أشطرا.. زينكا، أسترا…لينا؟ 2/1
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
ما الذي وقع لنا، أشطرالينا؟
سيقال عنا، نحن الجيل البشري الذي فقد حاسة الشم وتعطلت لديه حاسة اللمس، ولم يعد يجد مساحات أوسع لتمرين البصر، وأن الذوق تقنن حتى صار متشابها…وأنه ربما سيعطي جيلا آخر ولدت حاسة الشم لديه …ميتة..
وحاسة اللمس ميكانيكية بلا حس إنساني!
حقيقة، ماذا جرى؟
منذ عام كنا نستعمل كل حواسنا…
الشم واللمس والسمع والبصر والذوق.
منذ عام فقط كنا نتعانق ونجتمع ونلتف حول الشاشات وحول الطاولات وحول بعضنا البعض..
وفجأة صرنا نشك في الحواس كلها:
نحاول أن نؤسس حاسة جديدة: الشم، بواسطة اليد أو السمع أو بطريقة الوصف الذي تراه العين..
صار الشم هو حاسة الحواس، كما لو أننا انتقلنا إلى ثقافة أخرى، أوإلى لغة أخرى…
صار الشم دليل تفاؤل وشهادة حياة..
اللمس، مشبوه، مقتصر فقط على الطاكتيل وعلى الأزرار التي لا بد من تعقيمها من بعد.
اليد أقل قيمة من كلافييه…
والمصافحة، عنوان تهور لا يليق بمن يعيش أزمة الإنسانية في القرن الواحد والعشرين…
نعوض بالعين، كل الحواس، بعض الأحيان، صارت المرحلة مرحلة بصرية بامتياز…
العين لحد الساعة لم يثبت تورطها في الجريمة…
كان الإنسان يبشر نفسه «ببشرية مزيدة ومنقحة«، فإذا به يجد نفسه وقد بتر حواسا كانت لدى البشر القدامى منذ عهد الطباشير والنار..
وضاعف الكوفيد من رقمنة العلاقات الإنسانية
والتعلم
والاشتباك عن بعد
عالم جديد في ظرف سنة: عالم غني بالمعلومات والأخبار والتواصل، لكنه فقير من حيث.. الإنسان!
أشطرا لينا، حتى صارت استرا زينكا هي المفردة الأكثر رواجا لدى الإنسان، وصار فن مثل الفن المسرحي بلا وجود..
وغابت عشرون قرنا من أب الفنون وعقود من المهرجانات ومن الجوار الدافئ بين الناس والكائنات…
ماذا جرى، منذ سنة كنا ندخل السينما ونعانق الفنانين أصدقاءنا ونتحدث إلى الشوبي ونسأل عن دعابته الأخيرة مع محمد خيي؟
ماذا جرى، منذ عام فقط، كنا كاملي العواطف، نضرب مواعيد في المطاعم ونتحلق حول الأذواق كجراحين، ونتباهى بالأطباق التي نمررها لبعضنا البعض؟
في سنة واحدة فقدنا ما راكمته البشرية في عشرين قرنا …ياه!
ياه! عام واحد فقدنا فيه الكثير من ذاكرات: الشم والذوق واللمس..
وبلا ملامح
وجوه لا بشرية تعتاد وجوها لا بشرية مثلها، وفي انتظار الحرية، نعيش من أجل الحياة…
ماذا جرى حتى صارت الأجناس البشرية بأسماء اللقاحات
جنس سينوفارم
وجنس سبوتنيك
جنس استرازينكا
وفصيلة جونسون اند جونسون..؟
يتبع
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 19/03/2021