صدر كتاب ” الانقسام اليهوديّ حول إسرائيل: بين المعارضين والمؤيدين”، وهو مجموعة من المقالات اشترك في جمعها وتحريرها بول بوغدانور وإدوارد ألكسندر أستاذ الإنجليزية في جامعة واشنطن وصاحب عديد المؤلفات.
حول الكتاب أجرى جيمي غلازوف من «فرونت بيج ماغزين» الأمريكية حواراً مع إدوارد ألكسندر.
n برأيك ما هو السبب الذي جعل عددا كبيرا من اليهود يتحوّلون إلى أعداء للدولة اليهودية؟ متى بدأت هذه الظاهرة بالتحديد؟ وما هي دوافعهم الحقيقية؟
ppافترضَ عدد كبير من المفكّرين اليهود منذ وقت طويل أنّ اليهودية والليبرالية وجهان لعملة واحدة أو أنهم اعتقدوا بأنّ اليهودية تسير على منهج ثابت من السياسات اليمينية إلى السياسات الليبرالية واليسارية في إسرائيل وصولاً إلى الجناح اليساري من الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية. لقد كان معظم الليبراليين اليهود يؤازرون (أو على الأقل يقبلون ضمناً) وجود دولة إسرائيل طالما كان وجودها يتناغم مع مثلهم الليبرالية، سيماً في سنوات ما بعد المحرقة. لكنّ حرب حزيران غيّرت هذا كله. وبات لزاماً على المفكّرين اليهود أن يختاروا بين الإبقاء على ” نقاء” مثلهم الليبرالية أو الدفاع عن الدولة اليهودية المطوقة.
ما حدث أنّ العرب أثبتوا ذكاءً أكبر في حرب الأفكار منه في حرب البنادق. إذ أسقطوا شعارات شأن تدمير إسرائيل أو تحويلها إلى مجرد أنقاض. كما أعادوا تعريفهم للصراع بين العرب وإسرائيل بحيث بات مطلبهم هو البحث عن وطن للعرب الفلسطينيين المشرّدين. لقد مارس هذا التغيير الجذريّ في خطابهم سحره الكبير على الليبراليين عموماً وعلى الليبراليين اليهود على نحو مخصوص. وكلّما كرّس الرأي العام ”التقدّمي” صورة إسرائيل السلبية التي سببتها الأخطاء المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل، تاق المفكرون اليهود للهروب من العار الذي لحق بهم جراء اقترانهم بالدولة الإسرائيلية والصهيونية.
إن من يقرأ الهجوم الذي يطلقه المفكرون اليهود ضدّ إسرائيل سوف يلاحظ ترديدهم اللافت لعبارتي “العار” أو “الإحراج” اللتين يسمعان على نحو متواصل في حفلات الكوكتيل أو في ردهات الكليات التي يدرّسون فيها. وأما الجبن الشديد من دون ريب هو دافعهم للشعور بالخجل والعار. ثمّة دافع آخر لعدد كبير منهم – وهذا ما يثير دهشتي- حلّله ألفن روزنفيلد على نحو واضح في مقالته ” هزيمة المفكّر اليهودي الحديث” التي قدّمنا بها كتابنا.
يعتمد التأثير الذي أحدثه اليهود المعارضون لإسرائيل بشكل كبير على أنّ معظمهم كيهود جعلوا إسرائيل على صورة شيطان. وبما أنّ الدين والإرث لا يعنيان لهم سوى القليل، فإنّ تحويل إسرائيل إلى صورة شيطان هي التي تجعل منهم يهوداً. فبالنسبة لهم لم يعد القول الذي جاء على لسان حاييم حزاز في عام 1942 ” عندما لا يستطيع المرء أن يكون يهودياً، يصبح صهيونياً” صالحاً. إذ تحول عندهم ليصبح: ” عندما لا يستطيع المرء أن يكون يهودياً، يصبح معادياً للصهيونية”. كما أنهم جهروا معتمدين على خيلائهم الشخصية وإثنيتهم، بمثلهم و” يهوديتهم” النقية من خلال الإعلان عن أنفسهم بأنهم إلى جانب دولة يهودية مسالمة.
n كيف استطعت أن تحدّد اليهود المعارضين لإسرائيل وتجمعهم في كتابك هذا؟
pp لم تكن مهمّة سهلة على الإطلاق. فنطاق البحث كان كبيراً جدّاً. ولسوء الحظّ هناك عدد كبير من اليهود المعادين لإسرائيل ممّن يخطبون ويكتبون في هذه الأيام ما يقتضي موسوعة كاملة لتغطيتهم. حاولنا المضيّ خلف أصحاب الأتباع الأكثر والنفوذ الأكبر. فتشومسكي مثلاً يتحكّم بجماهير واسعة ليس بالمئات بل بالآلاف (سيما في أوروبا). وهناك نورمان فينكلشتين ذراعه اليمنى والذي راجت كتاباته في ألمانيا، رغم أنّ العديد من الدارسين بمن فيهم دارسون ألمان، عدّوا كتاباته غير جديرة بالقراءة.
لقد قرّرنا بعد تردّد أن نفرد مقالة لإسرائيل شاحاك رغم أنه اليهوديّ الذي حاز على أكبر إعجاب في تاريخ العداء للسامية ولأنه كذلك. وكما يعلم الجميع فالصحافة الإنجليزية تروّج لأعماله، حتى أنّ صحيفة مثل الغارديان وهي المشهورة بعدم تعاطفها مع اليهود تنشر أعماله على حلقات. لا يحتاج المرء إلى المضيّ بعيداً في قراءته لشاحاك ليعرف بأنّ الرجل معتلّ العقل وهو الذي شقّ طريقه من خلال إعادة إنتاج الدعاية النازية عن اليهود واليهودية. وكان لزاما علينا أن نورده في الكتاب بسبب تواتر ذكره على ألسنة معادين متحمّسين ضدّ إسرائيل من أمثال ألكسندر كوكبرن والراحل إدوارد سعيد. وحتى البي بي سي والإن بي إر4 عدّتا أنه من المناسب إبراز حملاته المعادية للصهيونية واليهودية والمحرقة. لكن ورغم كل شيء، أليس هو إسرائيليا، ويهوديا، وناجيا من المحرقة؟
أودّ هنا أن أعبّر عن أسفي أنا وبغدانور لأننا أغفلنا ذكر العديد من المعادين لإسرائيل في كتابنا هذا. أو تعلم؟ غالباً ما نتخيّل إحباطهم وهم يفتّشون في الكتاب عن أسمائهم ولا يجدونها. ولهم نقدّم اعتذارنا.

