عند البعض إذا كان العلم نورا فالجهل «أنوار»!؟
بقلم : مصطفى المتوكل الساحلي
قال تعالى: «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا…». سورة الأنعام.
الذين يختزلون مهمتهم في إفساد الأذواق والأفكار والأخلاق والمجتمع هم من شياطين الإنس.. يصبح ضررهم أقبح من ضرر إبليس الذي أبى واستكبر وأقسم أن «ليحتنكن» البشرية إلا قليلا، وخطرهم أكبر عندما يصل أشباههم إلى مناصب ومسؤوليات عامة.
إن جماعات «مبدأ» الجهل أنوار هم أنفسهم أصحاب سياسات التجهيل والتضبيع التي تحدث عنها عالم الاجتماع سي محمد كسوس ..فاستعلاء الخاصة منهم على العامة وبالتضييق عليهم مع شحن وتحريك بعض العوام المهيئين للانسياق والخدمة اللامشروطة يرفع منسوب إفساد الاذواق والأحلام ويعطل الإرادات والمبادرات المتفائلة ويشكك في أية تنمية…
يتسبب في تعميق الأزمة ويقرب من السكتة الفكرية السياسية التي ينتج عنها كسل وعجز وتعثر في العمل المدني ويحفز الدخول في سبات تأطيري نضالي ميداني …ومما يزيد الوضع تعقيدا تجليات عدة لمظاهر وأسباب الإحباط التي توصد عند البعض أبواب الأمل وتشرع أخرى مقننة للتمني مع تكريس التبعية العمياء والاستسلام والقبول بما هو كائن…
فمنهم من غلبهم طول أمد الترجي فلم يعودوا يستطيعون مراكمة المزيد من النضال والتنظيم وبناء الذات ليضيعوا طريقهم الحقيقية، وتفرقت بهم السبل شيعا يحبط بعضهم بعضا، فتركوا المجال لكل من هب ودب من عقليات «الجهل أنوار» الذين لا خير يأتي من خلفهم ولا من أمامهم، لهذا فالقوى الحية لايجب أن يغلب عليها سلوك الصم البكم العمي، الذين لايعقلون أن مهمتهم هي النصح والنقد البناء والقوة الاقتراحية والترافع العادل والناجع والنضال التدافعي من أجل مصلحة الوطن والشعب، لتجنب السقوط في المسايرة السلبية، التي تعتبر علميا وشرعيا وعقليا من أسباب التأزيم واضطراب ثقة المواطنين والمواطنات في السياسات وفي المؤسسات.
إن المخاطر تتعاظم عندما يكون المروج للضلال والجهل عارفا بما يقوم به فيجتمع عنده، إضافة لذلك، العمد والقصد والتمادي حتى يتحقق الإفساد التام، والأسوأ أن يكون الجاهل المتطفل على المسؤوليات العامة ومواقع التواصل يجهل أنه جاهل.
إن الإنسان هو الرأسمال الحقيقي الذي هو مفتاح كل شيء، من امتلاك المعرفة إلى بناء المؤسسات وقيادة النهضة الاقتصادية والاجتماعية والانتصار للاستقرار والتقدم والحداثة، وجعل الآمال متحققة بالقدر المعقول والناجع لضمان إرساء المقاصد الإنسانية والعقلية والروحية …
لقد أجمع كل الخيرين في الديانات السماوية والفلسفات والنظريات السياسية والاجتماعية والطروحات الثقافية على أن شياطين الإنس هم الذين لا يحبون الخير والإصلاح والعدالة الشاملة المحققة للحياة الكريمة، وهم الذين ينزعجون ويحاربون كل ما هو جميل وكل ما يضمن سعادة المواطنين والمواطنات ..
قال الإمام علي (ض): (حين سكت أهل الحق عن الباطل، توهم أهل الباطل أنهم على حق).
الكاتب : بقلم : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 19/03/2021