قدّم مهنيو الصحة من أطباء وممرضين وتقنيين، إناثا وذكورا، أمثلة كثيرة عن التضحية ونكران الذات خلال مواجهة الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19، أثناء قيامهم بواجبهم المهني، ليلا ونهارا، وعلى مدار الساعة، وهم يواجهون خطر العدوى، وهم بعيدون عن أسرهم وأحبابهم، دون كلل أو ملل. نماذج كثيرة تم تقاسم تفاصيلها أبرزت وجها مشرقا لجنديات وجنود الصحة، ومحت الكثير من الصور السلبية التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، والتي شكلت في مجموعها ملحمة إنسانية تستحق أكثر من وقفة للتأمل واستخلاص العبر والدروس للمستقبل.
انخراط، لم يقف عند حدود المهنيين المزاولين لمهامهم في القطاع العام، نموذجا، وإنما شمل حتى المتقاعدين الذين عادوا لارتداء البذلة وقرروا المساهمة من خلال ما راكموه من تجربة دون انتظار أي ثناء، كما هو الحال بالنسبة للدكتورة نادية بوصفيحة، التي قررت أن تشكل قيمة مضافة وأن تنخرط بروح وطنية عالية في إنجاح ورش الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كوفيد 19. تطوع أقدمت عليه الطبيبة التي تقاعدت في 2019، والتي لم يحل هذا التقاعد دون مواصلتها لمهام التحسيس والتوعية بخطورة الإدمان ومواجهة المخدرات، من خلال أنشطة مجموعة من الجمعيات كالنسيم والأزهر وصحتي، وتقديم يد المساعدة للمعنيين به من أجل الإقلاع عنه، حيث عادت من جديد لتساهم في عملية التلقيح وتتحمل المسؤولية في أكبر محطة للتلقيح بمندوبية الصحة بالحي الحسني بالدارالببضاء، التي تعرف توافدا كبيرا للمستفيدين باختلاف شرائحهم العمرية والمرضية، الذين تم استهدافهم خلال هذه المرحلة، والذين يواصلون الالتحاق بهذا المركز تباعا يوما عن يوم، سواء للحصول على الجرعة الأولى أو الثانية.
وجه يشرّف الصحة النسوية، بحسب زميلاتها وزملائها، الذين يعتبرون أن التضحية والبذل والعطاء هي من صفات مهنيي الصحة الواجب التحلي بها، والتي ظلت ملازمة لهم على مرّ السنين ومنذ القدم، وبأن هذا السلوك ستتواصل قيمه وستترسخ من خلال هذه النماذج المشرقة، خاصة وأن زميلتهم التي عملت بالمركز الصحي سيدي الخدير في بدايات مشوارها سنة 1987 وساهمت في الأيام الوطنية للتلقيح في 1988، وتقلدت بعد ذلك مجموعة من المهام في مستشفى مولاي يوسف والمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، ظلت مرتبطة وجدانيا بهذه الرقعة وعادت لتعرض خدماتها على ساكنتها من جديد، للمساهمة في تحقيق الأهداف المسطرة والمنشودة وعلى رأسها تحقيق المناعة الجماعية.