عبد الرحيم العطري يعبر إلى جوارات الحج السوسيوسياسية والاقتصادية
عن منشورات باب الحكمة، صدر حديثا للكاتب المغربي عبد الرحيم العطري كتاب عن «أنثروبولوجيا الحج الإسلامي.. من التجربة الدينية إلى النقد المنفتح».
الكتاب دراسة جديدة في بابها، على غرار العمل الرائد للأنثروبولوجي المغربي عبد الله حمودي. بينما وسع عبد الرحيم العطري من دائرة التأمل في التجربة الدينية، بجعلها مشرعة على «نقد منفتح» بتوصيف الكاتب. وهذه الدراسة قول في الحج وعمل أيضا، كونها صدرت بعد تجربة حجية خاضها الكاتب، مع اطلاعه على تجارب الآخرين في رحلاتهم الحجية، المكية والحجازية، باختلاف الأزمنة والتأملات والأمكنة والطرقات…
ووفق منهجية دقيقة، وتصور متقدم للبحث في العلوم الاجتماعية، وضع عبد الرحيم العطري ثلاثة مداخل لكتابه الجديد هذا، أو ثلاث عتبات، بعبارته، وهي التفكير في الحج، والحج مُعَاشًا ومُلاحظًا، ثم جوارات النص الحجي، وصولا إلى مدخل في النقد المنفتح… غايته السوسيولوجية من ذلك هي بناء الفهم التأويلي، الذي يستوجب «عبورا» وانتقالا من عتبة إلى أخرى، لأجل بلوغ المداخل والمسالك المُفْضِيَةِ إلى المعنى المخبوء.
يروم هذا الكتاب تجديد النظر إلى التجربة الدينية من خلال العبور إلى جواراتها السوسيوسياسية والاقتصادية، وذلك في سبيل «تحرير النص الأصلي من عوالقه وشُرَّاحِهِ ومُلاَّكِهِ الذين يستثمرون فيه، ويراكمون مَزِيدَ سُلطاتٍ ورساميل رمزية ومادية، تتحصل لهم، جراء الاستثمار في هذا «الاقتصاد الرمزي».
« نُريد، والحالة هاته، يقول المؤلف، أن نكشف عن شروط انبناء النص الحجي باعتباره «كَوْنًا دلاليا» و»كُلًّا ثقافيا» يستدمج في تاريخيته جملة من الحكايات التأسيساتية والتناصات المعتقدية، ويعكس في الآن ذاته الكثير من التوظيفات والاستعمالات والصراعات الإيديودينية».
ضمن هذا التصور المبتكر، يصدر المؤلف عن أطروحة مفادها أن الدعاوى المطالب المتواترة المتصاعدة بشأن إصلاح الحقل الديني وتجديد الخطاب الديني، والدعوة إلى عدم «تسييس الدين» أو «تديين السياسة»، إنما «تُضمر وتعلن في الآن ذاته، جرحا عميقا في تدبير العلاقة مع الدين والتدين، وتكشف عجزا في مستوى الفهم والتفاوض مع التجارب الدينية وامتداداتها في النصوص المجتمعية. فعندما يرتفع النقاش السوي أو المعطوب، وبكثافة عالية، حول «العلاقة» بالديني في الفضاء العام، فذلك يعني، في ما يعنيه، أن «عُسْراً» في المعنى والمبنى قد ارتفع، وأن «أعطابا» قصوى ستتحدر سُلَالِيًّا من سوء العلاقة والفهم، تماما كما هو الأمر بالنسبة للعنف الإيديوديني، وحالات من «سلطة الدين» و»دين السلطة».