رهانات تعيين مبعوث شخصي أممي إلى الصحراء
![](https://alittihad.info/wp-content/uploads/2020/04/hamid-jmahri.jpg)
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
تجتهد الأطراف المناورة للحق المغربي، في أن تحدد جدول الأعمال، دوليا وقاريا، لقضية الصحراء المغربية.
وتكون مناسبة شهر أبريل فترة مناسبة ستزدهر فيها هذه الميولات الرامية إلى وضع نقط مجلس الأمن الدولي، لأن شهر أبريل هو شهر الصحراء كما هو شهر أكتوبر.. كما أن المتتبع لتصريحات ومجهودات الخارجية الجزائرية، أو لأنصارها، وتحركات الأذرع الأخرى، سيلاحط أنها تروج لأمر أساسي، وتعتبره قضية مصيرية، هي قضية المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة…
آخر باكورة في هذا السجال المتكرر، هو تصريح وزير خارجية إيرلندا، سيمون كوفيني، الذي نقلته وسائل الإعلام الجارة، والذي يقول فيه إن اجتماع مجلس الأمن الدولي حول الصحراء، المقرر شهر أبريل الجاري،» سيشكل فرصة لاستعراض التطورات الأخيرة « مؤكدا على ضرورة »تعيين مبعوث أممي جديد«.
ويتضح من خلال هذه التصريحات ذاتها أن المطلوب من هذا التعيين هو دعم الجهود المبذولة لإعادة إشراك طرفي النزاع في المحادثات التي تسيرها الأمم المتحدة»!
وقلما تجد فصلا بين قضية تعيين المبعوث الشخصي، وبين الإلحاح على طرفي النزاع…
والحال أن الأمم المتحدة تجاوزت ثنائية النزاع، منذ سنتين، على الأقل، من خلال قرارات تكررت مرارا، تتحدد فيها الأطراف المشاركة في المحادثات، باعتبارها رباعية، تشمل، إلى جانب المغرب والبوليزاريو كلا من الجزائر وموريتانيا، وذلك على قدم المساواة.
نقطة أخرى لا تغيب في هذه المناورات هو الأمل في أن تكون الدينامية المرجوة طريقا إلى إعادة قلب المنطق الذي صارت عليه القضية منذ الاعتراف الأمريكي.
الخصوم لا يخفون بأن جلسة مجلس الأمن، التي يقال بأنها ستكون مغلقة، «تكتسي أهمية خاصة» كونها الأولى التي تعقد بعد تسلم الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن مهامها، وفي ظل تزايد الدعوات إلى إلغاء إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب»…
مسألة المبعوث الأممي إلى الصحراء، تم تداولها بين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش ووزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال الاجتماع الافتراضي الذي جمعهما، وحسب الموقع الرسمي للخارجية الأمريكية، فقد طرح وزير خارجية أمريكا »الإسراع في تعيين مبعوثه الشخصي وجدد دعم بلاده لاستئناف المفاوضات السياسية«…
وتعطي الأطراف المناوئة للمغرب أبعادا لم ترد في المحادثات، عندما تكلمت عن دعمه للمفاوضات بين المغرب والبوليزاريو، وهو للأسف، ما تم التقاطه بدون تحر من طرف منابر مغربية، وكان موضوع تعليق غير دقيق، فالصيغ التي وردت في الموقع المأذون والرسمي لا تتحدث عن أطراف، بقدر ما تتحدث عن مفاوضات سياسية، وهو ما يعني العملية التي بدأت من قبل، وكان المبعوث السابق للأمين العام كوهلر قد نجح فيها، وجمع الأطراف الأربعة المحددة في القرارات الأممية في جلسات متعددة…
والنقطة الثانية هي أن الفهم الجزائري يريد أن يربط التعيين بثنائية النزاع، كما ورد في تصريحات الخارجية الجزائرية… فقد دعا وزيرها صبري بوقادوم، يوم السبت، إلى مفاوضات «مباشرة وجدية» بين البوليزاريو والمغرب، والظاهر أنه يريد أن يجعل ذلك نتيجة لوقف إطلاق النار!كما لو أن لسان حاله يقول :عودوا إلى المفاوضات وإلا فإن الحرب ستتواصل ..وهو ما ظهر من خلال تذكيره بوقف إطلاق النار !
وقد كان بوقادوم صادقا في الواقع وهو يفضح نوايا بلاده بالقول »إن المبعوث الشخصي لا يكفي، ويجب أن يكون هناك مسار (…)، وسنواصل القول بضرورة إجراء مفاوضات مباشرة وجدية بين طرفي النزاع ألا وهما المغرب وجبهة البوليساريو«!
وأكد بلينكن، خلال الاجتماع الذي جرى لمناقشة أولويات الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، دعم واشنطن للمفاوضات السياسية…، ولا يزال منصب المبعوث الأممي إلى الصحراء شاغرا منذ استقالة الرئيس الألماني هورست كولر، في مايو 2019…
وكان هناك عشرة مرشحين مقترحين لتولي هذا المنصب لم يكتب لتعيينهم النجاح..
بالنسبة للمنظمة الدولية، فإن الكاستينغ الأممي، هو الذريعة التي تقدمها الأمم المتحدة من خلال ستيفان دوجاريك…
وحسب مصادر متقاطعة، فقد أكد الناطق الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة، »أن البحث عن شخصية مناسبة لتولي منصب مبعوث شخصي أممي إلى الصحراء لا يزال متواصلا «.
وقال دوجاريك خلال الإحاطة الإعلامية اليومية للأمم المتحدة، في منتصف الأسبوع الماضي،» أن تأخر تعيين المبعوث لقرابة السنتين ، «ليس بسبب عدم محاولة الأمين العام، بل ذلك يتعلق بشكل خاص بصعوبة العثور على الشخص المناسب لتولي هذه المهمة««.
الواضح من الصيغ التي عبر بها دوجاريك بأن الأمر ليس منظورا للحل في أفق قريب، بل فيه ما يفيد ضمنيا بأن الشخصية المناسبة طائر نادر وصعب العثور عليه، وهو ما قد يفيد بأن العملية لن تتم في الشهر الذي نحن بصدده، وأن من الممكن أن ينعقد مجلس الأمن حول الصحراء بدون تعيين المبعوث الخاص…
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/04/2021