‮‬للمهندس في‮ ‬علوم الفلك والتوقيت،‮ ‬علي‮ ‬عمراوي‮ ‬حول المراقبة في‮ ‬المغرب : مراقبة الهلال لا تكتفي‮ ‬بالرؤية المجردة،‮ ‬بل‮ ‬يرشدها كتاب‮ «‬التقويم الهجري‮ ‬المغربي‮»‬

‬مع حلول شهر رمضان المبارك من كل سنة،‮ ‬يتجدد الحديث عن أهمية الدقة في‮ ‬رصد الأشهر الهجرية،‮ ‬لاسيما تحديد‮ ‬غ‮ ‬رة شهر الصيام،‮ ‬كما تتجدد الإشادة بما تتمتع به المملكة من مصداقية عالية في‮ ‬رصد الأهلة،‮ ‬كإحدى أفضل الدول في‮ ‬العالم العربي‮ ‬والإسلامي‮ ‬في‮ ‬هذا المجال،‮ ‬حيث لم‮ ‬يسبق أن أخطأت طيلة الثلاثين سنة الماضية في‮ ‬الرصد‮.‬
وفي‮ ‬حوار مع وكالة المغرب العربي‮ ‬للأنباء،‮ ‬أكد المهندس في‮ ‬علوم الفلك والتوقيت،‮ ‬علي‮ ‬عمراوي،‮ ‬أن المملكة راكمت هذه التجربة المرجعية في‮ ‬مراقبة الهلال وضوابطها،‮ ‬من خلال تجارب وخبرة علمائها ومشايخها في‮ ‬التقويم والتي‮ ‬تثبت صحتها،‮ ‬مبرزا أن كل هذه الضوابط أكسبت المغرب شهرة ومصداقية عالمية في‮ ‬هذا المجال‮.‬

 

 ‬معلوم أن المغرب‮ ‬يعتمد في‮ ‬مراقبته لأهلة الأشهر القمرية الرؤية المجردة لنظارة الأوقاف ومقابلتها مع نتائج الحسابات الفلكية،‮ ‬في‮ ‬نظركم لماذا‮ ‬يعتمد على الطريقتين معا؟

يعتمد المغرب في‮ ‬مراقبته لأهلة الأشهر القمرية الرؤية المجردة لنظارة الأوقاف ومقابلتها مع نتائج الحسابات الفلكية،‮ ‬والتي‮ ‬تقوم على آخر التطورات التي‮ ‬توصل إليها علماء الفلك في‮ ‬حساب أطوار الشروق والغروب في‮ ‬أي‮ ‬نقطة من العالم،‮ ‬والتي‮ ‬في‮ ‬غالب الأحيان ما تتطابق مع رصد كل منهما بالعين المجردة‮.‬
وتعد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في‮ ‬المغرب الطرف الرسمي‮ ‬الوحيد المكلف بمعرفة مداخل الشهور الهجرية و الإعلان عنها‮. ‬ويعتمد المغرب في‮ ‬عملية مراقبة الأهلة أساسا على الرؤية بالعين المجردة،‮ ‬فقبيل الثامن والعشرين من كل شهر ت صدر الوزارة بلاغا‮ ‬يحث المواطنين على مراقبة الهلال مع بيان أرقام هواتف الاتصال لإبلاغها بنتائج التحري،‮ ‬وفي‮ ‬يوم التاسع والعشرين قبيل الغروب تجتمع في‮ ‬الوزارة خلية لاستقبال الشهادات بالرؤية أو عدمها‮. ‬وقد اختارت الوزارة مئات الأماكن في‮ ‬جميع أنحاء المملكة‮ ‬يحضر فيها العدول والقضاة للسهر على التأكد من شرعية الشهود المراقبين وتدوين وتوثيق شهاداتهم وتحرير الاستمارات المتعلقة برؤية الهلال أو عدمه‮. ‬وتشارك في‮ ‬هذه العملية القوات المسلحة الملكية حيث تراقب الهلال من خلال مناطق وجودها داخل المملكة‮.‬
فعملية مراقبة الأهلة في‮ ‬المغرب لا تكتفي‮ ‬بالرؤية المجردة،‮ ‬بل‮ ‬يساعد في‮ ‬عملية تدقيق المراقبة الميدانية ويرشدها كتاب‮ «‬التقويم الهجري‮ ‬المغربي‮»‬،‮ ‬الذي‮ ‬تصدره الوزارة مسبقا كل سنة والذي‮ ‬يحتوي‮ ‬على معلومات فلكية من ضمنها مواصفات الهلال ومكان وجوده في‮ ‬السماء الغربية‮. ‬كما‮ ‬يحتوي‮ ‬الكتاب على تفاصيل حساب إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة،‮ ‬ويستند في‮ ‬ذلك على مصدرين هامين؛ أولهما ما توصل إليه الفلكيون المسلمون طوال القرون الماضية والتي‮ ‬بينت التجربة صحتها ونجاعتها،‮ ‬وثانيهما ما توصلت إليه الأبحاث الفلكية المعاصرة في‮ ‬حركتي‮ ‬الشمس والقمر‮.‬

 

 ‬كيف راكمت المملكة هذه الدقة ا لتي‮ ‬تمتاز بها مراقبة الأهلة؟

إن عملية مراقبة الأهلة في‮ ‬بعض الدول الاسلامية قد تسقط في‮ ‬بعض الأحيان في‮ ‬أخطاء تحديد مداخل الشهور القمرية،‮ ‬بحيث تم تسجيل خطأ الرؤية في‮ ‬العديد من الدول الإسلامية‮. ‬وقد أثبتت المنهجية المتبعة من قبل المغرب،‮ ‬الذي‮ ‬يتحرى جميع أهلة الأشهر الهجرية بشكل رسمي‮ ‬في‮ ‬أكثر من‮ ‬270‮ ‬نقطة مراقبة على امتداد تراب المملكة،‮ ‬فعاليتها ونجاعتها طوال العقود الماضية،‮ ‬وهو ما أكسب المغرب،‮ ‬سمعة طيبة ومصداقية كبيرة في‮ ‬رصد الأهلة‮.‬
والنتيجة أن المغرب لم‮ ‬يعلن بشكل رسمي‮ ‬رؤية للهلال خالفت ما‮ ‬يقرره الحساب القطعي،‮ ‬مما‮ ‬يجعل نسبة الشك في‮ ‬المنهجية المغربية لرصد ومراقبة الهلال شبه منعدمة أو منعدمة أصلا‮. ‬وبخصوص تأخر الإعلان عن رؤية الهلال من عدمه في‮ ‬بعض الأحيان،‮ ‬أوضح المتخصص في‮ ‬علم الفلك أن السبب في‮ ‬ذلك هو امتداد مجال التحري‮ ‬وتعدد نقط المراقبة،‮ ‬فإذا كانت الرؤية واضحة،‮ ‬يرى لفيف من الشهود الهلال في‮ ‬وجدة،‮ ‬أول نقطة التحري‮ ‬غروبا للشمس فتكتفي‮ ‬الوزارة بشهادتهم،‮ ‬وتعلن فورا ثبوت الرؤية دون انتظار نتائج نقط المراقبة الأخرى‮.‬
وبالعكس إذا كانت الرؤية عسيرة أو ممتنعة،‮ ‬يتم انتظار آخر نقطة‮ ‬يغرب فيها الهلال‮. ‬فمثلا في‮ ‬أشهر الصيف‮ ‬يتأخر‮ ‬غروب الشمس بالداخلة عن‮ ‬غروبها بوجدة بما‮ ‬يقرب من نصف ساعة‮.‬

 

هل‮ ‬يمكن الحديث عن مشروع إسلامي‮ ‬من أجل مراقبة موحدة للأهلة؟

في‮ ‬كل سنة،‮ ‬يتجدد الجدل حول محاولة التوحيد بين مداخل الشهور الهجرية بين الدول الاسلامية،‮ ‬حيث انعقدت عدة مؤتمرات لمحاولة التوحيد وعلى الرغم من ذلك لا‮ ‬يزال هناك اختلاف كبير في‮ ‬مداخل الشهور قد‮ ‬يصل في‮ ‬بعض الأحيان لثلاثة أيام‮ !‬
فآراء الفقهاء والفلكيين انقسمت في‮ ‬هذا الإطار إلى ثلاث مجموعات،‮ ‬الأولى لا تعتبر إلا الرؤية،‮ ‬ولا تولي‮ ‬أية أهمية للحساب كيفما كان نوعه ومن هذه المجموعة من‮ ‬يجيز رصد الهلال باستعمال المناظير المكبرة والتلسكوب‮.‬
والمجموعة الثانية،‮ ‬لا تعمل بالرؤية ولا تعتبر إلا الحساب الفلكي‮ ‬في‮ ‬مداخل الشهور‮. ‬والكثير من مكونات هذه المجموعة‮ ‬يستعمل في‮ ‬الحساب الفلكي‮ ‬المذكور معايير لا تؤدي‮ ‬إلى الرؤية بالعين المجردة‮. ‬أما الثالثة فهو مذهب من‮ ‬يستعمل الحساب لنفي‮ ‬الرؤية فقط لا لإثباتها‮. ‬ونلاحظ أن لكل واحد من هذه المذاهب حجته الفقهية وعلماء وفقهاء‮ ‬يجيزونه،‮ ‬ويدافعون عنه‮.‬
ومن المعلوم أن هذه المؤتمرات وإن لم تنجح إلى الآن في‮ ‬توحيد بداية الشهور الهجرية،‮ ‬فإنها أسفرت عن نتائج إيجابية من ضمنها ظهور ضعف في‮ ‬المناهج التي‮ ‬كانت تسلكها بعض الهيئات فوقع إصلاحها،‮ ‬بحيث أصبح الفرق حاليا لا‮ ‬يتعدى‮ ‬يوما واحدا بين مداخل الشهر الهجري‮ ‬على الصعيد الدولي‮.‬


الكاتب : ‮‬أجرت الحوار‮: ‬هناء ضاكة

  

بتاريخ : 14/04/2021