتها وتقييمها من قبل الطاقم التربوي للمعهد بمعية متخصصين معتمدين من قبل وزارة الثقافة لدينا ووزارة التعليم العالي. يمكن تلخيصها في كلمة واحدة هي اكتساب مهارات عالية من خلال نقل المعرفة والدراية مع استقلالية نسبية للمتعلم. نحن نساهم في تكوين فنانين ومصممين ورسامين للمستقبل. والمغرب في حاجة إلى ذلك أكثر من أي وقت مضى.
كانت مساهمة منصات التكوين عن بعد (التعلم الإلكتروني) مثل Classroom، بالإضافة إلى الدعم بتقنية Wathsap والبريد الإلكتروني، أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لنا من أجل النجاح في التحدي المتمثل في إكمال العام الدراسي السابق. نأمل أن تكون أسهل وأكثر كفاءة هذا العام بفضل منصة التعليم العالي والبحث العلمي. لذلك فإن نموذجنا التعليمي هو نموذج استراتيجي شامل ومتنوع يحفز الإبداع والابتكار حتى يتمكن الطالب من تحقيق هذا الاستقلالية التي أتحدث عنها وبالتالي مواصلة تكوينهم بعد مسيرتهم الأكاديمية بالمعهد.
لم تأت ثمار هذه التجربة بسهولة ولا بنفس مستوى النجاح في جميع مستويات التعليم. أستطيع أن أقول إن التعليم عن بعد، على الرغم من عيوبه العديدة، لديه بعض النقاط الإيجابية التي يجب أن نستفيد منها في المستقبل في التعليم العادي، بعد رحيل كوفيد. كان لهذا النوع من التعليم، على الأقل، ميزة تعزيز استقلالية المتعلمين من جميع الأعمار وجميع المستويات. لقد حققنا قفزة كبيرة إلى الأمام في تطوير مساحات التدريس ومعداتها بمواد التدريس الإلكترونية.
وتأتى هذا بفضل انتشار خطوط الاتصال بالإنترنت الذي أعطى دفعة غير مسبوقة لتداول المعلومات والخدمات التي تطورت بشكل أكبر. يمكن أن تسير وتيرة التدريس أيضًا بسرعات مختلفة وتشمل التعليم المستمر الذي كان مكلفًا وأحيانًا مستحيلًا بالنسبة للبعض بينما اليوم مع هذه التجربة، تمكن الجميع من تحسين وتطوير معارفهم وتكوينهم.
كل ما يحتاجه الطلبة في السيناريو التعليمي عن بعد هو التوفر على خط أنترنيت WI-FI وجهاز كمبي تر محمول أو جهاز لوحي أو هاتف ذكي. مع العلم أن طلابنا بمجرد دخولهم المعهد، فهم مدعوون للتعرف على جميع أدوات وبرامج الكمبيوتر، التي تعد أدوات تعليمية أساسية لتكوينهم. وفي هذا السياق، يمكن القول إن جميع الطلاب يمتلكون أجهزة الكمبيوتر المحمولة الشخصية الخاصة بهم ولديهم جميعًا المرونة في استخدام ترسانة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بـالمعهد، والتي تعد كافية لجميع احتياجاتهم.