بيت لحم مهد الحضارة والتاريخ عاصمة الثقافة العربية

سري القدوة

 

يشكل اختيار بيت لحم عاصمة للثقافة العربية خطوة مهمة لإعادة الاعتبار التاريخي لمدينة بيت لحم الفلسطينية، وتلك الرسالة الحضارية التي تحملها من عبق التاريخ ومعاني الخلود والبقاء والمشاعر الإنسانية والروحية حيث تشكل بيت لحم جوهر التكوين الإنساني وتحمل رسالة المحبة والسلام من بلد يخضع لأطول احتلال عنصري يعرفه العالم.
اختيار بيت لحم لتكون عاصمة للثقافة العربية يأتي للتأكيد على أصالة وحضارة الهوية الثقافية الفلسطينية، وهي رسالة فلسطين إلى عمقها العربي والدولي في ظل كل التحديات التي تعصف بالمنطقة العربية وبرغم حجم الألم، الذي يلحق بالشعب الفلسطيني إلا أن إصرار فلسطين علي النهوض من بين الرماد، هو عنوان دائم للعطاء والاستمرار في الصمود في القدس وبيت لحم وكل مدن فلسطين إلى أن ينتهي الاحتلال والظلم واغتصاب الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وتتحقق الحرية والأمل والسلام، وتبزغ شمس الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها الأبدية القدس، ويتحقق الحلم الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
من أرض السموات والرسل إلى البشرية تحملها الرسالة الحضارية للعاصمة الثقافية العربية من بيت لحم من بيت المسيح عليه السلام تتشكل محورية التكوين الثقافي وما يعانيه الشعب الفلسطيني جراء ممارسات الاحتلال القمعية، ومن على بوابات المدينة الهادئة وحواجز الاحتلال التي تحاصرها والملاحقة اليومية لأهلها والمعاملة العنصرية وممارسة الكراهية لتحرم سكانها من ممارسة أبسط حقوقهم المعيشية وتقهرهم بفعل هذا العدوان الاستيطاني، الذي يحاصر المدينة ويلتف حولها ليخنقها.
ويشكل اختيار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» أهمية بالغة ودورها في إطلاق فعاليات بيت لحم عاصمة الثقافة العربية 2020، بعد أن تأجل لعام كامل بسبب انتشار وباء الكورونا، الذي ندعو الله العلي القدير أن يتخلص العالم منه ومن آثاره في القريب العاجل، ونثمن عاليا وفي هذا المجال تلك الجهود المشرفة التي تقوم بها المنظمة من أجل التأكيد علي الهوية الحضارية لشعب فلسطين ورسالتها المهمة لتوحيد الجهد العربي وتعزيز الثقافة ونشر المعرفة والوعي الثقافي والمساهمة في تعزيز التعاون والتبادل الفكري واحترام الرأي والرأي الآخر والممارسة الديمقراطية الهادفة إلى بناء الإنسان القادر على تخطى الصعاب والوصول إلى الأهداف والقيم العربية الأصيلة، وشكلت الهوية الثقافية والحضارية للشعب الفلسطيني في فلسطين على مر التاريخ والعصور وكانت فلسطين هي الأسبق على الإطلاق في انتشار الوعي والثقافة والحضارة حيث الاهتمام الكبير بنشر كتابات المثقفين الفلسطينيين إضافة إلى ما ينتجه الكثير من المثقفين وكبار الكتاب والشعراء والأدباء العرب المناصرين للقضية الفلسطينية.
إطلاق فعاليات بيت لحم عاصمة الثقافة العربية من مدينة المحبة والسلام والإخاء يحمل الكثير من المعاني، ومن أهمها رسالة ميلاد ومسيرة سيدنا المسيح عليه السلام في مدينتي القدسِ وبيتِ لحم، التي هي مصدر إلهام ثقافي وروحي وإشعاع حضاري بمبادئ كرامة الإنسان والعدالة والتسامح بين جميع شعوب الأرض، وعلى الرغم من المعاناة والظلم والقمع جراء الاحتلال العسكري الغاصب لأرضنا ومقدساتنا المسيحية والإسلامية إلا أن الشعب الفلسطيني مصر على أن يمضى قدما للاحتفال بمدينة بيت لحم كعاصمة للثقافة العربية، وإطلاق هذه الرسالة التي تحمل مشاعر الفرح والسلام والوحدة والتسامح إلى بقية شعوب العالم، وبكل قوة وإيمان بحتمية الانتصار سنواصل الكفاح من أجل تحقيق العدالة والكرامة والحرية، وتجسيد الدولة المستقلة لشعبنا الصامد ليعيش حرا في سلام على أرضه وأرض أجداده.

سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 19/04/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *