التداعيات الأخلاقية للتفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر

سري القدوة

التفجير النووي لفرنسا بصحراء الجزائر في الستينيات، ومع تجدد هذه الذكرى، يعود هذا الملف الشائك إلى الواجهة الإعلامية لما يحمله من خطورة بالغة على المستقبل، والتي ما زالت تداعياته جراء الإشعاعات النووية التي تركت آثارا واضحة حتى الآن امتدت عبر الأجيال والتي يعاني منها أبناء الشعب الجزائري خاصة سكان تلك المناطق، وأن هذا التفجير كان يعادل من 3 إلى 4 أضعاف قنبلة هيروشيما في اليابان، ولا تزال له تداعيات كارثية .
وفي ذكرى أول تفجير نووي فرنسي بصحراء الجزائر في 13 فبراير 1960، وفي عملية الجربوع الأزرق كان بقوة 70 كيلوطن، مما تسبب بتداعيات إشعاعية كارثية لا تزال أضرارها على البيئة والسكان قائمة إلى اليوم، وكانت السلطات الاستعمارية قد أجرت سلسلة من التجارب النووية بالصحراء الجزائرية بلغ عددها 17 في الفترة ما بين 1960-1966 وفق مؤرخين، وهذا ما تم الكشف عنه عبر وسائل الإعلام والاعتراف به رسميا، حيث تبقى خفايا هذا الملف في غاية الخطورة، ولم يتم الكشف عن تفاصيل خطيرة بعدُ، وما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن .
وظل ملف التجارب النووية الفرنسية موضوع مطالب جزائرية رسمية وأهلية، من أجل الكشف عن أماكن المخلفات النووية، وأيضاً لتعويض الضحايا ومن تعرضوا لعاهات مستدامة، وما زالت السلطات الفرنسية ترفض التعامل مع هذه المطالب، ودام الاستعمار الفرنسي للجزائر بين عامي 1830 و1962، حيث شهدت هذه الفترة جرائم قتل بحق نحو خمسة ملايين شخص إلى جانب حملات تهجير ونهب الثروات‎.
وبالرغم من ذلك، اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بانتهاكات مرتكبة خلال حقبة استعمار الجزائر، لكنه لم يقدّم اعتذاراً حتى الآن عما فعلته بلاده خلال 132 عاماً من الحكم الفرنسي وقد تفاعلت الأحداث ضمن ملف الذاكرة، حيث أفرجت السلطات الفرنسية عن جماجم الشهداء ليعودوا أحرارا بعد كل هذه السنوات .
بالرغم من مضي 61 عاما على التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر، وتواصل تلك المآسي، وباريس ترفض التعاون في هذا المجال مع الحكومة الجزائرية، والكشف عن خارطة مواقع دفن النفايات النووية، أو المساهمة في تنظيف الأماكن التي دفنت بها، وإن الجزائر ما زالت تعاني من مخلفات التفجيرات الذرية الفرنسية خلال الحقبة الاستعمارية ،خاصة في مناطق الصحراء الجزائرية، حيث كانت الجزائر من بين الدول الأولى التي وقعت على معاهدة حظر هذا النوع من الأسلحة.
الجزائر، لا تعرف إلى اليوم مواقع دفن الجيش الفرنسي للنفايات النووية في الصحراء الجزائرية خلال إجرائه في بداية ستينيات القرن الماضي التجارب النووية الـ17 في منطقتي رقان وعين أمقل، والتي سمحت له بإنتاج القنبلة النووية، وتوجد شهادات تتحدث عن استخدام جزائريين في منطقة رقان كفئران تجارب تم تثبيتهم في منطقة التفجير النووي لدراسة تأثيرها على أجسادهم .
خلال السنوات الماضية، ارتفعت أعداد المصابين من جراء هذه النفايات، وتشير الإحصائيات إلى أن ارتفاع أعداد المصابين بداء السرطان والتشوهات الخلقية للمواليد الجدد والعقم خلال السنوات الأخيرة، أمرٌ كان مقلقا للغاية، كما أطلق سكان هاته المناطق نداءات استغاثة لتدارك هذه الأضرار، غير أن وضع حد لهذه المعاناة يتوقف على الاطلاع على أماكن دفن القوات الاستعمارية الفرنسية لنفاياتها النووية بالمنطقة، وهو ما ترفض باريس الكشف عنه، ولا تبدي أية نية في تسليم الجزائر أرشيف تجاربها النووية في مستعمرتها القديمة .

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com

الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 18/02/2021